صدر حديثاً عن "منشورات جامعة برنستون" كتاب "خطأ الشاعر" للباحثة إريكا مكالبين، أستاذة الأدب في "جامعة أكسفورد"، الذي يكشف ميل القرّاء ومتذوقي الشعر إلى تبرير العيوب في القصائد إيماناً بأصحابها، ويوضّخ كيفية قراءتهم لها.
تشير المؤلّفة إلى أن الشاعر الإنكليزي جون كيتس خلط بين اسمين في قصيدة "نظرة أولى إلى هوميروس تشابمان"، كما أخطأ الشاعر الإيرلندي شيموس هيني في اسم إحدى بحيرات وردزورث، وغيرها من الزلات التاريخية المعروفة إلى التناقضات النحوية والأخطاء الإملائية التي لم يلاحظها أحد من قبل.
خلافاً للعديد من النقاد الذين يعتبرون هذه الأخطاء مناسبة أو ضرورية للعمل نفسه، فإن المؤلفة هنا تسعى إلى إقناع القارئ بصرورة تسمية خطأ ما، مؤكّدة أن إنكار الخطأ يضر بالشعراء وقصائدهم، حيث تفرّق بشكل واضح بين الحرية الشعرية بتغيير التركيب أو استعمال تركيب لم يألفه أحد من قبل، وبين الأخطاء التي تحدث بشكل لا إرادي.
ويبيّن الكتاب أنه عندما يقرر الشعراء كسر القواعد، إما من خلال قول العبث بقواعدهم اللغوية أو استخدام الكلمات بشكل غير صحيح (إما من خلال اللهجة أو العامية أو لخلق تأثير من نوع ما)، فإنهم يفرضون تجاوزاً شعرياً يمكن القبول له، ولكنهم عندما يقعون في خطأ نحوي أو إملائي فلا تبرير لهم حتماً.
أتت فكرة هذه الدراسة، حين توقّفت مكالبين عند أخطاء أملائية كان يشتهر فيها الشاعر الإنكليزي جون كلير والتي كانت تحاول أن تجد لها سياقاً وتفسيراً، لتسأل نفسها فجأة: لماذا كنت حريصة جداً على تحويل خطأه إلى شيء أكثر معنى؟ ألا يمكن للشعراء أن يرتكبوا أخطاء دون شعورنا بالحاجة إلى إنقاذهم؟ أليس من الأفضل تسجيل الخطأ كشيء غير مقصود والاستمتاع به على ما هو عليه؟
قررت الباحثة بعدها أنه سيكون من الممتع متابعة الأخطاء الأخرى التي يمكن أن أجدها في القصائد وأن أفكر في ما تعنيه بدلاً من محاولة تبريرها بشكل خلاق، لتجد أن كل خطأ تقريباً في تاريخ الشعر كان مصحوباً بدراسة حاول صاحبها إنقاذ الشاعر من خلال الادعاء بأن خطأه كان هادفاً، وكان له بعض الاستخدام.
وتلفت إلى أخطاء للشعراء روبرت براونينغ، وإميلي ديكنسون وهارت كرين وإليزابيث بيشوب وجون آشبيري وآخرين.