ضمن مجموعة البرامج والفواصل التي تقدمها قناة "سوريا دراما"، عُرض برنامج "سياسي ع مآسي"، بحلقات لا تتجاوز الواحدة منها 13 دقيقة، واستمر عرضه رغم الاستياء الكبير والنقد الذي وجه إليه، والاتهامات بسخريته من معاناة السوريين. هذه الاتهامات كانت بغالبها من الشريحة الموالية للنظام، الذي حاول البرنامج أن يكون ناطقاً باسمها.
يتكون البرنامج من ثلاث فقرات، بداية مع مشهد من محطة تلفزيونية ومذيع يلقّن المتابعين موضوع الحلقة بشكل مباشر، وبأسلوب خطابي تلقيني فج، لنشاهد بعدها فقرة تمثيلة مصورة في غرفة الكروما، تدور حول الموضوع ذاته وتكرار الخطاب السياسي ذاته بأداء تمثيلي متواضع، وختاماً مع أغنية معدلة من أغاني الفلكلور السوري لجعلها تتوافق مع النص وحركات راقصة استعراضية لا ترقى إلى أن تعرض في برنامج تلفزيوني.
يحاول البرنامج أن يندرج ضمن قائمة البرامج الكوميدية، أو الستاند أب كوميدي، ولكن البرنامج لا يقدم كوميديا، بقدر ما يقدم شتائم، موجهة لأي سوري ليس مع السلطة ومحور المقاومة. ثلاثون حلقة كانت تكرر التهكمات ذاتها حول علاقة الرأسمالية بالربيع العربي، والتدخل الصهيوني والأميركي، ومجلس الأمن، وغيرها.. وفقاً للبرنامج؛ فإن كل ما هو خارج المحور الروسي الإيراني والسوري الموالي هو إرهاب.
هذه الفكرة الهزيلة والمعالجة المتواضعة لها، لم تستطع أن تجدد نفسها؛ فالمشاهد بعد الحلقة الثانية يشعر بأنه يكرر الحلقة ذاتها بغير عنوان. ما نراه في "سياسي ع مآسي" ليس كوميديا، بل تهكم ممتد على ثلاثين حلقة من الشتائم المتواصلة.
العمل من فكرة وكتابة سامر سلمان وتقديم كل من حمادة سليم ومريانا حداد، ومن إخراج سامر إسماعيل.
السخرية في سورية كانت سلاح من لا سلاح له. وظهر في السنوات السابقة شباب سوريون نجحوا واستطاعوا تحقيق مبتغى السخرية الرئيس، وهو الإضاءة على الإشكاليات والمعاناة. لطالما شكلت الكوميديا والسخرية رعباً لدى الرقابة السورية والنظام الأمني؛ فمسرحيات الماغوط وبعض المسلسلات شكلت أزمة لدى النظام السوري؛ كذلك الأخوان ملص سابقاً، ومسرح الحجرة الذي مُنع، وحلقات بقعة ضوء المحذوفة، أو التي عُرضت على قنوات خاصة، والعديد من الأعمال الكوميدية التي كانت وسيلة الفنانين لمحاربة النظام.
اقــرأ أيضاً
بعد أن كثرت مظاهر استخدام الكوميديا لمواجهة السلطة بعد الثورة السورية، بداية من صفحات فيسبوك التهكمية، أو قنوات اليوتيوب والستاند أب كوميدي، وليس انتهاءً ببرامج تلفزيونية مثل "السيناريو" لهمام حوت، و"غيم أوفر" و"نور خانم"، أصبح النظام بحاجة إلى إمداد مواليه ببرامج وفقرات ساخرة لكي لا يتوجهوا إلى البرامج الناقدة، فظهرت عدة برامج مثل "شوا لكاتلوك" لمحمود الحمش، إلى جانب "سياسي ع مآسي" الذي قُدم في رمضان.
وفق نظرية المؤامرة الكونية، يقدم ممثلو "سياسي ع مآسي" صورة فجة عن تكوين النظام، صورة ليست مجملة ولا منمقة، بل دموية وإجرامية، وخطاباً عنصرياً وتهديداً مباشراً لكل السوريين إن لم يكونوا موالين بالمستوى المطلوب.
الكوميديا ضمن البرنامج تنبع من اللعب على الكلمات واستخدام عبارات وإسقاطات كأسماء أمراض أو أسماء أسلحة، وبعض العبارات المثقفة الهزيلة؛ يتحول الربيع العربي إلى ربيع كرتوني، بينما يوضع الشعب السوري في ملعب كرة قدم في حلقة تحت عنوان "تصفيات نهائية" مثيرة غضب السوريين المواليين حتى، ففيها يتم الحديث حول محور المقاومة والنظام وحلفائه وحول المعارضة واصفاً إياها بالإرهاب، وتعرض صوراً من قصف النظام والطيران الروسي لمناطق من سورية، بينما يجلس الممثلون كعائلة تشاهد مباراة كرة قدم.
