بعد تزايد عمليات الغرق في البحر المتوسط لمئات اللاجئين والمهاجرين العابرين بقوارب متهالكة، وتأكيد التقارير غرق المئات منهم خلال الأيام الماضية بسبب الحمولة الزائدة واستغلال المهربين، ارتأت منظمة خيرية ألمانية تسمى "سي ووتش" Sea-Watch نشر صورة رضيع غريق يحمله أحد عمال الإنقاذ.
"سي ووتش" بنشرها الصورة تأمل بإثارة الرأي العام، كما جرى مع قضية إيلان كردي (3 أعوام) الذي انتشرت صورته العام الماضي، لدفع قادة الاتحاد الأوروبي نحو اتخاذ خطوات تؤمن ممراً آمناً لهؤلاء بدل الغرق في مياه المتوسط. وأوضحت المنظمة بأنه لم يجر إلى الآن تحديد هوية الرضيع الذي وجد في مياه المتوسط، وكان على متن قارب خشبي يحمل 350 لاجئا مقابل السواحل الليبية.
وتظهر صورة الرضيع مغمض العينين وقد ازرقت شفتاه بين يدي منقذ ألماني. ووفق بيان مكتوب صادر عن المنظمة الخيرية "فإذا لم نكن نرغب برؤية هكذا صور علينا أن نتوقف عن إنتاجها (تقصد حالات الغرق)، ولتجنب مثل هذه الكارثة الإنسانية على الجميع الضغط على قيادات الاتحاد الأوروبي لتتوقف عن الكلام الفارغ".
وكانت صورة الرضيع انتشرت مظللة بعد أنباء عن غرق أكثر من 700 إنسان، بينهم عدد كبير من الأطفال في البحر المتوسط، ويتحدر هؤلاء من إفريقيا والشرق الأوسط وهم يحاولون الوصول إلى البر الأوروبي. ويزيد الضغط في المتوسط بعد إغلاق بحر إيجة إثر اتفاقية الاتحاد الأوروبي مع تركيا على إعادة الواصلين إلى الجزر اليونانية.
وما يثير حنق المنظمات الحقوقية وخبراء الهجرة واللجوء أنهم حذروا سابقا من أن سياسة الاتحاد الأوروبي القائمة على اعتراض اللاجئين في البحر ومحاولة الدخول في اتفاقيات مع ليبيا و"اعتراض مراكب المهربين" تزيد من مآسي المهاجرين. وكانت تقارير صادرة منذ أيام تتحدث عن أرباح بمليارات الدولارات يجنيها أعضاء في مافيا التهريب غير آبهين بحياة هؤلاء البشر.
وتضيف المنظمة الخيرية "هذه الحوادث لم توقف سياسة الاتحاد الأوروبي في دفع هؤلاء البشر لركوب مركب تؤدي بهم دائماً لمثل هذه الصور. نحن نرى في منظمتنا وجوب إيجاد نظام جديد وقانوني يؤمن دخولاً مشروعاً لهؤلاء إلى أوروبا، لبحث طلبات لجوئهم لإنهاء هذه المأساة الإنسانية".
ووفقا لأرقام تقديرية صدرت عن منظمات دولية، فقد غرق هذا العام ما يقارب 1500 لاجئ/مهاجر، وأغلبيتهم من القارة الأفريقية متوجهين إلى جنوب القارة الأوروبية، وخاصة باتجاه صقلية.
وبحسب ما يقول السكرتير العام لمنظمة عون اللاجئين الدنماركية أندرس كام، فإن "الأمور عادت لتشبه ما كان عليه الوضع العام الماضي 2015، فحتى الآن تقول الأرقام إنه ما بين 40 إلى 45 ألفا قد وصلوا إيطاليا. وللأسف حتى الآن عدد الغرقى 1500 بينما لنفس الفترة من العام الماضي كان الرقم 1700. ويبدو واضحاً من الصور بأن معظم هؤلاء ليسوا سوريين، إنما أفارقة ونحن أمام مأساة كبيرة".
مفوضية الأمم المتحدة للجوء تتحدث عن أرقام متزايدة من الذين يحاولون عبور المتوسط من ليبيا نحو إيطاليا. ووفقا لـ"فرونتيكس" فإن مارس/آذار الماضي وحده شهد وصول 9600 شخص إلى الجزر الإيطالية. أما منظمة الهجرة الدولية قدرت بأن 100 ألف على الأقل سيحاولون هذا العام الوصول إلى السواحل الإيطالية.
ووفقا للدنماركي أندرس كام، فإن الحل يكمن في استخدام الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عضلاتهما "ليس لوقف مراكب اللجوء، بل لوقف الصراعات والنزاعات ودعم الفقراء في تلك الدول التي يهاجر منها هؤلاء الذين يبحرون بحثاً عن حياة أفضل. تحسين أوضاع الدول وجعلها متقدمة شرط أساسي لوقف هذا التدفق".