"شارع شيكاغو" هو عنوان العمل الذي بدأ تصويره المخرج محمد عبد العزيز مع بداية شهر آذار/ مارس على أمل أن يلحق بركب الموسم الرمضاني 2020، لكن أزمة كورونا حالت دون ذلك، حيث توقف التصوير بشكل تام بسبب الفيروس ليعودَ بعدها، ويصدُر قرارٌ حكومي قبل رمضان بأيام لاستكمال الأعمال المتوقفة، لكم رغم ذلك خرج المسلسل من الموسم الرمضاني مع أن حماس الجمهور كان كبيراً في انتظار العمل، لما فيه من تفاصيل مهمة وجديدة وجديرة بأن تُعرَض على الشاشة. وقبل أيام تم الإعلان عن بدء عرض العمل على شاشة مشفرة بتاريخ 26 تموز / يوليو، وبالتالي فإن العمل سيصبح متاحاً لمشاهدته مسرباً على الإنترنت.
عدة عوامل تجعل من "شارع شيكاغو" مادة دسمة وناجحة، فنحن أمام مخرج مهم وصانع للسينما السورية برؤية مختلفة، وهو محمد عبد العزيز الذي كانت كاميراه مميزة عن غيرها، وخلقت بصمة خاصة فيها. فقد أطلق المخرج منذ قرار تصويره لأول عمل تلفزيوني له وهو "ترجمان الأشواق" شِعار "السينما في بيتك"، في رسالة لإيصال العدسة السينمائية إلى عين المشاهد كي يتلقفها من رؤية محترفة. وكان عبد العزيز قد قدّم في السينما أهم الأفلام السورية منها "نصف ملغ نكيوتين" و"المهاجران" و"حرائق"، وحصدت الكثير منها جوائز عديدة في مهرجانات مختلفة. أما عن عمله الأول "ترجمان الأشواق"، فقد تعرّض لمقص رقابة حاد ومشاكل عدة أخّرت عرضه موسمين. ما جعل صنّاع العمل يناشدون الصحافة والقنوات لحل هذا الخلاف الذي ابتدعه زياد الريس، بحكم أن العمل بعيد عن آلية تفكير المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني رغم أنه من إنتاجها!
لكن العمل، ورغم القَص، لاقى صدىً مهماً في الشارع السوري. ورغم تزامن عرض مسلسل محمد عبد العزيز الثاني وهو "صانع الأحلام" معه، وانتشار الأخير على عدة قنوات عربية، إلا أن "ترجمان الأشواق"، شكّل حالة خاصة ومختلفة لدى المشاهد السوري لما فيه من تأثير على قلوب الناس بحكم تصويره داخل دمشق. وهذا ما قد يحصل في "شارع شيكاغو"، فنحن أمام العمل الثالث لهذا المخرج السينمائي، والذي يتحدث فيه عن فترة الستينيات من القرن الماضي، بأحداث داخل شارع حقيقي اسمه شيكاغو داخل دمشق ذهبت ملامحه حالياً، لكن بقيت ذكرياته وآثاره. فهو شارع صغير كان مليئاً بالتناقضات والبارات ومرتعاً للحوارات الثقافية والنقاشات السياسية، ومن ثم تمتد الحقبة حتى أيامنا هذه كاشفةً عن خيوط جريمة قديمة تتضح ملامحها بعد سنين من الضياع. الفكرة بحد ذاتها مغرية، فنحن سنكون في شارع مختلف وغريب ومهمّش داخل دمشق في فترة ازدهار ثقافي سياسي اجتماعي، وتنتقل بنا الأحداث إلى الوقت الحالي ضمن جريمة غامضة.
ولهذا الغرض استعان محمد بكوكبة من النجوم السوريين الذين لم يجتمعوا منذ زمن في عمل واحد، ووافقوا على النص دون اعتراضات تذكر، فمن ير قائمة الأسماء المشاركة في المسلسل فسيتشوّق ويتحمس أكثر، حيث يجتمع عباس النوري، دريد لحام، سلاف فواخرجي، أمل عرفة، شكران مرتجى، مهيار خضور، نظلي الرواس، وائل رمضان، وغيرهم من أبطال العمل النجوم الذين يشدّون المشاهد لمتابعة أي عمل يشتركون فيه.
أما من ناحية النص فهو من تأليف المخرج نفسه بالمشاركة مع ورشة من ثلاثة شباب من خريجي قسم الدراسات المسرحية في المعهد العالي للفنون المسرحية وهم رزان السيد، يزن الداهواك، علي ياغي، وهذا ما يقدم رؤية جديدة عبر أقلام شابة أكاديمية تغني العمل وترفع من سويته، كما أن التصوير استمر قبل رمضان بشهرين ثم توقف، وبعدها استكمل التصوير في رمضان وما بعده أيضاً، لينتهي في نهاية شهر حزيران/ يونيو ما يدل على تأني المخرج وهدوئه في انتقاء التفاصيل كعادته.