"ضَلال": أربعة أصوات من الفن العُماني الحديث

22 ديسمبر 2018
(حسن مير، من المعرض)
+ الخط -

أسئلةٌ كثيرة تؤرّق الإنسان في صراعه مع ذاته ومع الآخر. غالباً ما يحاول أن يُخضعها بأدوات الفكر واللغة، ولكن مع تطوّر التقنيات وتداخلها بالفن، صار ممكناً توظيف الأخيرة في اشتباكه مع أسئلة كهذه.

نجد أثراً من هذه الأسئلة في المعرض المقام حالياً في "صالة ستال للفنون المعاصرة" في مسقط، بعنوان "ضَلال"، ويضمّ أعمال أربعة فنّانين عُمانيين هم: حسن مير، وصفاء البلوشي، ورقية عبد المجيد، ورهام نور. ورغم أن عنوان المعرض يُحيل إلى مفهوم ديني، إلّا أن الأعمال المعروضة أبعد ما تكون عن الدخول ضمن هذه الرؤية، بل تُحيل أساساً إلى قلق الإنسان المعاصر.

وظّف مير المقطع الشعري "سماء تمطر دماً ورصاصاً" من قصيدة "متاهة" للشاعر العُماني سماء عيسى باستخدام إضاءة النيون، ووضع بجانب هذا العمل مجموعة فوتوغرافية بأحجام كبيرة لموتى تحت ركام بيوت مهدّمة.

أمّا البلوشي، فاستخدمت الرمل والصور الفوتوغرافية والفيديو لتُجسّد فكرة صراعها الشخصي مع المجتمع، في حين قدّمت عبد الله عملَين من خلال فن الفيديو، مشتغلةً بالخصوص على عالم الكوابيس.

أمّا نور فأطلقت صرخة في وجه الحروب من خلال ثلاثة أعمال، منها رصاصة مجمّدة في الفضاء تدور على محور قائم، وتنفثُ بسأم عبارةَ "الحرب تجارة، لا تُشن من أجل الحرية ولا من أجل الديمقراطية ولا من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان ولا من أجل إنقاذ أي شخص"، وهو عمل يجتهد في تعرية سيل من الأكاذيب التي تُبَثّ في الخطابين السياسي والإعلامي، كدعوةٍ إلى وقف الحروب المجّانية والعبثية.

من أعمال صفاء البلوشي

من أعمال صفاء البلوشي في المعرض فيديو أنجزته من خمس دقائق جرى تصويره في بيت مهجور في ضواحي مسقط، يصوّر امرأتين تهيلان التراب على امرأة محبوسة في صندوق زجاجي.

عن هذا العمل، تقول الفنّانة العمانية، في حديث إلى "العربي الجديد": "هو عبارة عن صراع مع موجة رمال الأفكار السائدة، دعوة لعدم استسلام المرأة ومواصلة صراعها مع مجتمع يسعى إلى تهميشها، ليس من قِبل الرجال فحسب، بل من النساء أيضاً".

تضيف: "استخدمتُ الرمل كمادة خام في عملي، باعتباره مادة ثقيلة. يبدأ من مجموعة ذرّات ومع تكاثفه يصبح ثقيلاً، وشيئاً فشيئاً يَدفن الإنسان الذي يصبح غير متأكّد إن كان هو على صواب أم المجتمع. هذا العمل هو أيضاً محاولة لأجد ذاتي كامرأة مستقلّة الأفكار".

من أعمال رقية البلوشيمن جهتها، تشير رقية عبد المجيد، في حديثها إلى "العربي الجديد"، إلى أن عمليها المعروضَين كانا نتاج تجربة شخصية عاشتها لمدة أربع سنين وخرجت منها بذكريات لا تزال عالقة في ذهنها.

تقول: "استخدمتُ فيهما تقنية الفيديو والغرافيك من أجل التعبير عن فكرة التخلُّص من "جاثوم" (كابوس) لازمني طويلاً. ضوّعتُ الكوابيس في صندوق واستخدمتُ مادّة الحديد الثقيلة لأكتم أنفاسه كما فعل معي طويلاً". تضيف: "أشعر أنني نجحت في حبس "الجاثوم"، ممّا خلّصني من الضَّلال الذي عشتُه، وذلك من أدوار الفن".

دلالات
المساهمون