وذكرت الصحيفة أن القادة الأوروبيين يدعمون جنرالاً ليبياً أمر جنوده بارتكاب جرائم حرب، وفقاً لأدلة جديدة قدمها خبراء قانونيون، مشيرة إلى أن الدلائل على انتهاكات حفتر، العميل السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، والذي تسيطر قواته على نصف مساحة ليبيا، تأتي قبل زيارته المرتقبة إلى روما يوم الثلاثاء، حيث سيستقبله السياسيون الإيطاليون.
وتعد الزيارة في رأي الصحيفة، تغيراً ملحوظاً في سياسة إيطاليا التي دانت حفتر سابقاً ورأت فيه عقبة في طريق الاستقرار في المنطقة لرفضه الاعتراف بالحكومة الليبية، التي تعترف بها الأمم المتحدة ويدعمها الغرب.
وقال الخبيران، وهما ريان غودمان، محام سابق في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، وأليكس ويتينغ، المدعي العام السابق في المحكمة الجنائية الدولية، إن التسجيل الجديد الذي حصلا عليه يؤكد تورط حفتر في عمليات إعدام خارج إطار القانون والحصار غير المشروع لشرقي مدينة درنة.
كما يعتقد أنه طلب "خنق" درنة في إحدى الحالات، قبل يوم من لقائه وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في بنغازي.
وأوضحت "ذا غارديان" أن التقييم الجديد الذي نشر في موقع Just Security Blog يأتي بعدما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق محمود مصطفى الورفلي، وهو عضو في قوات حفتر.
ويتهم الورفلي بإعدام السجناء بنفسه، إضافة إلى توجيه الأوامر لآخرين لتنفيذ عمليات إعدام غير قانونية. وقد دانت كل من منظمة العدل الدولية ومنظمة حقوق الإنسان جرائم الحرب التي ترتكبها قوات حفتر.
وأعلن المتحدث باسم قيادة قوات اللواء خليفة حفتر، أحمد المسماري، أن قيادة الأخير لن تسلم الورفلي لمحكمة الجنايات الدولية، مؤكدا أنه يخضع للتحقيق من قبل المدعي العسكري الليبي.
لكن هذه المساءلات القانونية، إضافة إلى الشكوك في الغرب حول مدى إمكانية الثقة بحفتر، لم تمنع القادة الغربيين من محاولة التحالف معه، حسب الصحيفة، مشيرة إلى أن التقييم الذي أجراه كل من ريان غودمان، وأليكس ويتينغ، يرسمان صورة قاتمة لسجل حفتر.
ويشير كلا الخبيرين إلى تسجيل مرئي على موقع "يوتيوب" نشر في 10 أكتوبر/تشرين الأول، مسجلاً خطاباً لحفتر أمام حفتر أمام قواته يوم 18 سبتمبر/أيلول. يطلب حفتر في الخطاب من رجاله عدم الإبقاء على الأسرى، والذي يعد خرقاً لقوانين الحرب.
وفي تسجيل آخر، يقول متحدث باسم حفتر فيما يتعلق بالاقتتال في قنفودة وهو حي في بنغازي أنه "لن يخرج أحد فوق 14 عاماً حياً". يعتقد أن الفيديو سجل في أغسطس/آب 2016.
وتضيف الصحيفة أن "حفتر يحمل الجنسية الأميركية ويكنّ الولاء لمعمر القذافي، ولكنه تمرد عليه لاحقاً. منحته السي آي إيه الحماية عام 1990 وبعد ذلك الجنسية الأميركية. وعاش في فرجينيا لعقدين من الزمان، حيث جرى إعداده استباقاً لانقلاب عسكري ضد القذافي. أعيد لاحقاً إلى ليبيا، حيث يسيطر بقوة على الشطر الشرقي من البلاد، بما فيها الهلال النفطي الليبي".
ولا يعتبر الخبراء المختصون بأحداث المنطقة حفتر حليفاً يمكن الاعتماد عليه في ليبيا، إلا أن الدبلوماسيين يرون فيه مستقبل البلاد، وتتابع أنه في زيارة قام بها جونسون إلى بنغازي هذا الصيف والتقى فيها بحفتر، قال إن الأخير "له دور في العملية السياسية". أما إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي، فقد استضاف كلا من حفتر ونده، رئيس الوزراء الليبي فائز السراج. وكان ماكرون قد امتدح حفتر قائلاً إنه والسراج أبديا شجاعة تاريخية بقبولهما وقف إطلاق النار.
وتلفت إلى أن مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا حمل الأسبوع الماضي خطة جديدة يمكن لليبيا عبرها التوجه للانتخابات خلال عام، ويعتقد أن يكون حفتر المرشح الرئاسي الأكبر فيها.
وتنقل عن مسؤول أميركي سابق قوله، إن "الهدف الرئيسي لحفتر هو إدارة البلاد في إطار دكتاتورية عسكرية، وأن المحاولات الأوروبية لاستمالة حفتر مفهومة وعملية، لأن الوصول إلى حكومة مستقرة غير ممكن من دونه".
ونجح حفتر في توسيع المناطق تحت سيطرته عسكرياً بسبب الدعم الذي يحصل عليه من مصر والسعودية والإمارات. وأضاف المسؤول السابق أن لدى حفتر اتصالات في الكرملين وأنه قد زار روسيا للمرة الثالثة في أغسطس/ آب من هذا العام.
وأصدر قضاة المحكمة الجنائية الدولية، في وقت سابق، أمراً باعتقال قائد ما تسمّى "قوات الصاعقة"، محمود الورفلي، والتي تعدّ بمثابة جهاز "العمليات الخاصة" ضمن صفوف جيش الجنرال المتقاعد، خليفة حفتر، وتنشط تحديداً داخل مدينة بنغازي شرق ليبيا.
ويشير المقال في Just Security إلى خطاب أدلى به حفتر في أغسطس/أب 2017، في اليوم التالي للقائه جونسون، حيث أشار فيه إلى ضرورة إحكام الخناق على مدينة درنة، وأن هذا الأمر أشبه بخنق المدينة ويجب أن يشمل منع الأدوية والعناية الطبية والنفط وزيت الطهو، حسب "ذا غارديان".
وفي مقابلة مع الصحيفة، علق غودمان أن وضع حفتر كمواطن أميركي يضعه تحت مساءلة القوانين الاتحادية الأميركية، التي تجرم خرق قوانين الحرب وتضع من يعاونه في مرمى الملاحقة القانونية. وهكذا، فإن أي دعم لحفتر سواء كان مادياً أو غير ذلك، يجب أن يحصل على موافقة وزارة العدل الأميركية لضمان موافقته للقوانين الأميركية.
بينما علق ماتيا توالدو، الخبير بالشؤون الليبية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أنه كلما ازدادت شرعنة حفتر زادت صعوبة ملاحقته قانونياً. "يعود الأمر للأميركيين والأوروبيين لتقرير استقرار هذا النظام، لأن ما رأيناه في الربيع العربي أن الأنظمة القمعية غير مستقرة"، على حدّ قوله.
ويضيف ماتيا توالدو في حديثه عن حفتر أنه "شرّ، عديم الفائدة. لا يمكن الوثوق به، مثل بقية زعماء الحرب الليبيين، في الحرب على الإرهاب، أو الهجرة، وأعتقد أن قدرته العسكرية ليست كما يعتقد البعض".