"ذا غارديان": الأمم المتحدة تكثف جهودها لتجنب معركة الحديدة اليمنية

04 يونيو 2018
المساعدات الإنسانية تصل عبر الميناء (فرانس برس)
+ الخط -



قالت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، اليوم الاثنين، إن المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، يقود جهود اللحظات الأخيرة من أجل إقناع التحالف الذي تقوده السعودية باليمن بالعدول عن شن معركة الحديدة بدعم من قوات الشرعية.

وأضافت الصحيفة أن غريفيث يسعى جاهدا إلى إقناع الرياض بعدم شن أي عملية عسكرية على ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، بغية السماح بالتوصل إلى اتفاق يسمح باستمرار عمل الميناء، الذي يشكل محورا رئيسيا لوصول المساعدات الإنسانية.

ولفتت الصحيفة إلى أن القوات اليمنية المدعومة من الرياض قالت، أمس الأحد، إنها سيطرت على المنتجعات السياحية بمنطقة النخيلة، بمديرية الدريهيمي، غربي الحديدة، ما يفتح الباب أمام إمكانية فرض حصار طويل قد يعطل وصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين اليمنيين، أو يعيق خروجها من الميناء.

وكانت قوات التحالف قد منعت السفن من دخول ميناء الحديدة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، رداً على الصواريخ الحوثية على العاصمة السعودية، ما أدى إلى تجويع نحو 3.2 ملايين شخص، وفقاً لبرنامج الأغذية الدولي.

وبحسب "ذي غارديان"، فإن مصادر سعودية زعمت أن غريفيث زار العاصمة اليمنية صنعاء لبحث إمكانية وضع الميناء تحت الإدارة الدولية مع المتمردين الحوثيين، الذين كانوا قد هددوا باستهداف العاصمة الإماراتية بصواريخهم البالستية.

ويسعى المبعوث الأممي لإقناع الأطراف المتنازعة في اليمن بتجنب مفاقمة المعاناة الإنسانية والاقتصادية في البلد الذي مزقته الحرب في الأعوام الثلاثة الماضية، وتصب جهوده في محاولة التوصل إلى اتفاق يجنب المدينة الدمار الذي تتهم بالتسبب به حملات القصف الجوي التي ينفذها التحالف في اليمن، إضافة إلى كثافة الألغام التي يزرعها الحوثيون في المناطق.

ووفقاً للمصادر، فإن جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وعبر وفدها المفاوض المتواجد خارج البلاد، برئاسة محمد عبد السلام، كثّفت من تواصلها الدبلوماسي مع الأمم المتحدة وأطراف دولية فاعلة، في الأيام الماضية، إثر تطورات الحديدة، ضمن خطوات الجماعة بالاستنفار على مختلف الصعد العسكرية والسياسية والإعلامية بمواجهة تصعيد الحديدة، في ظل تسريبات غير رسمية بوجود عروض غير معلنة من قبل الجماعة تدفع باتجاه وقف عملية الحديدة العسكرية مقابل تنازلات منها ترتبط بالمفاوضات المقبلة.

وعلى الرغم من تحفّظ مصادر قريبة من مكتب المبعوث الأممي، تواصل معها "العربي الجديد"، عن تأكيد أو نفي وجود مقترحات يحملها غريفيث في جولته الحالية حول الحديدة، لمّحت المصادر في الوقت ذاته، إلى وجود مخاوف قوية لدى الجانب الأممي من تأثيرات التطورات الأخيرة على خطة التسوية المرتقبة، إلى حدٍ قد يجعل من الصعب التكهن بحدودها. ووصفت التطورات التي شهدتها الحديدة بأنها ذات بعدٍ استراتيجي ومصيري، سيكون له ما بعده في كل الأحوال.


وكان غريفيث قد صرح الأسبوع الماضي بأن معركة الحديدة "سترفع خيار السلام عن الطاولة"، نظراً لأن سيطرة التحالف على المدينة ستقلب موازين الحرب لصالحه كونها ستضع خطوط المعونات القادمة إلى اليمن تحت سيطرته، كما أنها ستؤثر على رغبة الإيرانيين الداعمين للحوثيين في الدخول في مفاوضات جدية حول مستقبل السلام في البلاد.

إلا أن قوات التحالف الذي تقوده السعودية، والتي كانت قد خضعت للضغوط الغربية بتجنب قصف الحديدة منذ أن وضعتها تحت الحصار عام 2015، تطمع في الحسم الأمر عسكرياً بعد التقدم السريع الذي حققته على الأرض في الأسابيع الماضية، وخاصة على السواحل اليمنية الغربية.

وينتظر أن تكون المعركة داخل المدينة أشد صعوبة، وقد تؤدي إلى نزوح أكثر من نصف سكان المدينة البالغ عددهم نحو 600 ألف شخص، إضافة إلى تعطيلها حركة المساعدات الإنسانية والحركة التجارية القادمة إلى اليمن عبر الميناء.

إلى ذلك، قالت "ذي غارديان" إن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، تحدثت مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أمس الأحد، وأن كلا الطرفين رحبا بجهود غريفيث من أجل الوصول إلى تسوية. كما أوضحت أنه يعتقد أن الحكومة البريطانية لا يبدو أنها تؤيد شن عملية عسكرية بالحديدة، لكن الوزراء البريطانيين لم يحذروا المسؤولين السعوديين بشكل علني من مغبة القيام بذلك.

كما لفتت الصحيفة إلى أن كلا طرفي النزاع باليمن متهم بارتكاب جرائم حرب، لكن الحكومة البريطانية واصلت مع ذلك الدفاع عن بيعها أسلحة للسعودية.

ويتسم موقف بريطانيا بالغموض من العملية السعودية المتوقعة في الحديدة، فبينما لم تحذر الحكومة البريطانية السعوديين من مغبة العمل العسكري في المدينة حتى الآن، كان الوزراء البريطانيون قد طالبوا السعودية بتجنب مثل هذه العملية قبل عامين.

كما أن الحكومة البريطانية تستمر في دعم التحالف الذي تشارك فيه دولة الإمارات من مبيعات الأسلحة التي وصلت إلى أرقام قياسية في الأعوام الثلاثة الماضية، ودافعت عنها في وجه الاتهامات باستخدام الأسلحة البريطانية في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها قوات التحالف.

المساهمون