"سوء إدارة" السلطات الليبية لأزمة كورونا

20 اغسطس 2020
وقاية في مطار معيتيقة الدولي (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

يشكو مواطنون ليبيون من اتخاذ حكومتي البلاد قرارات مفاجئة ترتبط بالإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا الجديد، ويقولون إنّها فاقمت الأزمة مع محاصرتها حياتهم.
ومنذ مارس/آذار الماضي، أعلنت سلطات البلاد، في حكومة الوفاق بطرابلس وحكومة مجلس النواب شرقي ليبيا، جملة من الإجراءات الاحترازية، من بينها إغلاق المدارس والأسواق والمحال الكبرى ومنع التجمعات، بما فيها المناسبات والاحتفالات الاجتماعية والمساجد. كذلك، أعلنت عن قرارات لفرض حظر تجول متفاوت بين جزئي وكلي بحسب الحالة الوبائية في البلاد. لكنّ حواء الحاسي، وهي مواطنة من طرابلس، ترى في هذا التفاوت عامل إرباك لحياتها. وتوضح أنّ "الإعلانات الحكومية بشأن نقل حظر التجول من جزئي إلى كلي لا يعلن عنه قبل وقت كافٍ بل بشكل مفاجئ، وعادة ما يكون في فترات المساء"، مشيرة إلى أنّ فرض حظر تجول شامل، لفترات قد تصل إلى خمسة أيام وبشكل مفاجئ، يدفع المواطنين إلى التزاحم على محال المواد الغذائية لتخزين ما يكفي لهذه المدة. وتعبر الحاسي عن استيائها من هذه القرارات التي تصفها بـ"العشوائية". وتقول لـ"العربي الجديد": "مساء وقفة عيد الأضحى، وبشكل مفاجئ، أعلنت الحكومة عن حظر تجول شامل لمدة خمسة أيام، ما يعني إغلاق المحال طيلة أيام العيد، فمن أين سيشتري المواطن حاجياته؟"، مؤكدة أنّها كانت ساعات عصيبة على الناس الذين تجمهروا أمام المحال الغذائية في طوابير طويلة قبل الإغلاق.

هو استياء يتفق معه نجم الدين نصر، أيضاً، وهو مواطن من مدينة الخمس شرقي طرابلس، الذي يعتبر أنّ نتائج هذه القرارات "سلبية وعكسية، فحظر التجول يعني فرض التباعد بين الناس، لكنّ اتخاذ القرار فجأة يصنع ازدحاماً بشرياً أمام المحال التجارية ومحطات الوقود، ما يعني فرصة أكبر لتفشي الفيروس بين الناس". يقول نصر لـ"العربي الجديد" إنّ عدم تقيد المواطنين بهذه الإجراءات الحكومية رد فعل طبيعي على عشوائيتها، إذ لا تراعي واقع الناس المضطرين إلى الخروج لمتابعة شؤون حياتهم.
لكنّ الطبيب الليبي رمزي أبوستة، عضو إحدى فرق التقصي والاستجابة بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض الحكومي بطرابلس، يلفت إلى جانب آخر يتعلق بعدم استقرار الوضع الوبائي. ويذكر أبوستة في حديثه إلى "العربي الجديد" أنّ نتائج الفحوص عادة ما تكون مسائية وتفاجئ اللجنة العليا لمكافحة كورونا بارتفاع نسبة المصابين فجأة، وهو ما يدفع لتوصية الحكومة بشكل مفاجئ أيضاً بزيادة درجة الإجراءات الاحترازية. ويبرر أنّ "تسجيل 309 إصابات في يوم واحد يعني وصول البلاد إلى المستوى الرابع من الانتشار الوبائي، وهو وضع أربكنا بشكل كبير، ودفعنا لتوصية الحكومة بفرض حظر تجول كلي بشكل عاجل". ويوضح أنّه "إذا تابع المواطن النشرات الوبائية ولاحظ مستوى نسب الارتفاع المخيفة جداً يمكن أن يتفهم شكل الإجراءات التي تختلف وتتصاعد في كلّ مرة".
لكن حافظ المجدوب، مالك أحد متاجر الملابس بالعاصمة، يلفت إلى قصور كبير في إجراءات الحكومة التي يصفها بـ"المضطربة وغير الواقعية"، موضحاً أنّ في متجره 32 عاملاً. ويعلق لـ"العربي الجديد" أنّ "الإجراءات في جميع دول العالم عوضت عن غياب العامل عن عمله بمبالغ شهرية في شكل منح مالية، إلاّ سلطات ليبيا فقد قررت إغلاق الأسواق والمحال التجارية ولم تلتفت لأوضاع العمال"، لافتاً إلى أنّ العمال متغيبون منذ أربعة أشهر عن عملهم من دون الحصول على أيّ دخل. يتابع: "هناك تعاون بين كبار التجار لتعويض العمال ودفع رواتب بعضهم، لكنّ توقف عمل متاجرنا يمنعنا من الاستمرار في دفع أجور العمال"، مؤكداً أنّ ارتباك الإجراءات الحكومية أضرّ بشكل كبير بالأوضاع المعيشية لقطاع كبير من الناس.
يبدو أنّه همّ مشترك يعانيه كثير من المواطنين، ويوضح زكريا القاضي، صاحب ورشة تصليح سيارات بحي الفرناج في طرابلس، أنّه لم يعد يتمكن من تلبية مطالب أسرته وحاجياتها في ظلّ الإجراءات الحكومية التي تصدر بشكل مفاجئ. ويقول القاضي لـ"العربي الجديد" إنّه "بعد شهرين من منع المحال الخدمية الصغيرة والكبيرة من فتح أبوابها ما زلنا نعاني من تضارب في الإجراءات، إذ سمح لنا الشهر الماضي بمزاولة أعمالنا الخاصة، وفجأة نقرأ إعلاناً عن حظر شامل، ثم يتحول إلى غير ذلك".

بالعودة إلى الحاسي، فهي تلفت إلى جانب آخر تعتبره من نتائج القرارات المتعجلة: "إجراءات الحكومة عطلت في كثير من الأحيان استمرار عمل المؤسسات التعليمية التي فتحت جزئياً في الدروس التعويضية للتلاميذ". تعلق: "حتى هذه الدروس التعويضية التي لن تفي حق التلاميذ في الوصول إلى المستوى المطلوب من مقرراتهم الدراسية، منعتها عنهم قرارات الحظر وأربكتهم كما أربكت المدارس".

فسبكة
ينشر المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا، يومياً، عبر صفحته، تحديثات الوضع الوبائي في البلاد، بما في ذلك من إصابات جديدة وتوجيهات. ومن الواضح أنّ الإدراجات تحظى بكثير من التفاعل لا سيما من خلال التعليقات. لكنّ كثيراً من هذه التعليقات يهاجم الصفحة ومعها الحكومة الليبية، من منطلق مخالف تماماً للحالة الوقائية، إذ يتهم المسؤولين بالكذب وافتعال إصابات غير واقعية لفيروس غير موجود أساساً في ليبيا، على حدّ قول بعضهم.

المساهمون