"داعش" يضرب المعارضة في حلب

31 مايو 2015
قصف قوات النظام حلب صباح أمس (مصطفى سلطان/الأناضول)
+ الخط -

بدأ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) هجومه على قوات المعارضة السورية المسلّحة في جبهة ريف حلب الشمالي، والتي تسيطر عليه الأخيرة. يأتي ذلك فيما تستعد قوات المعارضة لمهاجمة قوات النظام السوري بهدف إنهاء وجوده في حلب ومحيطها، ما يُترجم ميدانياً بأن "داعش" يُشغل المعارضة لكفّ هجومها عن قوات نظام بشار الأسد، من جهة، ويوجّه ضربة استباقية للمعارضة كي لا تتفرغ له تالياً، من جهة ثانية.

وجاء هجوم "داعش"، يوم الجمعة الماضية، على قرية التقلي الاستراتيجية وسيطرته عليها ليفسح المجال بشكل واسع لاشتعال جبهة القتال بين الطرفين في ريف حلب الشمالي، والتي شهدت في الأشهر الماضية هدوءاً نسبياً تخللته عمليات قصف متبادل ومناوشات بين الطرفين، من دون محاولات جدية من أحدهما للتقدم على حساب الآخر، باستثناء عملية قوات المعارضة السورية التي تمكنت من خلالها من السيطرة على القرى الواقعة إلى الجنوب من سد الشهباء في ريف حلب الشمالي، بعد هجوم مفاجئ على قوات "داعش" في المنطقة مطلع الشهر الحالي.

اقرأ أيضاً: "داعش" يهاجم قوات المعارضة السورية بريف حلب الشمالي 

وأكّد الناشط حسن الحلبي لـ "العربي الجديد"، أن قوات "داعش" تمكنت فجر الجمعة من التسلل إلى قرية التقلي الواقعة على الطريق الذي يصل بلدة صوران بقرية حوار كلس الحدودية، حيث يوجد الكثير من مقرّات قوات المعارضة، وتمكنت من السيطرة على القرية وأنهت وجود قوات المعارضة التي انسحبت منها بعد اشتباكات مع قوات "داعش".

وأشار الحلبي إلى أن قوات "داعش" تعي الأهمية الاستراتيجية الخاصة لمكان القرية، حيث يمرّ فيها خط إمداد قوات المعارضة الرئيسي الذي يصل قواتها التي تملك مقرات وقوات كبيرة في حوار كلس بقواتها التي تقاتل "داعش" على تخوم بلدة صوران.

ويبدو أن "داعش" يريد من خلال تقدمه في هذه المنطقة الالتفاف على خطوط دفاع قوات المعارضة في ريف حلب الشمالي، وبالتالي فرض حصار جزئي على هذه القوات ثم مهاجمتها بقوة عسكرية كبيرة، الأمر الذي قد يجبرها على التراجع من خلال خطوط الإمداد الضيقة التي تركها التنظيم لقوات المعارضة.

وتدعم هذا السيناريو روايات شهود عيان من سكان المنطقة تحدثوا إلى "العربي الجديد" عن استجلاب "داعش" لتعزيزات كبيرة إلى مناطق اخترين وإرشاف واحتيملات ودابق التي يسيطر عليها، وتقع في مقابل مناطق سيطرة المعارضة في مدينة مارع ومحيطها.

وتقاتل قوات المعارضة تنظيم "داعش" على طول خط يمتد من الحدود السورية التركية شمالاً إلى الغرب من بلدة دوديان، وصولاً إلى بلدة تل الجيجان قرب مدرسة المشاة العسكرية التي تعتبر أكبر نقاط تمركز قوات المعارضة في الشمال السوري على الإطلاق، في خط اشتباك يزيد طوله على 35 كيلومتراً.

وعلى ما يبدو فإن قوات "داعش" تسير على الخطة التي نفذتها مطلع العام الماضي، ومكنتها من سحب قواتها التي كانت تحاصرها قوات المعارضة في مدينة أعزاز القريبة من الحدود التركية في حينها، ثم قامت بالسيطرة على شريط القرى الحدودية الموازية للحدود السورية التركية مباشرة وصولاً إلى مدينة أعزاز، لتتمكن من سحب قواتها المحاصرة في إعزاز عبر هذا الخط، متجنبة الدخول في صراع دموي غير مضمون النتائج ضد قوات المعارضة المتمركزة في مدينتي مارع وتل رفعت اللتين تحويان خزاناً بشرياً كبيراً لقوات المعارضة.

غير أنّ "داعش" هذه المرة يريد توجيه ضربة قاصمة في الظهر إلى قوات المعارضة السورية في حلب وريفها، والتي تحضر لعملية عسكرية ضد قوات النظام في حلب، إذ إن سيطرتها على الشريط الحدودي مع تركيا ثم على مدينة أعزاز، معبر باب السلام الحدودي، سيكون بلا شك كفيلاً بخلط أوراق قوات المعارضة في حلب بشكل كامل ومن ثم تأجيل أو إلغاء عمليتها العسكرية في حلب ضد قوات النظام.

ولا يبدو أن من مصلحة "داعش" تمكن قوات المعارضة من حسم الصراع المستمر في حلب لصالح الأخيرة، لأن ذلك سيعني بطبيعة الحال تفرغ قوات المعارضة في حلب وريفها لقتال "داعش".