"رايتس ووتش": السلطات السعودية تحرّض على الكراهية ضدّ الأقليات الدينية

26 سبتمبر 2017
التصدي للتمييز وخطاب الكراهية (Getty)
+ الخط -
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الثلاثاء، إنّ بعض رجال الدين والمؤسسات السعودية يحرّضون على الكراهية والتمييز ضد الأقليات الدينية، بما في ذلك الأقلية الشيعية.

وأوضحت، في تقرير لها بعنوان "ليسوا إخواننا: خطاب الكراهية الصادر عن المسؤولين السعوديين"، سماح السعودية لعلماء ورجال الدين الذين تعيّنهم الحكومة، بالإشارة إلى الأقليات الدينية بألفاظ مهينة أو شيطنتها في الوثائق الرسمية والأحكام الدينية التي تؤثر على صنع القرار الحكومي.

وتابعت "في السنوات الأخيرة، استخدم رجال الدين الحكوميون وغيرهم، الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي للتشويه والتحريض على الكراهية ضد المسلمين الشيعة وغيرهم ممن لا يتفقون مع آرائهم".

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة: "روّجت السعودية بقوة للرواية الإصلاحية في السنوات الأخيرة، ومع ذلك فهي تسمح لرجال الدين والكتب المدرسية الحكومية بتشويه سمعة الأقليات الدينية مثل الشيعة. يطيل خطاب الكراهية هذا من أمد التمييز المنهجي ضد الأقلية الشيعية، وتستخدمه، في أسوأ الحالات، جماعات عنيفة تهاجمهم".

ووجدت المنظمة أن التحريض، إضافة إلى التحيز المعادي للشيعة في نظام العدالة الجنائية والمناهج الدينية لوزارة التربية والتعليم، يلعب دوراً أساسياً في فرض التمييز ضدّ المواطنين الشيعة السعوديين. ووثقت أخيراً إشارات مهينة للانتماءات الدينية الأخرى، بما في ذلك اليهودية والمسيحية والصوفية في منهاج التعليم الديني في المملكة.

وقالت "كثيرا ما يشير رجال الدين الحكوميون، وهم جميعا من السنة، إلى الشيعة بصفتهم "الرافضة" و"الروافض"، ويُحقّرون معتقداتهم وممارساتهم. دانوا أيضا الاختلاط والزواج بين السنة والشيعة. ردّ عضو حالي في "هيئة كبار العلماء" السعودية، وهي أعلى هيئة دينية في البلاد، خلال جلسة علنية، على سؤال حول المسلمين الشيعة، بالقول: "هم ليسوا إخواننا... هم إخوان الشيطان...".


ووفق ما جاء في التقرير، فإن بعض رجال الدين والمؤسسات السعودية يحرّضون على الكراهية والتمييز ضد الأقليات الدينية، بما في ذلك الأقلية الشيعية في البلاد.

ولم تستبعد المنظمة ما لخطاب الكراهية من عواقب وخيمة عندما تستخدمه جماعات مسلحة مثل "تنظيم داعش" أو "تنظيم القاعدة"، لتبرير استهداف المدنيين الشيعة. منذ منتصف 2015، هاجم داعش 6 مساجد ومبانٍ دينية شيعية في المنطقة الشرقية ونجران، ما أسفر عن مقتل أكثر من 40 شخصا. ورد في بيانات داعش الصحافية التي تبنت هذه الهجمات، أن المهاجمين استهدفوا "معاقل الشرك"، والرافضة- المصطلحان المستخدمان في الكتب المدرسية الدينية السعودية- لاستهداف الشيعة.

ودان مفتي السعودية السابق، عبد العزيز بن باز، الذي توفي عام 1999، الشيعة في فتاوى عديدة. بقيت فتاوى بن باز وكتاباته متاحة للعموم على الموقع الإلكتروني لـ"اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء".

وأوضح تقرير المنظمة أن بعض العلماء يستخدمون لغة تآمرية عند مناقشة موضوع الشيعة، فينعتونهم بالطابور الخامس الداخلي التابع لإيران، وبأنهم خونة بطبيعتهم. كما تسمح الدولة لرجال الدين الآخرين بتوظيف وسائل الإعلام ومتابعيهم الكثر على وسائل التواصل الاجتماعي- الذين يُعد بعضهم بالملايين- لوصم الشيعة، مع الإفلات من العقاب.

