اتهمت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، القوات المشاركة في معركة تحرير مدينة الموصل العراقية بارتكاب أعمال نهب وحرق وتدمير من دون أي ضرورة عسكرية ظاهرة، واصفة تلك الأعمال بأنها "ترقى إلى مصاف جرائم الحرب".
وذكرت المنظمة، في بيان، اليوم الخميس، أن "على السلطات العراقية التحقيق في مزاعم جرائم الحرب ومحاسبة المسؤولين عنها، وعلى الولايات المتحدة والدول الأخرى التي تقدم مساعدات عسكرية لقوات الأمن العراقية أن تضغط على الحكومة لإجراء هذه التحقيقات. وعلى مجلس حقوق الإنسان توسيع نطاق آلية التحقيق التي أنشئت في عام 2014 لتشمل أيضاً الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الأطراف كافة، ومنها "قوات الحشد الشعبي"، التي تخضع لقيادة رئيس الوزراء العراقي بشكل مباشر".
وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، لمى فقيه "في غياب أي هدف عسكري مشروع، لا يوجد مبرر لتدمير منازل المدنيين. كلّ ما يتسبب فيه هذا التدمير هو منع المدنيين من العودة إلى ديارهم".
ووثقت المنظمة أعمال نهب وهدم واسعة لبنايات باستخدام متفجرات ومعدات ثقيلة وعن طريق الإحراق في 3 قرى، وقامت بتأكيد شهادات الشهود حول أعمال الهدم، التي حصلت بين أواخر ديسمبر/كانون الأول ومطلع فبراير/شباط، بصور للقمر الصناعي أظهرت تدمير ما لا يقل عن 345 بناية، بينها المسجد الرئيسي في قرية أشوا، وقال سكان محليون إن "القوات المسلحة الوحيدة بالمنطقة التي تم استرجاعها من داعش كانت مجموعات مختلفة من قوات الحشد الشعبي".
ورد "الحشد الشعبي" على سؤال للمنظمة الحقوقية حول تلك الوقائع قائلاً، إن "داعش استخدم بعض المنازل كمرابض دفاعية وفخخ بعضها الآخر لتفجيرها ضدّ قوات الحشد الشعبي أثناء تقدمها. قوات الحشد الشعبي أخّرت تقدمها لنحو يومين لتجنب تدمير البنى التحتية والممتلكات الخاصة".
ورغم بيان الحشد الشعبي حول تفخيخ البيوت، أظهرت صور القمر الصناعي التي نشرتها هيومن "رايتس ووتش"، أن "البيوت دُمرت باستخدام المتفجرات والآلات والمعدات الثقيلة والإحراق بعد استرداد الحشد الشعبي للقرى، كما أن جميع البنايات التي أحرقت تقريبا ما زالت جدرانها الداخلية والخارجية متماسكة، ولم تفقد سوى سقفها، وهو ما لا يستقيم مع ما يحدث عند انفجار أجهزة متفجرة مرتجلة".
Twitter Post
|
وبحسب البيان "تُظهر صور القمر الصناعي أن الحشد الشعبي ضمّ القرى التي استرجعها بشبكة أمنية من السواتر والخنادق الأرضية. هذه الشبكة توحي بأن المنطقة الداخلية بأسرها كانت محمية بالقدر الكافي ولا توجد ضرورة عسكرية تدفع قوات الحشد الشعبي إلى تدمير البيوت داخلها. إضافة إلى ذلك، لا تُظهر صور القمر الصناعي أي أعمال هدم في القرى الأخرى المجاورة. إذا كان الهدم وقع لأغراض الضرورة العسكرية، فمن المتوقع أن نشهد انتشاراً متساوياً للهدم في القرى المجاورة".
ووثّقت "هيومن رايتس ووتش" أيضا أعمال نهب وحرق لمنازل في قريتين جنوب شرقي الموصل، هما بلدة بخديدا المسيحية، المعروفة أيضاً بالحمدانية أو قراقوش، وقرية الخضر مختلطة السكان من سنة ومسيحيين. ووقعت أعمال النهب والتدمير بعد استرداد القريتين من داعش، بين نوفمبر/تشرين الثاني 2016 ويناير/كانون الثاني 2017.
في قرية الخضر، 30 كم جنوب شرقيّ الموصل، قال السكان إنهم فروا من القرية قبل أسبوع من استردادها، في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، وحين عادوا بعد 20 يوما كانت بيوتهم قد نُهبت.
وقابلت "هيومن رايتس ووتش" 6 من سكان قرية أشوا، قالوا إن قوات "داعش" غادرت القرى في 12 ديسمبر/كانون الأول 2016، وما إن سيطرت "الحشد الشعبي" على المنطقة حتى أمرت الأهالي بالمغادرة إلى مخيم للنازحين في الجنوب. واطلعت المنظمة على صور للقمر الصناعي تُظهر تدمير 46 بناية بين 8 و20 ديسمبر/كانون الأول، فضلا عن 94 بناية دُمرت بين 20 ديسمبر/كانون الأول و10 فبراير/شباط.
كما التقت 3 من السكان النازحين عن قرية مشيريفة الجسر، المجاورة لأشوا. قال السكان الثلاثة إن أغلب القرويين لم يعودوا إلى بيوتهم، لكن بعد 7 أيام، عاد شاب جنّدته مليشيا الحشد الشعبي داخل المخيم إلى القرية برفقة مجندين جدد آخرين، وأرسلوا صورا لأقاربهم يظهر منها نهب وتدمير بيوتهم، وتُظهر صور القمر الصناعي أن أكثر من 90 في المائة من البيوت المتضررة في القرية دُمرت جراء حرائق.
وفي مطلع يناير/كانون الثاني، زار باحثو "هيومن رايتس ووتش" بلدة بخديدا المسيحية، 20 كم جنوب شرق الموصل، ورصدوا أدلة على أعمال نهب وحرق واسعة لحقت بالبيوت. وتحدثت المنظمة إلى 6 سكان نزحوا من البلدة في 2014 عند سيطرة "داعش" عليها ويعيشون حاليا في أربيل. قال 3 منهم إن بيوتهم في بخديدا نُهبت، وقال الثلاثة الآخرون إن بيوتهم دُمرت بالنار إثر استعادة القوات المقاتلة لداعش السيطرة على البلدة في أكتوبر/تشرين الأول.
(العربي الجديد)