في قارة آسيا التي تحتضن أكثر من نصف سكّان العالم، وتجاورت فيها حضارات قديمة عديدة امتدّ تأثيرها حتى اليوم، لا يمكن أن تُجمع التعبيرات الفنية في فضاء أو سياق تاريخي واحد، بالنظر إلى وجود خصوصيات ثقافية تحكم كلّ إقليم دون أن يمنع ذلك من تفاعله مع الأقاليم الأخرى.
مسألة أساسية ظلّت محور اهتمام الباحثين الغربيين، وتتمثّل في استمرار الحرفة كنمط إنتاج وشكل فني في معظم الثقافات الآسيوية بدرجات متفاوتة، وظلّ الحرفي/ الفنان حاضراً بمنسوجاته وزخرفاته ومنحوتاته وجدارياته وخزفياته حتى وقت قريب.
حتى نهاية العام الجاري، يتواصل في "المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة" في عمّان معرض بعنوان "فن معاصر من آسيا"، والذي افتتح في الثالث من الشهر الجاري بمشاركة مئة وسبعة وثلاثين فناناً من عشرين بلداً آسيوياً تمثّل أعمالهم الـ 177 المجموعة الدائمة للمتحف.
تتوزّع الأعمال المعروضة على مختلف مجالات الفنون التشكيلية من رسم، وطباعة، وتصوير فوتوغرافي، ونحت، وخزف، وإنشاءات فراغية من إيران والهند وباكستان وبنغلادش والصين وتايون واليابان وكوريا الشمالية وتايلاند والفلبين وماليزيا وأندونيسيا، إلى جانب أرمينيا واذربيجان وطاجيكستان وتركمنستان وأوزبكستان وكبردينو بالكاريا، ومنغوليا وبروناي.
يتميز المعرض بأنه "يجمع ما بين الفنون التقليدية مثل المنمنمات وفنون الخط، وبين الفنون الحديثة والمعاصرة، حيث يتناول الفنانون مواضيع وتقنيات متعددة ضمن اتجاهات الفن الحديث، مثل الواقعية والتعبيرية والسريالية والتجريدية والتكعيبية، وفنون ما بعد الحداثة"، بحسب بيان المنظّمين.
من بين المشاركين: الفنان البنغلاديشي عبد الشكور شاه الذي يستحضر في أعماله ميثولوجيا بنغالية قديمة يقدّمها في زخارف شعبية تظهر فيها عادة الطاووس والببغاوات والفيلة والثيران والقطط والنمور والأفاعي والسحالي.
وتقدم الفنانة الهندية أمينة أحمد أهوجا رسوماتها وحروفياتها المستوحاة من نصوص شعرية باللغة الأردية، إضافة إلى اهتماماتها البحثية في تاريخ الفن واللغة، حيث أصدرت كتاباً بعنوان "الخط في الإسلام" عام 2009.
أما الفنان الماليزي يانغ لوك لام، فيركّز اهتمامته على التحولات العمرانية في المدن الحديثة والأرباف في أعماله التي ينفّذ معظمها بالألوان المائية، والفنانة الباكستانية ليلى شهزادة التي أعادت إحياء العديد من الأيقونات في الحضارات الهندية القديمة، وتحضر فيها المرأة بشكل أساسي.
ويحضر الفنان الصيني هوانغ كوانغ نان التي تحتشد في أعماله مفردات من الطبيعة والزخارف التقليدية الصينية في أسلوب تجريدي تعبيري، والفنان الأرمني الإيراني ماركوس غريغوريان الذي تعدّدت إبداعاته بين الأعمال الإنشائية والمنحوتات والرسم، في محاولة لتصوير حياة القرية في إيران وجانباً من الثقافة الأرمنية الشعبية.