"هيومن رايتس ووتش" ترجح تورط الدولة العراقية بمجزرة السنك والخلاني

16 ديسمبر 2019
مسلحون بزي مدني أطلقوا النار (Getty)
+ الخط -
قالت "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الاثنين، إن "قوات مسلحة غير محددة، بالتعاون على ما يبدو مع قوات الأمن الوطنية والمحلية العراقية، نفّذت سلسلة من عمليات القتل الوحشية في منطقة الاحتجاج الرئيسية ببغداد في 6 ديسمبر/كانون الأول 2019"، وهو ما أسفر عن مقتل "ما بين 29 و80 شخصًا"، وأصابة 137 آخرين، داعية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، إلى عقد جلسة، خاصة بشأن قتل المتظاهرين في العراق.

وأضافت المنظمة، ومقرها نيويورك، في تقرير، أنّ "الكهرباء قطعت عن المنطقة خلال الهجوم، ما جعل من الصعب على المتظاهرين تحديد هوية القَتَلة والفرار إلى بر الأمان"، وأن "الشرطة والقوات العسكرية انسحبتا عندما بدأت مليشيا مجهولة الهوية، ارتدى بعض عناصرها زياً موحداً، بإطلاق النار".


وبحسب ما رواه شهود عيان في حينها، لـ"العربي الجديد"، فإنه عند الساعة التاسعة والنصف بتوقيت بغداد، ظهرت سيارات عدة من نوع "نيسان"، مع حافلة تقل عشرات المسلحين، ومن دون سابق إنذار، باشر المسلحون بزي مدني بتفريق المتظاهرين بالرصاص الحي، فمنهم من أطلق النار فوق رؤوس المحتجين، ومنهم من استهدف أجسادهم وأرداهم قتلى".

ويقول الناشط أكرم علي، الذي عاش دقائق المجزرة، إن "المحتجين لا يعرفون حتى الآن مصادر السيارات، وكيف تمكنت من اختراق كل الحواجز الأمنية في بغداد، ومن ثم الوصول إلى ساحة الخلاني من جهة سوق الغزل والطريق المؤدية إلى الشورجة".

وأضاف أن "المسلحين تركوا سياراتهم عند ساحة الخلاني، بعدما سيطروا على أجزاء منها، وتوجهوا سيراً إلى ساحة التحرير في سبيل إنهاء الاحتجاجات، إلا أن المتظاهرين ظلّوا يناورون المسلّحين الملثمين، حتى سقط نحو 20 قتيلاً منهم في سبيل منع المليشيا القاتلة من الوصول إلى التحرير. وخلال وقت إشغال المليشيات التي هاجمت المتظاهرين، تمكن عدد من حماة المتظاهرين الذين يتبعون لـ"التيار الصدري"، من اعتقال أحد المسلحين، وقد تبيَّن أنه ينتمي إلى مليشيا كتائب حزب الله"، مشيراً إلى أن "قوات الجيش والشرطة انسحبت قبل لحظات من اقتحام المسلحين، وهو ما أفزع المحتجين وأرهقهم في ما بعد، ولكن بعد مرور أكثر من ساعتين، وصلت قطعات عسكرية من الجيش العراقي إلى ساحة الخلاني، وهرب المسلحون بسلاسة ومن دون أي تخوف، وقد وثقت كاميرات المسلحين الفيلم الكامل لما جرى".

ووقعت المجزرة بعد يومٍ واحد من تدفق المئات من أنصار "الحشد الشعبي" إلى ساحة التحرير، عاصمة الاحتجاجات في بغداد، رافعين شعارات مؤيدة للمرجع الديني في النجف علي السيستاني، وأخرى منددة بـ"مندسين"، رافقتها تغطية إعلامية من قنوات ما تُعرف بفصائل المقاومة، وهي المليشيات الموالية لإيران، حيث انطلقوا من منطقة شارع فلسطين، وتحديداً عند مقر فصيل "كتائب حزب الله" أو مبنى "حسينية الرسول"، وصولاً إلى ساحة التحرير، وقد أمضوا قرابة الساعتين ثم تبخروا.

وتتطابق روايات الشهود الذين تحدّثوا لـ"العربي الجديد" مع ما نقلته "هيومن رايتس ووتش" عن خمسة شهود آخرين، رووا أنه "في 6 ديسمبر/كانون الأول كان هناك حوالي ألف متظاهر في ساحة الخلاني ببغداد، على بعد 600 متر شمال ميدان التحرير، في مرآب السنك المكون من خمسة طوابق قبالة ساحة الخلاني، الذي شغلوه منذ 16 نوفمبر/تشرين الثاني. حوالى الساعة 7:30 مساء، قالوا إنهم رأوا سبع شاحنات (بيك آب) تسرع إلى ساحة الخلاني ثم تتباطأ، وبينما كانت المركبات تسير ببطء في الميدان، فتح مسلحون يرتدون زيا أسود عاديا ولباسا مدنيا النيران من بنادق (كلاشنيكوف) (AK-47) ومدافع رشاشة من طراز (بي كي) فوق المتظاهرين، قبل إنزال الرشاشات وإطلاق النار عليهم مباشرة". في ذلك الوقت، قال الشهود إن المحتجين كانوا يتجمعون سلمياً ولم يهددوا بأي أعمال عنف.

وأضاف الشهود أنهم "رأوا حوالي 20 عنصراً من الشرطة الاتحادية وقوات الأمن العراقية كانوا يحرسون نقطتَي تفتيش في الساحة يغادرون بالسيارات عند وصول المسلحين. بعد حوالي تسع ساعات، الساعة 4:30 صباح 7 ديسمبر/كانون الأول، غادر المسلحون، وفي غضون بضع دقائق، عادت قوات الأمن".


ودعت المنظمة كلّاً من بريطانيا والولايات المتحدة وإيران، التي تدعم قوات الأمن، وفق قولها، إلى أن توقف ذلك الدعم "إلى أن تتخذ السلطات إجراءات فعالة لوقف أعمال القتل غير القانونية بحق المتظاهرين، منها مساءلة المعتدين".

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش": "لا يمكن للولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيران أن تتصرف بازدواجية، فتدعو الحكومة العراقية إلى احترام حقوق المحتجين وتدعم القوات العراقية التي تقتل المتظاهرين أو تقف متفرجة. مع استمرار قتل المتظاهرين يوما بعد يوم، على هذه الدول إنهاء الدعم".


وأضافت ويتسن: "هناك أدلة قوية على توكيل السلطات العادية جهات أخرى للقيام بالعمل القذر نيابة عنها، إذ غادر عناصرها مع بدء عمليات القتل وعادوا للمساعدة في الاعتقالات. سواء وقفت القوات العراقية وسمحت لهؤلاء المسلحين بمهاجمة المحتجين أو ارتكبت جرائم القتل بنفسها، فإنها مسؤولة".