"داعش" حين يستنفر إيران

08 فبراير 2016
يشيعون ضابطاً إيرانياً قتل في سورية (عطا كناريه/فرانس برس)
+ الخط -
تعلن السعودية عن استعدادها لإرسال قوات برية إلى سورية لمحاربة تنظيم "داعش"، فيستنفر قادة الحرس الثوري الإيراني ألسنتهم، ويهاجمون السعودية، ويتوعدونها بالهزيمة، ويعتبرون أية خطوة للرياض بهذا الاتجاه، بمثابة انتحار، وبأن القوات السعودية غير قادرة على النجاح في حرب من هذا النوع. مشهد قد يبدو غريباً ومثيراً للوهلة الأولى، لكنه يكشف الكثير عما يدور في أروقة السياسة الدولية فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، منذ 2011.

حاولت الولايات المتحدة قبل ما يزيد عن عقد من الزمان، فعل أمر مشابه، عندما ربطت ما بين الإرهاب، تنظيم القاعدة آنذاك، وبين النظام العراقي بقيادة صدام حسين، فاستغلت أحداث سبتمبر/أيلول 2001 لاحتلال العراق، والجميع يعرف بقية القصة. كذلك روسيا استخدمت شعار مكافحة الإرهاب الأميركي، لقمع الانتفاضات المتلاحقة من الجهاديين الإسلاميين في الشيشان، ونجحت في ذلك، على الرغم من أن المسألة الشيشانية مسألة انفصالية تقليدية. لاحقاً تكرر هذا السيناريو بأكثر من صياغة، ومن قبل أكثر من طرف، وسلوك نظام السيسي وقمعه الإخوان تحت لافتة مكافحة الإرهاب مثال ثالث.

استنفار دمشق وطهران اليوم ضد إعلان الرياض استعدادها لمحاربة تنظيم "الدولة"، يأتي لمعرفتهم التامة باستغلالهم المطلق لموضوع محاربة الإرهاب من أجل إعادة تأهيل النظام السوري، ورئيسه بشار الأسد. لذا يريدون أن يكونوا الشركاء الوحيدين، والحصريين، لمواجهة "داعش"، ويدركون أن أية محاولة لمحاربته على الأرض، ستعني تلقائياً إضعاف نفوذهم، على الأرض أيضاً. فبينما يحارب العراقيون "داعش"، لأنه خطر حقيقي على النظام السياسي هناك، يعلن الروس والإيرانيون والسوريون محاربتهم التنظيم من أجل تصفية المعارضة المسلحة المناوئة للأسد. فالمعارضة بديل دولي محتمل عن الأسد، وشريك محتمل في الحرب على الإرهاب، بل خاضت فصائل المعارضة معارك ضد التنظيم في أوقات سابقة، بينما تنظيم "الدولة" لا يمكن أن يكون شريكاً دولياً أو بديلاً عن الأسد بنظر القوى الكبرى. لذلك، ورغم خطر "داعش" على النظام في المدى البعيد، لا يسارع إلى محاربتها اليوم، فإن اقتصرت الساحة السورية على "إرهاب النظام" و"إرهاب داعش"، يعرف الجميع أين سيذهب هوى القوى الدولية.
المساهمون