"فضيحة النمسا" نقطة تحوّل في انحراف أوروبا

19 مايو 2019
كورس فك تحالفه مع كريستيان شتراخه (رونالد شلاجر/فرانس برس)
+ الخط -

أفردت بعض الصحف الألمانية، اليوم الأحد، العديد من التعليقات حول الفضيحة المدوية التي هزت الحزب اليميني الشعبوي وزعيمه نائب المستشار النمساوي، هاينز كريستيان شتراخه، والتي تُرجمت بإعلان المستشار النمساوي سيباستيان كورس، أمس السبت، عن فك التحالف الحكومي معه وإعلانه عن انتخابات جديدة.

وتداولت المؤسستان الإعلاميتان الألمانيتان العريقتان "دير شبيغل" و"زود دويشته تسايتونغ"، أخيرا، فيديو يظهر فيه شتراخه يعد امرأة روسية ثرية في جزيرة إبيزا الإسبانية بمنحها عقودا وصفقات في بلاده مقابل دعمها لحزبه في حملته الانتخابية عام 2017.

شبكة "إيه آر دي" الإخبارية ذكرت أن شتراخه "وضع الفخ لنفسه"، لتضيف أن "الشذوذ" الذي أظهره نائب المستشار النمساوي في الفيديو المصور سرا هو "دليل آخر على وجود سياسيين في حزب الحرية يريدون جعل وسائل الإعلام مثيرة للجدل، وتظهر هذه البيانات أنه كان مستعدا لبيع دولة القانون"، مضيفة أن "حل المستشار كورس للتحالف أمر حكيم". 

 

وبالنسبة للانتخابات الجديدة التي أعلن عنها أمس، قالت الشبكة إنه "يمكن أن يستفيد كورس من الناخبين المحافظين الذين سوف يبتعدون الآن عن الحزب اليميني الشعبوي، مع احتمال أن لا يكون الشعبويون في الحكم بعد الانتخابات، في سبتمبر/أيلول المقبل، وهذه ستكون إشارة إلى ما بعد النمسا"، مبرزة: "حتى الآن في أوروبا، يبدي حضور الأحزاب القومية والشعبوية أنها مهووسة بالتاريخ، وتريد تعريف سيادة القانون لصالحها (..) تستطيع النمسا الآن إرسال إشارة واضحة إلى أنها قادرة على تحرير نفسها من هذه الدوامة".

وشددت على أن "هذا لن يكون نقطة تحوّل لأوروبا، لكنها إشارة أمل إلى أن الدولة الأولى لديها القوة للابتعاد عن السياسيين والأحزاب المناهضة للديمقراطية، في ظل كل المؤشرات التي تتحدث عن إمكانية تراجع التأييد لها قبيل الانتخابات الأوروبية المقررة الأحد المقبل".

أما صحيفة "دي فيلت" فكتبت أن "فضيحة فيديو شتراخه استراتيجية تتقنها المخابرات الروسية"، مضيفة أن "ما حصل تجاوز الطبيعة الأخلاقية والسياسية. تصوير نائب المستشار النمساوي بلغة المخابرات الروسية هي كومبرومات، أي أن الروس أتقنوا تكتيك إنشاء مواد تجرّم الأعداء لإخراجها من الدرج في اللحظة المناسبة".

وأشارت "دي فيلت" إلى أنه "تم حفظ الفيديو لعامين لعرضه قبل الانتخابات الأوروبية مباشرة، وحيث تخلت وسائل الإعلام عن منافسة بعضها سعيا نحو الهدف الأسمى. والأكيد أن التحضيرات تطلبت استثمار علاقات وكسب ثقة، وعلى فترة ليست بقصيرة من الزمن، من استئجار الفيلا في إسبانيا، وتقديم تكنولوجيا المراقبة، كل ذلك يكلف المال والوقت والجهد".



كما بيّنت الصحيفة أن "تضحية هاينز كريستيان شتراخه الذاتية لا تغير من حقيقة أنه غير مناسب فقط لمنصب نائب المستشار، بل يمثل خطرا على بلده. وعلى أية حال، فإن الطريقة التي خرج بها من منصبه تسمح له بأن يقول إنه استقال لأنه محاصر، وليس لأنه شعبوي يحقر الديمقراطية ويخطط لإلغاء التنوع الإعلامي"، مبرزة أن "الأمر لم ينته بعد، ويعمل المحررون في العديد من البلدان على تفاصيل أكثر حول تصوير هذا الفيديو".

أما صحيفة "فرانكفوتر الغماينه تسايتونغ" فكتبت أن "ما فعله شتراخه مزيج من الغباء والجنون"، مضيفة أن "شكل شتراخه يكفي فقط لبيغ برازر (برنامج من فئة تلفزيون الواقع)، مع ما يظهره الفيديو، رجلان وامرأة يتسكعون في ملابس غير رسمية، شرب وتدخين ومحادثات... وما هو المسحوق الآخر الأبيض الموجود على الطاولة". 

وأوضحت: "يبدو أن نائب المستشار النمساوي وقع في الفخ، وكان كله أمل في تحقيق هدفين: إقناع الثرية بالاستثمار بربع مليار دولار في صحيفة "كرونن تسايتونغ" المعروفة، والسيطرة عليها، ومن ثم الفوز في الانتخابات الوطنية. بعد كل شيء، يتعلق الأمر بالمؤامرة الناجحة"، قبل أن يخلص كاتب المقال كلاوديوس زايدل إلى نتيجة بقوله: "ما هي إلا خطة جيدة".

المساهمون