خلّف الفيديو الذي بثه، مساء اليوم الثلاثاء، تنظيم "الدولة الإسلامية"، لإعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة، صدمة لدى الجهات الرسمية والشعبية الأردنية، وذلك نتيجة للطريقة "البشعة" التي نفذ فيها الإعدام عندما أقدم عناصر التنظيم على حرقه وهو على قيد الحياة. طريقة الإعدام، غير المسبوقة في تاريخ التنظيم، دفعت الأصوات الرسمية الأردنية للتأكيد على عزمها على القصاص لحياة الطيار وأن "دمه لن يذهب هدراً"، وسط مطالبات شعبية بـ"الثأر الفوري" لمقتل الطيار، مطالبين بإعدام العراقية المحكومة بالإعدام في الأردن، ساجدة الريشاوي، والتي سبق للتنظيم المطالبة بإطلاق سراحها، إضافة إلى مطالبات الشعبين بإعدام آخرين محكومين بالإعدام في الأردن ممن ينتمون إلى ويُحسبون على "داعش".
وأكدت مصادر أمنية وحكومية، لـ"العربي الجديد"، أن فجر اليوم الأربعاء، سيشهد تنفيذ الإعدام بعدد من المحكومين في سجن السواقة (جنوب عمّان)، من بينهم ساجدة الريشاوي.
في الأثناء، قطع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، زيارته، التي بدأت أمس الإثنين إلى وشنطن، بعد ساعات من نبأ إعدام الكساسبة، ليطل عبر شاشة التلفزيون الأردني داعياً الأردنيين، في هذا اللحظة التي وصفها بـ"الصعبة"، إلى الوقوف صفاً واحداً في مواجهة الشدائد.
وقال الملك: "لقد تلقينا بكل الحزن والأسى والغضب نبأ استشهاد الشهيد الطيار، معاذ الكساسبة، على يد تنظيم (داعش) الإرهابي الجبان"، مؤكداً وهو ينعى الطيار: "قضى الطيار الكساسبة معاذ دفاعاً عن عقيدته ووطنه وأمته".
القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي)، كشفت على لسان المتحدث باسمها، العقيد ممدوح العامري، أن الكساسبة استشهد في 3 يناير/كانون الثاني الماضي، من دون أن يشير إلى المعلومات التي استند إليها في البيان الرسمي.
وهدد الجيش بالقصاص من التنظيم الذي وصفه بـ"الطواغيت"، قائلاً في بيانه إن "دم الشهيد لن يذهب هدراً وأن القصاص سيكون انتقاماً بحجم مصيبة الأردنيين جميعاً"، وأكد العامري الجهود التي بذلتها أجهزة الدولة لمحاولة تخليص الطيار منذ اللحظة الأولى لأسره.
وفي سياق "الثأر" أعلن المتحدث باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، أن "الرد سيكون مزلزلاً"، وقال في تصريح للتلفزيون الأردني إن "كل من يشكك بوحشية (داعش)، هذا هو البرهان، ومن كان يشكك في أن رد الأردن لن يكون حازماً، سيأتيه البرهان".
وكانت عائلة الطيار قد عادت إلى مسقط رأسها في مدينة الكرك (جنوب الأردن) بعد أن أبلغها رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش العربي، الفريق الركن مشعل الزبن، خبر إعدامه، حسب ما أبلغ مقربون من الطيار، "العربي الجديد"، حيث من المقرر أن يقيموا في مدينتهم "عرس شهيد" يقبلون فيه التهاني باستشهاد ابنهم.
وفي السياق نفسه، شهدت مدينة الكرك أعمال شغب محدود في أعقاب بث الفيديو، حيث أقدم محتجون غاضبون على إحراق متصرفية لواء عي، الواقعة في مسقط رأس الطيار، فيما حاصر آخرون مبنى محافظ المدينة، وسط حضور أمني مشدد.
وفي العاصمة عمّان، تجمهر مئات المحتجين الغاضبين أمام ديوان أبناء الكرك، مرددين هتافات تبجل الشهيد وتدعو للقصاص، كما شهدت العاصمة عدداً من الاعتصامات المتفرقة تطالب بالقصاص من قتلة معاذ.
ويعتبر فيديو "داعش"، الذي يوثق لإعدام الكساسبة، من أطول الفيديوهات نسبياً التي يصدرها التنظيم لحادثة إعدام، حيث تضمن الفيديو نشر مقابلة مصورة مع الكساسبة كانت قد نشرت في مجلة (دابق) الناطقة باسم التنظيم باللغة الإنجليزية بعد أيام قليلة من أسر الطيار في 24 ديسمبر/ كانون الأول.
وكان التنظيم قد أمهل الأردن، يوم الأربعاء الماضي، 24 ساعة للإفراج عن الريشاوي، مقابل إطلاق سراح الرهينة الياباني كينجي غوتو (أعدم لاحقاً)، وحفظ حياة الطيار الكساسبة من دون الإفراج عنه، فيما تمسك الأردن بالإفراج عن الريشاوي مقابل الإفراج عن طياره، شريطة توفير دليل يثبت حياة الكساسبة، وهو ما لم يحدث.
ودعا المسلمين في فرنسا إلى الاستعانة بسكين لقتل عناصر في الشرطة. وأشار إلى الأربعة ملايين الذين تظاهروا بعد الاعتداءات الأخيرة، داعياً إلى قتلهم. كما أنذر الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، بضرورة إطلاق السجناء المسلمين، مشيراً إلى أنه سيضطر في يوم ما إلى القيام بذلك وتسليم هؤلاء بنفسه (أي هولاند) "جواز سفر الدولة الإسلامية" بعد مغادرتهم السجن.
ودعا الرجل "الأمة المسلمة التي لا تزال تعيش في فرنسا" إلى مغادرتها والالتحاق بـ"أرض الشام المباركة" وبالخلافة الإسلامية.
وحيّا "إخوانه" الذين نفذوا الاعتداءات الأخيرة في فرنسا، معدداً إياهم: "بلال" الذي هاجم عناصر شرطة فرنسيين بالسكين في وسط البلاد في 20 ديسمبر/كانون الأول قبل أن يردوه قتيلاً، والأخوين كواشي اللذين نفذا الاعتداء على مقر صحيفة "شارلي إيبدو" في باريس في السابع من يناير/كانون الثاني، وأبا بصير الأفريقي (أحمد كوليبالي)، الذي نفذ عملية احتجاز الرهائن في متجر يهودي في باريس.