"ذي إيكونوميست": رسائل بن سلمان خلف السياسة السعودية العدوانية تجاه كندا

11 اغسطس 2018
الأزمة تعزّز صورة بن سلمان كقائد طائش (ألبيرتو بيزالي/Getty)
+ الخط -
انتقدت مجلة "ذي إيكونوميست"، الأزمة التي افتعلتها السعودية مع كندا، معتبرة أنّ الرياض وجهت بذلك تحذيراً لحلفائها، بضرورة التزام الصمت حيال سياساتها، ولافتة إلى أنّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يستغل المشاحنة، في رسم سياسات خارجية "عدوانية" صارمة، لمواجهة انتقادات المحافظين على سياساته الداخلية.

واستغربت المجلة، في مقال نشر الجمعة، طرد المملكة السفير الكندي بشكل مفاجئ، وتجميد التجارة الثنائية والاستثمار، تحت ذريعة قيام أوتاوا بـ"التدخل الأجنبي"، وقالت إنّه "إذا كان أحد أهلاً للتدخل في الخارج، فهم السعوديون"، مشيرة في هذا الإطار، إلى أنّ مسؤولي المملكة ومنذ عام 2011، ساهموا في قمع انتفاضة في البحرين، ودعموا انقلاباً في مصر، واحتجزوا رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.

وذكّرت المجلة، بأنّ غضب المملكة جاء على خلفية تغريدات وزيرة خارجية كندا، كريستينا فريلاند، التي انتقدت اعتقال نشطاء سعوديين في مجال حقوق الإنسان، لا سيما الناشط رائف بدوي وشقيقته سمر.


وأوردت المجلة تحذير وزارة الخارجية السعودية الذي قالت إنّه إذا واصلت كندا انتقاداتها "فسنسمح لأنفسنا بالتدخل في شؤون كندا الداخلية"، مشيرة إلى أنّ هذا التحذير أثار سخرية دبلوماسيين كنديين تساءلوا عما إذا كانت المملكة ستقوم بتسليح "متمردي كيبيك" المقاطعة التي طالبت في السابق بالانفصال عن كندا.


وقالت المجلة واصفة الأزمة:"وسخيفاً كما هو، فإنّ الخلاف هو تحذير لحلفاء السعودية الآخرين: التزام الصمت حيال سياساتنا، أو خسارة إمكانية الوصول إلى أسواقنا"، منتقدة عدم قيام هؤلاء الحلفاء بالمسارعة في الدفاع عن كندا، أقلهم الولايات المتحدة، مذكّرة في هذا الإطار بأنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب "مقرّب من السعوديين، لكنّه غارق في حرب تجارية مع كندا".

ورأت المجلة أنّ الأزمة التي افتعلتها المملكة، تخدم ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يحاول رسم سياسات خارجية "عدوانية" لكن صارمة، مقابل الانتقادات التي يتلقاها بشأن سياساته الداخلية، ومحاولته إعادة تشكيل المجتمع السعودي.

وقالت إنّ "بن سلمان، وبعد قيامه، في غضون أشهر قليلة، برفع الحظر عن قيادة النساء، وفتح دور السينما، والسماح بالحفلات الموسيقية العامة، خاطر بتلقي ردود فعل من رجال الدين المحافظين، لذلك فهو حريص على تشكيل قومية سعودية جديدة".

وأضافت أنّ "السياسات الخارجية العدوانية، من حصار قطر، إلى الحرب في اليمن، تساعد بن سلمان في تحقيق ذلك، لكنّها في الوقت عينه تعزّز صورته كقائد متهور وطائش".

ولفتت "ذي إيكونوميست"، إلى أنّ بن سلمان يحتاج للاستثمارات الأجنبية لفطم الاقتصاد السعودي عن النفط، مشيرة إلى أنّ "الخلاف مع الكنديين المحبوبين لن يساعده في جذبها".



ووصفت المجلة توجّه مجموعة من السعوديين إلى "تويتر"، للتعبير عن تعاطفهم مع الكنديين الأصليين، ومهاجمة آخرين سجل كندا في حقوق المرأة، بأنّه "جهد منسق لكنّه أخرق".

وأشارت إلى أنّ حساباً مرتبطاً بالمملكة، حذّر كندا من "حشر أنفها فيما لا يعنيها"، ووضع صورة مركّبة مرفقة مع التغريدة، تظهر فيها طائرة تنذر بالأسوأ وهي تحلّق نحو برج "سي إن" في مدينة تورنتو، لكن "يبدو أنّ أحدهم أدرك أنّ هذه التغريدة تعطي نظرة سيئة عن بلد خرج منها معظم خاطفي الطائرات في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011"، بحسب المجلة التي أشارت إلى أنّه تم إغلاق هذا الحساب بسرعة.

ورجّحت "ذي إيكونوميست"، أن تكون الأضرار التي ستلحق بكندا جراء الأزمة مع السعودية "طفيفة"، مشيرة إلى أنّ قيمة صادراتها إلى المملكة بلغت 1.1 مليار دولار في عام 2017 (0.2 % من إجمالي قيمة الصادرات الكندية)، ومعظمها من صفقة أسلحة متعددة السنوات بقيمة 12 مليار دولار، بينما استوردت بملياري دولار من البضائع السعودية، معظمها من البترول.

ولفتت المجلة إلى أنّ أول من سيعاني من الأزمة هم حوالى 10 آلاف طالب سعودي في كندا، طلبت منهم المملكة التعلم في بلد آخر، بينما تعتزم كذلك سحب المرضى السعوديين من المستشفيات الكندية.