"ستاند آب" كوميدي: الشارع العربي يواجه التلفزيون

07 أكتوبر 2018
يخلط هشام حداد بين الخاص والعام (LBCI)
+ الخط -
تقتحم برامج النقد الساخرة الشاشات العربية. سلسلة أخرى من هذا النوع تحاول جذب المشاهد بطريقة كوميدية ساخرة، وتحاول أن تنقل الأحداث التي تجري في العالم العربي والعالم في إطار ساخر جداً. تعليقات ونصوص تخرج أحياناً عن التزام المعدّ أو سياسة المحطات التلفزيونيَّة. إذْ يتمُّ خرق سقف الحرية، كنوعٍ من تقليد الغرب الذي درج على هذا النوع من البرامج منذ أكثر من 50 عاماً. من دون شكّ، فإنَّ محطّات التلفزة العربية، تعمل على ما تعتبره جديداً، وتحاول أن تلمس هموم العالم. لذلك، تعيد كل دورة برامج لكل محطّة تلفزيونيَّة، تقديم هذا النوع من البرامج. الواقع من منظار نقدي إعلامي، هو فن بدأ في الغرب، واكتسب جمهوراً واسعاً. وتُعد العاصمة البريطانية لندن، من أوّل البلدان التي انطلق منها هذا النوع من الفن. 

تشير المراجع إلى أنَّ هذا الفن بدأ في القرن الثامن عشر في أميركا، ليصبح من أكثر الفنون تفاعلاً مع الجمهور بشكل مباشر. إذْ تتحدث هذه البرامج عن تفاصيل حياة الناس، بأسلوب فني ناقد وساخر. قبل سنوات، خرج باسم يوسف، أولاً، ليفتح الباب بشكل "رسمي" أمام هذا الأسلوب من البرامج. حقَّق يوسف نجاحًا ساحقًا تزامن مع انطلاقة الثورة المصرية والجدل الذي أثاره. لكن سقف الحرية عند يوسف لم يعجب السلطات المصرية، لتبدأ الحرب والاتهامات على يوسف نفسه، وتصل النهاية إلى توقيف برنامجه عن الهواء.

في لبنان، بدأ هذا النوع من البرامج في التسعينيات. لكن "ستاند آب" بالمعنى الحقيقي، لم ينجح كثيراً في البدايات على الشاشة الصغيرة، وتميَّز على المسرح، ثمَّ انتقل إلى التلفزيون، ليشكل مفترقًا هاماً على الخارطة التلفزيونية، من خلال بعض النماذج المسرحية التي قُدِّمت قبل وبعد ثورة الإنترنت والميديا البديلة.

هشام حداد وحيداً
عاد هشام حداد إلى الشاشة اللبنانية، قبل أيام. يستمد هشام حداد القوة من سلطة جمهوره الذي يبدو وفيًا معه إلى اليوم. جيش من المغردين على موقع تويتر، يُصعد "ترند" حداد، أو برنامجه "لهون وبس" أثناء عرض الحلقة؛ إذْ يصبُّ حداد جهده على تحقيق المراتب الأولى. "ماكينات" إعلامية تتخذ من بعض مقاطع الفيديو أثناء الحلقة غرضًا للترويج والوصول إلى المراتب الأولى. في المحتوى، ليس هناك من سقف فوق هشام حداد، ولا حسيب على نصه في "لهون وبس". من الواضح أن المقدم يملك الخيوط الخاصة، والتي تؤجج أو تثير اهتمام المتابعين والمشاهدين في الموسم الرابع. يرفع هشام حداد ما يصفه بسقف الحرية، ويصل به إلى درجة الابتذال، والردّ المضاد على زميله مارسيل غانم، لمجرد أنه انتقل إلى محطة يعاديها حداد. المحطتان في حرب للقول إنهما ضمن المراتب الأولى، وأن إحداهما تتفوق على الأخرى. يفلت هنا هدف "التسلية" من يد هشام حداد، ويصبح الاتجاه إلى "التقاتل الشخصي" أمام مُشاهد ينتظر القليل من حركات السخرية، والنكات السمجة أحياناً ليضحك. تركيز حداد على مفردات أو إيحاءات جنسية يحوله إلى برنامج "هزلي" يحقق بدون شك مشاهدة عالية من دون معايير. يحاول حداد "تلطيف الأجواء" أحياناً عبر استضافة فنان ومحاورته، ليخرج قليلاً من أجواء السخرية الزائدة، ولو أن يشرك بعض الفنانين فيها.
عادل كرم كان سبق هشام حداد في طرح هذا النوع من البرامج في "هيدا حكي". لكن مع الوقت، فقد كرم حماس متابعيه، وعانى من رتابة بدت واضحة على الشاشة الصغيرة، لم تثر الضحك أو تمنح المشاهد ما يريده فعلاً، ليتجه جمهور كرم إلى منافسه هشام حداد، إذ كان عرض البرنامجين في التوقيت نفسه.

في المقلب الآخر، يقدم التلفزيون "العربي" برنامجاً جديداً، يُصنف ضمن خانة هذا النوع من البرامج الساخرة. ليست هي التجربة الأولى لـ"العربي" في هذا النوع من البرامج. يعتبر برنامج "جو شو" من أكثر البرامج متابعة على الشاشة ذاتها.
أماني جحا مقدمة برامج لبنانية، كانت لها تجربة على إحدى المحطات المحلية في لبنان، قبل أن تنضم إلى تلفزيون "العربي"، وهي تقدم اليوم برنامج "ما لاقط" بدأته مصوراً على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم أصبح برنامجًا تلفزيونياً ضمن برامج المحطة لهذا الموسم.

تحاول جحا أن تسلط الضوء على الواقع اللبناني، بالتفاصيل والفيديوهات المستنسخة من صفحات التواصل الاجتماعي، أو نشرات الأخبار أو التقارير، بطابع لا يخلو من السخرية، لكن من دون اتخاذ موقف شخصي، في محاولة لنقل صورة الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانيها اللبنانيون، كما كان الحال في الحلقة الثانية، ثم الاتجاه إلى العالم العربي، أحياناً، لنقل صورة والتعليق على مواقف وأحداث حصلت، لا تخلو التعليقات من ردود فعل الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبار ذلك وثيقة تؤكد الهدف الأساسي لطرح أماني جحا، والقضيَّة التي تطرحها. مجموعة لا بأس بها من المسائل التي تتناول الوضع اللبناني والسياسة العربية، ومواقف اتخذتها قادة الأنظمة بطريقة بسيطة جداً، بعيداً عن المواقف الشخصية، وأسلوب الوعظ أو التشفّي.
دلالات
المساهمون