وبحسب المنظمة، فإن التحيز ضد الشيعة يمتد إلى النظام القضائي الذي تتحكم فيه المؤسسة الدينية، ويُخضع الشيعة في كثير من الأحيان لمعاملة تمييزية أو تجريم تعسفي لممارساتهم الدينية. في عام 2015 مثلا، حكمت محكمة سعودية على مواطن شيعي بالحبس شهرين و60 جلدة، لاستضافة صلاة جماعة خاصة في منزل والده. في عام 2014، أدانت محكمة سعودية رجلا سنيا بتهمة "مجالسة الشيعة".

واعتبرت "رايتس ووتش" أن استخدام المنهاج الديني في وزارة التربية السعودية؛ "التوحيد"، الذي يُدرّس في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، لغة مبطنة لوصم الممارسات الدينية الشيعية بأنها شرك أو غلوّ في الدين. توجّه كتب التربية الدينية السعودية هذه الانتقادات على وجه الخصوص لممارسة الشيعة والصوفية في زيارة المقامات والأضرحة، وكذلك التوسل أو طلب الشفاعة. تنص الكتب الدراسية على أن هذه الممارسات، والتي يراها كل من سنة السعودية وشيعتها على أنها شيعية، تجعل صاحبها خارجا عن الإسلام وعقابها الخلود في النار.

حظر أي دعوة للكراهية (موقع منظمة هيومن رايتس ووتش) 


وأوضح التقرير أن "القانون الدولي لحقوق الإنسان" يطالب الحكومات بحظر "أية دعوة للكراهية القومية أو العرقية أو الدينية، والتي تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف". تفاوت تنفيذ هذا الحظر، بينما استُخدم أحيانا كذريعة لتقييد الخطاب القانوني أو استهداف الأقليات. يجب أن تتخذ أية خطوات لمكافحة خطاب الكراهية في حدود الضمانات العامة لحرية التعبير.

ولمعالجة هذه المشكلة، بحسب التقرير، اقترح الخبراء، في السنوات الأخيرة، اختبارا لتحديد إمكانية تقييد أي خطاب معين بصورة قانونية. بموجب هذه الصيغة، فإن الخطاب الذي وثقته المنظمة لعلماء الدين السعوديين يرقى أحيانا إلى مستوى خطاب الكراهية أو التحريض على الكراهية أو التمييز.

وطالبت المنظمة، السلطات السعودية، بالوقف الفوري لخطاب الكراهية الصادر عن رجال الدين والهيئات الحكومية التابعة للدولة "على السلطات أن تنكرها علناً ​​وتتصدى لها. بالنظر إلى تأثير وأعداد متابعي هؤلاء العلماء، فإن تصريحاتهم تعد نظاما تمييزيا ضد المواطنين الشيعة".

وصنّفت "اللجنة الأميركية للحريات الدينية"، السعودية، مرارا، على أنها "دولة تثير قلقا خاصا"، وهو أعلى تصنيف للدول التي تنتهك الحرية الدينية. لكن "قانون الحرية الدينية الدولية" لعام 1998 يسمح للرئيس الأميركي بإصدار إعفاء إذا كان من شأنه أن "يخدم مقاصد قانون الحرية الدينية الدولية"، أو إذا "تطلبت المصلحة العليا للدولة ممارسة مثل هذا الإعفاء". وقد أصدر الرؤساء الأميركيون إعفاءً للسعودية منذ عام 2006.

وقالت "على الحكومة الأميركية أن تلغي فورا الإعفاء الممنوح للسعودية، والعمل مع السلطات السعودية على وقف التحريض على الكراهية والتمييز ضد المواطنين الشيعة والصوفيين والمنتمين لأديان أخرى. على الولايات المتحدة أن تضغط كذلك من أجل إزالة جميع الانتقادات وأشكال وصم الممارسات الدينية الشيعية والصوفية، فضلا عن ممارسات الديانات الأخرى، من المناهج التعليمية السعودية الدينية".

وقالت ويتسن: "رغم سجل السعودية الضعيف في مجال الحريات الدينية، حمَت الولايات المتحدة السعودية من العقوبات المحتملة بموجب القانون الأميركي. على الحكومة الأميركية أن تطبق قوانينها لمحاسبة حليفتها السعودية".