أكد مسؤولون وتجار محليون في الموصل عاصمة محافظة نينوى العراقية، اليوم الثلاثاء، أن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بدأ بتشغيل ستة مصانع محلية، فيما قال خبراء اقتصاد إن التنظيم لجأ لتشغيل هذه المصانع لغرض سدّ الحاجة الفعلية للأسواق، في ظل الحصار الخانق الذي تعيشهُ مدينة نينوى، بسبب تداعيات سيطرة التنظيم على المحافظة، والحرب الدائرة في العراق وسورية.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة نينوى، نور الدين قبلان، لـ"العربي الجديد"، إن "داعش دمّر الاقتصاد في محافظة نينوى، وشروعه بتشغيل عدد من المعامل الأهلية والحكومية، يأتي ضمن محاولة سد الحاجة الفعلية لأسواق نينوى، خاصة وأن التنظيم قام خلال العام الحالي بسرقة ونقل أجزاء كبيرة ومهمة من مصافي النفط في مدينة القيارة 80 كلم جنوب الموصل، ونقلها إلى سورية".
وأضاف "سكان نينوى يعيشون ظروفا اقتصادية وإنسانية صعبة، لأن الحكومة أوقفت جميع رواتب الموظفين والمتقاعدين.. يسعى التنظيم من خلال تشغيل هذه المعامل إلى توفير الحاجات الأساسية مثل الطحين والغاز المسال".
وكشف قبلان أنّ "المحافظة قبل العاشر من يونيو/حزيران الماضي، كان فيها أكثر من 200 معمل إنتاجي لمختلف القطاعات الغذائية والصناعية وترفد السوق العراقية بمختلف المنتجات"، لافتاً إلى أن "التنظيم قام بتدمير غالبية تلك المعامل، ودليل توقف عجلة الإنتاج وجود ستة معامل فقط من إجمالي سوق الإنتاج الصناعي، وهذه لا ترفد السوق إلا بنسبة تصل إلى 4% لأنها تعمل بطاقة إنتاجية تصل إلى 30% من كامل طاقتها القصوى".
اقرأ أيضاً: "داعش" يسكّ درهماً ذهبياً يعادل 4 دولارات
بدوره، قال يونس عبدالله، أحد أصحاب معامل إنتاج المواد الغذائية في نينوى، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "تنظيم (داعش) بدأ بفرض تشغيل جميع المعامل الأهلية والحكومية المتوقفة، بعد تردي الأوضاع الاقتصادية في عدد من القطاعات، التي هي عصب اقتصاد نينوى وخاصة معامل الغاز والنفط وإنتاج المواد الغذائية".
والمعامل التي شغّلها داعش في المدينة، بحسب عبدالله، هي"معمل الطحين والإسمنت والأسفلت والغاز السائل والحديد والصلب ومعمل للمعلبات الغذائية الصناعية"، موضحاً أن "هذه المعامل جميعها كانت متوقفة منذ قرابة الشهرين".
وأضاف "سوق نينوى التجاري على الرغم من توفر السلع فيه الآن، يعاني من ركود اقتصادي شديد، وقلة في منتوجات رئيسية تدخل بشكل فعلي في الحياة اليومية للمواطن في الموصل.. مجمل ما توفره هذه المعامل لا يسد حاجة السوق من الإنتاج"، مؤكداً أنّه "رغم سيطرة "داعش" على المدينة، فإن ما يقارب من 1.5 مليون مواطن لا يزالون في المدينة رافضين النزوح بسبب أوضاعهم الاقتصادية الصعبة".
وعن الطاقة الإنتاجية لتلك المعامل التي تعمل في نينوى، بيّن التاجر أن "هذه المعامل لا تعمل بطاقتها القصوى وإنما بطاقة تصل إلى نحو 30% من الحاجة الفعلية وذلك لأن هناك معامل تحتاج إلى قطع غيار، والأوضاع لا تساعد على الاستيراد وتوفير ما تحتاجه هذه المعامل التي كانت توفر ما نسبته 80% قبل دخول تنظيم داعش إلى نينوى".
وعلق الخبير الاقتصادي والأستاذ في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة الموصل، أكرم الدوسكي، لـ"العربي الجديد"، أن "الحياة الاقتصادية شبه متوقفة وما يتعامل به السكان هو لسد الحاجة اليومية للعيش، وقيام التنظيم بتشغيل المصانع المتوقفة هو خطوة تشبه علاج إنسان ميت بجرعة لغرض البقاء على قيد الحياة لأيام، لأن تلك المعامل تحتاج إلى مواد أولية للشروع بالإنتاج، وتقع في غالبها في الساحل الأيسر بالمنطقة الصناعية التي تعرضت إلى تخريب كبير بفعل الضربات الجوية من قبل التحالف الدولي".
كما أكد أن "المدينة تعاني من نقص شديد من غاز الطبخ إذ وصل سعر الأسطوانة إلى 55 ألف دينار، وكيس الطحين إلى 30 ألف دينار وطن الإسمنت إلى نحو 150 ألف دينار، وحتى سعر الحديد والصلب تجاوز 450 ألف دينار في السوق المحلية، ويحاول التنظيم من خلال تشغيل هذه المصانع توفير تلك المواد".
اقرأ أيضاً: "داعش" يحتكر الحبوب لسد نقص الغذاء والإيرادات في العراق