"داعش" يتسلّل إلى السعوديّة ويفتح معركة حدود المملكة

02 فبراير 2015
القوات العراقية عاجزة عن السيطرة على المنطقة(حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -
لا شيء يوحي بأنّ الهدوء المطبق على الحدود العراقية ـ السعودية سيستمر طويلاً، إذ إنّ جميع الإشارات تؤكّد أنّ ثمة بركاناً سينفجر قريباً في تلك المنطقة التي تشهد نشاطاً كبيراً وملحوظاً لتنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، يمتد على طول 68 كيلومتراً ملاصقة للأراضي السعودية، وتبدأ من النخيب وتنتهي عند آبار عبد الملك بن مروان، التي تبعد 20 كيلومتراً عن أول المدن السعودية.

وتكشف مصادر عراقية استخبارية عن معلومات حصرية لـ"العربي الجديد"، تفيد بوجود "مخاوف حقيقية من هجمات على السعودية تنطلق من الأراضي العراقية بشكل منسّق وأكبر ممّا شهدته في الشهر الماضي". وقال مسؤول عسكري عراقي رفيع المستوى في وزارة الدفاع، فضّل عدم نشر اسمه: "نحقق في معلومات عن تمكن مجموعتين من (داعش) التسلل للأراضي السعودية الشهر الماضي، وهم يقدّرون ما بين 25 الى 35 مسلحاً، وذابوا فيها بعد دخولهم، وهي تقارير وردتنا ونحقق بها، لكن المعلومات الواردة غير مريحة إطلاقاً بالنسبة لنا أو للسعوديين".

ويضيف المسؤول نفسه، الذي يشغل منصب عميد ركن برئاسة أركان الجيش العراقي: "شهدت هذه المنطقة بالذات هجمات منسقة خلال الأربعين يوماً الماضية، كان آخرها أول أمس، السبت، حين هاجم "داعش" وللمرة الثالثة، مخفر العناز بين البلدين، وقتل جنديين واختطف أربعة، عُثر على جثثهم مقطوعة الرأس بعد ساعات".

وأكّد أنّ "قوة القوات العراقية في تلك المنطقة ضعيفة، كما لا تملك قدرة على السيطرة على المنطقة. وهناك نحو 30 عنصراً أمنياً عراقياً جميعهم من حرس الحدود مع السعودية قتلوا منذ مطلع هذا العام". وتابع المسؤول العسكري أن "الربط بين تسلل مجموعتين إرهابيين الى الأراضي السعودية والهجمات على المخافر العراقية معها وبشكل متكرر، ينبئ بمشاكل جمة مستقبلاً، وهو ما استدعى رفع مستوى التنسيق الاستخباري بين البلدين أخيراً".

وأكّد أنّ "عملية اغتيال الشيخ لورنس متعب الهذال، زعيم قبيلة عنزة، الجمعة الماضي، بعد أيام من تعهده بنشر أبناء قبيلته على الحدود المشتركة مع السعودية وتأمينها، أمر خطر للغاية، وخصوصاً أن التنظيم أرسل إليه انتحاريَين هاجما منزله الواقع على بعد 50 كيلومتراً من الحدود الدولية بين البلدين".

من جهته، يقول مدير مخفر العناز الحدودي بين العراق والسعودية، النقيب فاضل العنزي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنّ نشاط التنظيم يشمل حالياً حفر آبار جديدة والتجول بالمنطقة، بعد نشاطهم العسكري المتمثل بمهاجمة النقاط الحدودية"، مشيراً إلى أنّ "عدداً من الجنود المكلفين بحماية الحدود فرّوا خوفاً من الآتي".

ويضيف العنزي: "هذه الأيام بات النهار لنا والليل لهم"، في إشارة إلى عناصر التنظيم. ويتابع: "حطوا رحالهم في المنطقة منذ شهر، ولا نعلم ما الذي يريدونه، فالأرض قاحلة لا تصلح حتى للرعي، وهم يقيمون فيها، وحفروا ثلاثة آبار، وقمنا نحن بردمها، لكنهم عادوا وحفروا غيرها، ونجد آثار إطارات سياراتهم في التراب كل يوم، حتى حولت مسالك سياراتهم إلى طريق يابس لا يثير الغبار، من كثرة ما استخدموه، كما نجد مواقدهم مشتعلة صباحاً حيث يجلسون ويوقدون النار للتدفئة مع بلوع درجة الحرارة ليلاً ثلاث درجات مئوية".

ويعتقد العنزي أنّ عناصر التنظيم "يتجمعون ويخططون لشيء ما، إذ يمكن لداعش أن يخترق الحواجز العراقية بسهولة، لكن تسلّل مجموعتين منه إلى السعودية، هذا يعني أنهم يخططون لمهاجمة حرس الحدود السعودي، وقد يكون هناك هجوم منسّق في وقت واحد من كلا الجانبين لكسر الحدود ودخول موجات من المسلّحين إلى العراق أو العكس".

وشهدت الحدود السعودية ـ العراقية البالغة 814 كيلومتراً، هجمات دامية في الرابع من يناير/ كانون الثاني الماضي، تركّزت في المنطقة المحصورة بين محافظتي الأنبار، غرب العراق، وبلدة عرعر، شمال السعودية، وأسفرت عن مقتل عدد من عناصر الأمن السعودي بينهم ضابط رفيع إثر تفجير انتحاري استهدف مخفراً داخل الأراضي السعودية المجاورة للعراق، فضلاً عن مقتل واصابة 13 عنصر أمن عراقي.

ويرى الخبير في شؤون الجماعات المسلحة بالعراق، سامي العبيدي، أنّ هناك مخاوف من أن تكون الحدود العراقية ـ السعودية في الفترة المقبلة عنوان الاحداث الأبرز على ساحة الصراع.
ويوضح العبيدي، لـ"العربي الجديد"، سعي تنظيم "داعش" لافتتاح فرع له في السعودية بأي شكل من الأشكال مستغلاً عدة ظروف مناسبة له.
ويضيف العبيدي: "هدف داعش ليس الحدود نفسها، بل كسرها واستغلالها كمنفذ حدودي جديد له، يستمد من خلاله قوته المالية والبشرية، وهناك الكثير من المتطرفين الذين تحكم الحكومة السعودية الخناق عليهم، وفي ظل وجود منفذ لهم سينقلب الحال تماماً".

وعلى الرغم من مرور نحو شهر على تنفيذ عملية مركز السويف الحدودي السعودي، غير أن تنظيمي "داعش" أو "القاعدة" لم يعلنا مسؤولية أي منهما عنها، ما يعزّز من احتمال رغبة أي منهما بعدم فتح أعين الأجهزة الأمنية السعودية للبحث عن عناصرهم المتسلّلة.
دلالات