أظهرت عودة تنظيم "ولاية سيناء" إلى تنفيذ عمليات، بعد تراجعه عن المواجهة في بداية العملية العسكرية التي يشنّها الجيش المصري تحت مسمى "حق الشهيد" في سيناء، عدم صحة الأنباء التي انتشرت في بعض وسائل الإعلام عن استعادة الجيش السيطرة الكاملة على سيناء.
فخلال أول أيام الحملة العسكرية، لجأ تنظيم "ولاية سيناء" إلى الانسحاب، بيد أنه بعد بضعة أيام استعاد نشاطه مرة أخرى، في استهداف قوات الجيش والتصدي للحملات، ونصب الكمائن لهم، وتفجير المدرعات والدبابات بالعبوات الناسفة، والصواريخ الحرارية الموجّهة، فضلاً عن الاشتباكات والهجوم على الكمائن بمختلف أنواع الأسلحة. ويعتمد تنظيم "ولاية سيناء" على استراتيجية الاختفاء في بداية الحملات العسكرية، ومن ثم الرد بقوة، بعد دراسة الوضع وطبيعة العملية الجديدة، وهو ما حدث بالفعل.
وشنّت قوات الجيش حملات اعتقالات واسعة على قرى الشيخ زويد ورفح المصرية، ولم تسلم منها مدينة العريش، التي تعتبر أقل مدن سيناء توتراً وتمركزاً بالنسبة للجماعات المسلحة. وداهمت قوات الجيش والشرطة عدداً من المنازل على منطقة كرم أبو نجيلة وسط مدينة العريش.
واعتقلت القوات المشتركة، عشرات الشباب من سيناء خلال أكثر من أسبوع على بدء الحملة. وفي استمرار لسياسات الجيش نفسها في قصف المنازل بقذائف الدبابات، أسفرت عملية القصف عن مقتل سيدة تُدعى جميلة سليمان عوض، ورضيعها. وتزيد هذه الانتهاكات من الأزمة السيناوية، لجهة أن هذا الأمر يعمّق الجراح والرغبة في الثأر والانتقام من القوات المسلحة، وهو أحد العوامل التي تزيد من قوة التنظيم المسلح.
اقرأ أيضاً: "ولاية سيناء" يتمدد في اتجاه الصحراء غرب مصر
وأعلن التنظيم، في بيان، مسؤوليته عن "قتل عدد من الجنود والضباط، بينهم اللواء في الشرطة المصرية، خالد عثمان، وهو مشرف الخدمات الأمنية بدائرة قسم أول العريش"، خلال استهداف كمين للشرطة وسط مدينة العريش بالأسلحة الخفيفة. وتكشف الواقعة عدم وجود تنسيق كامل بين الجيش والشرطة، إذ إن الكمين الأمني كان للشرطة، على خلاف ما يتردد عن وجود كمائن من قوات الجيش والشرطة.
في السياق نفسه، أثارت الصور التي نشرها المتحدث العسكري الرسمي، العميد محمد سمير، لما قال إنها صور قتلى المسلحين خلال عملية "حق الشهيد"، علامات استفهام كبيرة. إذ إن وضعية القتلى في الصور، لا تظهر أنهم قُتلوا خلال مواجهات.
ويقول الخبير الأمني العميد محمود قطري إن أزمة الأجهزة الأمنية في سيناء هي في نقص المعلومات لديها عن الجماعات المسلحة، في حين تُعتبر القوات المسلحة كتاباً مفتوحاً لدى تلك الجماعات. ويضيف قطري، لـ"العربي الجديد"، أن قتل لواء شرطة خلال استهداف كمين، يكشف تراجع التنسيق بين الجيش والشرطة في سيناء، في وقت صعب للغاية.
ويشير إلى أن "الأوضاع في سيناء باتت على درجة كبيرة من الخطورة، في ظل تقدّم الجماعات المسلحة عسكرياً وتكتيكياً. في المقابل ليس هناك تقدّم في استراتيجية القوات المشتركة هناك". ويذهب إلى "ضرورة الدفع بقوات خاصة من الجيش والشرطة لحسم الأمور في سيناء، ولكن الواقع يُظهر أن هناك إصراراً على اتباع الاستراتيجية الخاطئة، والتي ثبت فشلها مع الوقت".
ولا تتوقف محاولات تنظيم "ولاية سيناء"، بزيادة القدرات القتالية، فضلاً عن إدخال أسلحة حديثة ومتطورة ضمن ترسانته العسكرية، منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وحاول التنظيم بداية تحديث ترسانته العسكرية، بإدخال منظومة الصواريخ "سام 7" المضادة للطائرات، ونجح من خلالها في إسقاط طائرة للجيش، فضلاً عن قدرتها على تحجيم دور الطائرات الحربية خلال عمليات التنظيم الكبرى.
وتوسّع التنظيم في إدخال أسلحة حديثة، إذ أعلن عن امتلاكه أسلحة حرارية مضادة للدروع والدبابات، وهي صواريخ "كورنيت" الموجّهة عن بعد، وتمكن من استهداف عدد كبير من آليات الجيش. ومع تزايد الغارات الجوية التي ينفذها الجيش المصري، لجأ "ولاية سيناء" إلى زيادة فعالية الأسلحة المضادة للطائرات. وأعلن عن تنظيم دورة لعناصره من "وحدة الدفاع الجوي" على أسلحة متطورة مضادة للطائرات، كشف عنها لأول مرة.
وبث التنظيم صوراً لعملية التدريب، لاستعراض إمكانيات السلاح الجديد، وكيفية استخدامه، قبل التدريب عملياً، وهو ما لم يظهر في الصور. وتبين أن نوع الصاروخ المستخدم هو "إيغلا" (9k38)، وهي صواريخ روسية موجهة حرارياً محمولة على الكتف. وبحسب المعلومات المتوافرة عنها، هي صواريخ أرض جو، ويصل مداها إلى 5 آلاف متر، وبسرعة تناهز 320 متراً بالثانية، وتُعتبر خطيرة على مختلف أنواع الطائرات.
اقرأ أيضاً: اشتباكات عنيفة بين الجيش المصري و"ولاية سيناء" في رفح