تمرّ هذا العام خمس سنوات على انطلاق شرارة الثورة في سورية. لم تذهب الأمور باتجاه إرساء مشهد سياسي جديد قريب من الشعارات التي رُفعت، بل سرعان ما تفجّر الوضع وانفتح على سيناريوهات كابوسية من القصف العشوائي إلى استحواذ الإرهابيين على مناطق بأسرها.
في الوقت نفسه، بدا مركز الثقل البشري السوري وقد انتقل خارج البلاد، خصوصاً من المثقفين والفنانين الذين لم يعد لهم دور ضمن الصراع الدموي الذي يهز الداخل، لذا كان من الضروري أن ينطلق التفكير في تنظيم هذا الوجود خارج أرض الوطن.
"حركة ضمير" هي محاولة في هذا السياق، من خلال تجمّع عدد من الفنانين والكتّاب والمفكرين السوريين في اللجوء الأوروبي ضمن كيان فكري وثقافي جديد.
ففي باريس، يوم 27 من شهر شباط/فبراير الماضي، جرى الإعلان عن إطلاق الحركة السورية في "معهد العالم العربي"، بحضور أكثر من ستّين شخصية فنية وثقافية وسياسية.
وقد كان من الفنانين المشاركين في المؤتمر التأسيسي سميح شقير ومي سكاف وهالة محمد وهيثم حقي وإيناس حقي وريم علي وشفيع بدر الدين وفادي زيدان وخاطر ضوا. أما من الكتّاب والسياسيين، فنذكر؛ حازم نهار ووليد البني وأنور البني ويحيى القضماني، عضو هيئة التفاوض الحالي، ومانيا الخطيب. وقد حضر آخرون أيضاً عبر تكنولوجيات التواصل، منهم الكاتب سلامة كيلة.
إلى "العربي الجديد"، تحدّث الفنان سميح شقير الذي كان من أوّل من تبنّى الدفاع عن عدالة الحراك السلمي في سورية، من خلال أغنية "يا حيف"، التي تحوّلت إلى أيقونة الثورة المدنيّة السلميّة.
أجاب شقير عن سؤالنا عن سبب قيام الفنانين والمثقفين السوريين، بإطلاق هذه الحركة في هذا الوقت، بالقول: "كما قلت في كلمة الافتتاح، بأنّه يوجد مثلنا الكثيرون الحالمون الذين ثاروا من أجل أكثر الحقوق بساطة في هذا العالم، كالحرية والكرامة. لذلك، فنحن الآن نجد أنفسنا بعد سنوات من الثورة، متناثرين خارج وداخل الوطن، وفي كل جهات الأرض، تشوِّهُنا صورة نمطية عن أحد لا يشبهنا، وأقصد نحن الذين نتحدّث عن سورية الواحدة والعادلة والمتعدّدة، سورية المحتفية بمكوّناتها وثقافاتها، وبالمواطنة والحريات، فنجد أنفسنا بلا رابط يجمعنا. وبلا منبر حقيقي يعبّر عن صوتنا".
يتابع شقير، بأنَّ إطلاق هذه الحركة جاء بشكل أساسي ليكون خطوة في سبيل وضع حدٍّ للفوضى السياسية المنتشرة الآن، ولكي يتم الدفاع عن القيم الأساسية التي قامت من أجلها الثورة السوريّة.
يقول "ولكي يكون لنا الحق في أن نعيد للحلم ألوانه الزاهية، التي تجمعنا اليوم. أحلامنا ببناء سورية الديمقراطية المدنية، التي تؤمن بحرية وكرامة الإنسان، مهما كان دينه أو قوميّته والتي تتّفق مع مبدأ المواطنة، ومبدأ فصل الدين عن الدولة في سورية المقبلة. نعم، هي فكرة أشبه بفلسفة استخدام بلوغ القاع، للدفع بقدم قوية نحو الأعلى، بعد غرق ويأس مديد. لذلك، فإن حركتنا هي التعبير عن الحراك المدني الثقافي السياسي، لكل المتطلعين إلى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية".
من أهم الأهداف السياسية المعلنة لـ"حركة ضمير" الثقافية، هو إعادة زخم الحراك السلمي المدني إلى سورية، في ظلّ فوضى السلاح المنتشرة الآن.
وجاء في بيان التأسيس أن "ضمير" ستكون "حركة مدنية ثقافية سياسية، تستمد مبادئها من أهداف الثورة السورية السلمية بالحرية والكرامة ومواجهة وإنهاء الديكتاتورية من جهة والتطرّف الديني والتكفيري من جهة أخرى".
كما أكدت الحركة على وحدة الأراضي السورية ورفض كل أشكال الاحتلال، وهو خطاب يحاول أن يعود إلى بدايات الحراك الذي شهدته البلاد، بإيصال صوت المطالب شعبياً، قبل أن تتقاذف الأجندات التطلعات السورية.