هذا التهكم الدموي والإجرامي المستفز كان وسيلة الإعلام السوري لتوظيف الكوميديا كتقليد فاشل جداً لبرامج تلفزيون سوريا المُعارض؛ برنامج يثبت رعب النظام من داخله، فكلمة حرية ممسوحة من تكوينه، إذ يغني القائمون على البرنامج في حلقة من الحلقات "يا بحرية" لمارسيل خليفة، حاذفين منها كلمة حرية.
يحاول البرنامج أن يندرج ضمن قائمة البرامج الكوميدية، أو الستاند أب كوميدي، ولكن البرنامج لا يقدم كوميديا، بقدر ما يقدم شتائم، موجهة لأي سوري ليس مع السلطة ومحور المقاومة. ثلاثون حلقة كانت تكرر التهكمات ذاتها حول علاقة الرأسمالية بالربيع العربي، والتدخل الصهيوني والأميركي، ومجلس الأمن، وغيرها.. وفقاً للبرنامج؛ فإن كل ما هو خارج المحور الروسي الإيراني والسوري الموالي هو إرهاب.
هذه الفكرة الهزيلة والمعالجة المتواضعة لها، لم تستطع أن تجدد نفسها؛ فالمشاهد بعد الحلقة الثانية يشعر بأنه يكرر الحلقة ذاتها بغير عنوان. ما نراه في "سياسي ع مآسي" ليس كوميديا، بل تهكم ممتد على ثلاثين حلقة من الشتائم المتواصلة.
العمل من فكرة وكتابة سامر سلمان وتقديم كل من حمادة سليم ومريانا حداد، ومن إخراج سامر إسماعيل.
السخرية في سورية كانت سلاح من لا سلاح له. وظهر في السنوات السابقة شباب سوريون نجحوا واستطاعوا تحقيق مبتغى السخرية الرئيس، وهو الإضاءة على الإشكاليات والمعاناة. لطالما شكلت الكوميديا والسخرية رعباً لدى الرقابة السورية والنظام الأمني؛ فمسرحيات الماغوط وبعض المسلسلات شكلت أزمة لدى النظام السوري؛ كذلك الأخوان ملص سابقاً، ومسرح الحجرة الذي مُنع، وحلقات بقعة ضوء المحذوفة، أو التي عُرضت على قنوات خاصة، والعديد من الأعمال الكوميدية التي كانت وسيلة الفنانين لمحاربة النظام.
بعد أن كثرت مظاهر استخدام الكوميديا لمواجهة السلطة بعد الثورة السورية، بداية من صفحات فيسبوك التهكمية، أو قنوات اليوتيوب والستاند أب كوميدي، وليس انتهاءً ببرامج تلفزيونية مثل "السيناريو" لهمام حوت، و"غيم أوفر" و"نور خانم"، أصبح النظام بحاجة إلى إمداد مواليه ببرامج وفقرات ساخرة لكي لا يتوجهوا إلى البرامج الناقدة، فظهرت عدة برامج مثل "شوا لكاتلوك" لمحمود الحمش، إلى جانب "سياسي ع مآسي" الذي قُدم في رمضان.
وفق نظرية المؤامرة الكونية، يقدم ممثلو "سياسي ع مآسي" صورة فجة عن تكوين النظام، صورة ليست مجملة ولا منمقة، بل دموية وإجرامية، وخطاباً عنصرياً وتهديداً مباشراً لكل السوريين إن لم يكونوا موالين بالمستوى المطلوب.
الكوميديا ضمن البرنامج تنبع من اللعب على الكلمات واستخدام عبارات وإسقاطات كأسماء أمراض أو أسماء أسلحة، وبعض العبارات المثقفة الهزيلة؛ يتحول الربيع العربي إلى ربيع كرتوني، بينما يوضع الشعب السوري في ملعب كرة قدم في حلقة تحت عنوان "تصفيات نهائية" مثيرة غضب السوريين المواليين حتى، ففيها يتم الحديث حول محور المقاومة والنظام وحلفائه وحول المعارضة واصفاً إياها بالإرهاب، وتعرض صوراً من قصف النظام والطيران الروسي لمناطق من سورية، بينما يجلس الممثلون كعائلة تشاهد مباراة كرة قدم.
هذا التهكم الدموي والإجرامي المستفز كان وسيلة الإعلام السوري لتوظيف الكوميديا كتقليد فاشل جداً لبرامج تلفزيون سوريا المُعارض؛ برنامج يثبت رعب النظام من داخله، فكلمة حرية ممسوحة من تكوينه، إذ يغني القائمون على البرنامج في حلقة من الحلقات "يا بحرية" لمارسيل خليفة، حاذفين منها كلمة حرية.