وأكدت صحيفة "فايننشال تايمز"، في تقرير لها اليوم، أن عملية "التطهير" التي قادها ولي العهد السعودي بثت حالة من عدم اليقين بين المستثمرين الذين يخشون من توسع الحملة ضد قادة الأعمال في المملكة.
ويقول المصرفيون إنه بالرغم من أن الانكماش الاقتصادي والاضطرابات الجيوسياسية الإقليمية قد أدت بالفعل إلى هروب رؤوس الأموال من المملكة على مدى السنوات القليلة الماضية، إلا إن هذه التطورات الأخيرة ستسرع وتيرة التدفقات الخارجة من السوق.
"اعتقال الأمير الوليد بن طلال... من شأنه أن يضعف الاهتمام الدولي بالاستثمار في رؤية ولي العهد لعام 2030 التي جعلت من القطاع الخاص غير النفطي المحرك الجديد للاقتصاد"، هذا ما قاله ديفيد أوتاواي، من مركز ويلسون في واشنطن.
وتأتي عمليات الاعتقال في وقت حرج للسعودية التي تستعد لبيع أسهم شركة أرامكو السعودية، وهي شركة النفط الحكومية، في أكبر اكتتاب عام أولي في التاريخ. وتعتزم المملكة بيع نحو 5% من شركة أرامكو في العام المقبل كجزء من خطة الإصلاح التي وضعها ولي العهد. ويعتقد بعض المحللين أن الشركة يمكن أن تكون قيمتها تريليوني دولار.
كما تأتي هذه الحملة بعد أيام قليلة من مشاركة المئات من الممولين وكبار العاملين في الصناعة والترفيه في مؤتمر استثماري في الرياض. وكان هذا الحدث الذي أطلق عليه اسم "دافوس في الصحراء"، هو الخطوة الأخيرة التي اتخذتها السعودية لاجتذاب وتشجيع رأس المال الأجنبي والتعاون مع القطاع الخاص للنهوض بالإصلاحات الاقتصادية للدولة الخليجية.
وشددت هيئة ترويج الاستثمار في البلاد على أن لجنة مكافحة الفساد ستخلق مجالا متكافئا للمستثمرين. وقال إبراهيم العمر، محافظ الهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية، في بيان الأحد: "إن هذا دليل واضح على أن المملكة مستعدة لحماية استثمارات الشركات والأفراد".
لقد عانى الاقتصاد السعودي، وفق فايننشال تايمز، لعقود من الزمن من الفساد، مع وجود رشاوى في العقود الحكومية يرافقها توسع نفوذ التكنوقراط الذين يسيئون استخدام سلطاتهم لتحقيق مكاسب مالية. وقد اشتكت الشركات من هذه السلوكيات في السابق.
من جهته، قال جيوفاني ستونوفو، محلل السلع في أوبس لإدارة الثروات، إن أي تحرك سياسي غير متوقع "غير مرغوب فيه" من قبل التجار في القطاع النفطي. وأضاف "من المحتمل أن يطلب المشاركون في السوق مخصصات مخاطر إلى حين اتضاح تطور الوضع السياسي".
ومع ذلك، اعتبر ستونوفو وغيره من المحللين أنه من غير المرجح حدوث أي تغيير في السياسة النفطية قبيل اجتماع مسؤولي الطاقة داخل أوبك وخارجها في وقت لاحق من هذا الشهر.
ومن المتوقع أن يمدد الوزراء اتفاقية لخفض الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا خلال عام 2018، حيث يسعى المنتجون إلى خفض المخزون وتعزيز الأسعار. ولتحقيق التحول الاقتصادي في المستقبل، تحتاج المملكة إلى ارتفاع أسعار النفط، وقال المسؤولون إنهم يستهدفون سعر النفط بنحو 60 دولارا للبرميل.
وكان خام برنت، وهو المعيار الدولي، قد تجاوز هذا المستوى للمرة الأولى منذ عامين منذ تسعة أيام. وبعد تراجع السوق لمدة ثلاث سنوات، من شأن ارتفاع الأسعار أن يخفف من الضغوطات ويضمن تقييما أعلى لشركة أرامكو.
وقال ياسر الجندي، المراقب السعودي في مجالات الطاقة، إنه من غير المحتمل أن تغير المملكة استراتيجية الإنتاج مع ارتفاع الأسعار حاليا إلى أكثر من 60 دولارا للبرميل نظرا لاعتمادها على الانتعاش في الإيرادات لتمويل عمليات الإصلاح.