يسود جوّ من الترقّب في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في سورية، وتحديداً في محافظتي دير الزور والرقة، وذلك بعد إعلان الولايات المتحدة الأميركية عن نيتها تشكيل تحالف دولي لضرب "داعش"، وتأكيد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ذلك، عبر خطة التحالف التي أعلن عنها فجر أمس، الخميس، والتي تضمنت في إحدى نقاطها الأربع تسليح المعارضة المعتدلة.
ولم يتجلَّ هذا الترقّب في خطوات مباشرة من قبل "داعش" في دير الزور رداً على قرارات الحلف الدولي، وإنما بتخوّف واضح لدى مهاجري التنظيم ومن أهالي المنطقة والكتائب التي بايعته مجبرة.
وفي هذا الإطار، يتحدث أحد القادة المبايعين لتنظيم "داعش" في ريف دير الزور الشرقي، المكنى أبو الهادي، لـ"العربي الجديد"، قائلاً إنه "لم يستغرب أحد من قادة التنظيم قرار أوباما، وإنما كانوا يتوقعونه، ولكن المفارقة أن الأنصار (عناصر التنظيم السوريين) ممّن بايعوا التنظيم، غير متخوّفين من القرار، بعكس المهاجرين (الأجانب)، إذ بدا خوفهم واضحاً، ولكن ليس من الغارات الأميركية، بقدر خوفهم من الأهالي والكتائب التي بايعت التنظيم مجبرة، إذ ينتظر هؤلاء أي فرصة للانقضاض على عناصر التنظيم".
ويضيف أبو الهادي، أنه "منذ يومين، قصفت طائرات النظام السوري قرية غريبة شامية في ريف دير الزور، مستهدفة أحد مقرات التنظيم، فهاجم أهالي القرية بعد القصف المقر وسيطروا عليه، ليأتي التنظيم بتعزيزات في المساء ويتمكن من استعادته، وسط عمليات إعدام بحق بعض الأهالي. فلو توفر بعض الدعم للأهالي لما سقطت دير الزور في يد التنظيم من الأساس". ويؤكد أن "عدد الكتائب التي بايعت التنظيم في دير الزور من دون قتال أكبر ممّن قاتلوه، وخصوصاً في المدينة، وهؤلاء ما زال سلاحهم بأيديهم، وهو ما يتخوّف منه التنظيم، إضافة إلى طبيعة المنطقة العشائرية التي ارتكب فيها مجازر كبيرة، إذ إن الكثير من أهالي المنطقة لديهم ثأر عند التنظيم".
وفي السياق ذاته، يتحدث قائد الكتيبة المرابطة عند تخوم مطار دير الزور العسكري، والذي ينسّق مع "داعش" ويتلقى الدعم منه، الملازم أول محمد الراشد، عن أنه "في ريف دير الزور الشرقي، لم يتخذ التنظيم تدابير واضحة على إعلان التحالف الدولي، بدليل أنه ما زال يتمركز في نقاط مكشوفة جداً، منها حقل التيم النفطي، ومدينتي العشارة والميادين، لكن يبقى الترقّب سيّد الموقف، إضافة إلى توجّس التنظيم من الأنصار".
ويؤكد الراشد، لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيم في دير الزور يفتقد لمنظومة دفاع جوي قوية، في الوقت الذي يعتمد فيه على الأسلحة الأرضية الثقيلة، إذ إن طيران النظام شن أكثر من 50 غارة جوية على المدينة وريفها، خلال الأسبوع الماضي، ولم يستطع التنظيم صد أي منها، فكيف بطائرات أميركية"؟ ولفت إلى أن التحالف الدولي، وتصريح أوباما عن خطته، سيؤخران معركة مطار دير الزور العسكري، إذ سيتوجه التنظيم للمحافظة على قواته وذخيرته وتوفيرها لتدعيم مناطق نفوذه الحالية.
وفي الوقت الذي يتخوّف فيه "داعش" من الأهالي وفصائل الجيش الحر في دير الزور، يبدو أنه يعيد ترتيب أوراقه بشكل أكبر في محافظة الرقة. فمع تكثيف النظام غاراته الجوية على المدينة في سعيه لإقناع المجموعة الدولية بأنه يمكن الاعتماد عليه كجزء من الحل، بدأ التنظيم بتغيير مقراته بشكل دوري.
من جهته، يؤكد أحد مشايخ عشائر الرقة، والذي تحفّظ عن ذكر اسمه، أن "التنظيم يقوم بتغيير مقراته بشكل مستمر، كما ينتشر بين المدنيين، ومعظم قيادات التنظيم في الرقة غير متخوّفة من الضربات الجوية، وإنما من تدخل بري قد يرافقها، وخصوصاً من الجهة الغربية من الرقة، المفتوحة على جبهتي حلب وإدلب".
ويجزم المصدر بأن "التنظيم يستحيل خروجه من محافظة الرقة عبر غارات جوية فقط، فلا بد من تدخل بري يجبره على ذلك، إذ إن أهالي الرقة لا يملكون السلاح، وفصائل الجيش الحر في المدينة قليلة أساساً، حيث كان الاعتماد على كتائب من حلب وإدلب في تحرير المحافظة، قبل سيطرة (داعش) عليها".