فاز تحالف التيارين القومي والثقافي الديمقراطي بثمانية مقاعد نالها كلّ من: محمود الضمور، ونضال برقان، وسعد الدين شاهين، وغدير حدادين، ولؤي أحمد، ومحمد العامري، ومخلد بركات، بينما لم يحصل تيار القدس سوى على ثلاثة توزّعها هاشم غرايبة وموسى حوامدة ومهدي نصير.
في الحسابات والأرقام، يُمكن القول إن أعضاء الهيئة العامة انتخبت التحالف ذاته كما في الدورة الماضية كنوع من العقاب للتيار الآخر على أدائه عندما تولّى رئاسة الرابطة في الدورتين السابقتين، وأن معظم الفائزين لديهم حركة وحضور أكبر في السنوات الأخيرة قياساً بأغلب ممثلي الطرف الخاسر.
ربما يضيف صحافي أو متابع تفصيلاً عابراً هنا أو ملاحظة فرعية هناك، لكنها تبقى هامشية بالنظر إلى عناوين أساسية، منها أن البيانين الانتخابيين لكلا التيارين لا يتماثلان فقط في إبراز موقف واضح ضد التطبيع والإرهاب، ونشر ثقافة التنوير، والدفاع عن حقوق الكتّاب، بل يمكن القول إن هذه الشعارات هي تركة مرحلة العمل السياسي "تحت الأرض" وبيانات أحزابها التي لم تبلور برنامجاً واضحاً للعمل عليه.
ولو أجريت مقارنة بين التيارين اللذين تناوبا على قيادة الرابطة طوال 34 عاماً مضت، لما لمسنا فروقاً جذرية، سواء بالمقرّ الذي تغيّر أكثر من مرة لكن أجرته السنوية لا تزال تتجاوز إيرادات الرابطة من الاشتراكات والتبرّعات، وأن الفعاليات التي تنظّم خلال العام قد تزيد بواحدة أو تنقص لأسباب تتعلّق بأمزجة أعضاء الهيئة الإدارية لا بحكم انتماءاتهم إلى أحد الطرفين.
للتدليل على عمق الخلل في إدارة العمل النقابي الثقافي، يمكن الاستشهاد ببرنامج الشعر في "مهرجان جرش للثقافة والفنون"، حيث كان المطلب لدى جميع الهيئات الإدارية المتعاقبة على اختلاف تمثيلها بأن تشرف على البرنامج بعد أن كان الأمر مناطاً لإدارة المهرجان نفسه، غير أن أي متابع منصف سيخلص إلى أن اختيار الشعراء المشاركين وتنظيم أمسياتهم تراجع بشكل كبير منذ أن تولّت تنظيمه الرابطة قبل سنوات.
أما الحديث عن الاختلاف حول الانحيازات السياسية تجاه بعض القضايا بين التيارين المتنافسين فيبدو عبثياً، حيث فاز "القدس" بدورتي 2011-2013 و2013- 2015 رغم أن كثيراً من رموزه كانوا مؤيدين للنظام السوري ثم خسر الدورتين اللاحقتين، ما يعني أن الموقف من الأزمة في سورية ليس معياراً في الانتخاب، وعلاوة على ذلك فإن أنصار كلّ تيار يتباينون في المواقف تجاه هذه القضية أو تلك.
وحول مقاومة التطبيع، فإن المسألة لا تعدو أكثر من يافطة انتخابية إذ لم يتسن حسم المسألة حين تعلّق الأمر بشكوى ضد هذا العضو أو ذاك أثيرت شبهات حوله، مع الإشارة إلى أن هناك إجماعاً شبه مطلق حول رفض التطبيع ليس لدى الرابطة فحسب، إنما يشمل ذلك وزارة الثقافة التي لم تقم بأي نشاط تطبيعي رغم توقيع الحكومة الأردنية اتفافية "وادي عربة" مع الاحتلال الإسرائيلي عام 1994.
ماذا يعني فوز هذا التيار أو ذاك؟ يبدو أن الإجابة لا تعني أحداً إلى اليوم ما دام التياران الرئيسيان يتناوبان على إدارة الرابطة دون أن ينعكس ذلك تحسيناً لفعالياتها وحقوقاً مكتسبة لأعضائها ودورها في أن تقود الرأي العام في مجتمع يعاني مشاكل لا حصر لها بدلاً ان تبقى أسيرة ماضٍ ولّى.