لا توحي الأنباء عن الخلافات المبكرة بين أجنحة تتصارع على النفوذ داخل فريق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بأن عملية تشكيل الإدارة الجديدة ستجري على شاكلة ولادة الإدارات السابقة من دون مفاجآت أو تسجيل سوابق تاريخية. بجميع الأحوال، كثيرة هي السوابق التاريخية التي سجلتها انتخابات الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 وما تلا نجاح الظاهرة الترامبية، كالتظاهرات الاحتجاجية المتواصلة ضد الرئيس الأميركي الجديد، إذ لم يحصل أن انقسم الأميركيون إلى حد النزول بعشرات الآلاف إلى الشوارع للطعن بشرعية الرئيس المنتخب فور إعلان نتيجة الاقتراع. كما لم يحصل من قبل أن انفجرت الخلافات داخل اللجنة المكلفة بتأليف الفريق الحكومي للرئيس المنتخب مثلما حصل في غضون ساعات ما بعد إعلان نتيجة فوز الملياردير النيويوركي، وكأننا ننتظر تشكيل حكومة ائتلافية بين قوى سياسية متناقضة في دولة عالمثالثية تطبق ما يسمى الديمقراطية التوافقية، وهي نقيض للديمقراطية القائمة على السلطة والمعارضة أساساً.
ويستعدّ ترامب لإحضار أكثر من أربعة آلاف موظف معه إلى كافة الإدارات والوزارات والمناصب الأمنية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، وهو "جيش" من الموظفين سيكون العنصر الحاسم في مصير الولايات المتحدة والعالم، على الأقل لأربع سنوات، إن لم يكن لثمان. وليس من باب المبالغة القول إن النظام السياسي الأميركي يوزع السلطات الفعلية بين الرئيس وفريق عمله التنفيذي، هذا على المستوى الفدرالي، من دون الحديث عن توزيع السلطة التشريعية والتنفيذية بين المؤسسات الاتحادية وتلك المحلية، بشكل يعطي الأرجحية بلا منافس لحكام الولايات وبرلماناتها وحكوماتها ومحاكمها المحلية، حتى أن الوزراء والمساعدين والمتحدثين والمسؤولين الأمنيين والعسكريين الاتحاديين، يمتلكون في معظم الأحيان، السلطة الأكبر، أكان في الممارسة اليومية أو في القوانين الناظمة. ولأن شخصية الرئيس الأميركي عموماً، وثقافته، من عدمهما، يؤديان دوراً حاسماً في السياسات الداخلية، ثم الخارجية، فإن "جهل ترامب بشؤون العالم"، على حد تعبير رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، قبل يومين، ومجيئه من عالم الأعمال من خارج "الإستبلشمنت" الأميركي ولوبياته ومراكز القوى فيه، من دون أن يكون منتخباً لأي منصب سياسي في مسيرته كلها، جميعها عوامل تزيد من نفوذ المحيطين برئيس أقوى دولة في العالم، أكان في السياسات الداخلية أو الخارجية، مالياً وسياسياً وعسكرياً واجتماعياً وبيئياً... وجرياً على مقولة إن "الرئيس لا يعرف شيئاً"، بالتالي فإنّ من سيرسم الوجهة العامة بتقارير ونصائح وعلاقات علنية وأخرى سرية، وارتباطات وضغوط، سيكون الوزراء وممثلو الرئيس ونائبه وأعضاء مجلس الأمن القومي ونواب الوزراء والسفراء الرئيسيون وموظفو البيت الأبيض وقادة الأجهزة الأمنية الكثيرة في الولايات المتحدة. حتى عندما كانت الولايات المتحدة (ولا تزال)، يحكمها رجل مثقف جداً وصاحب شخصية قوية كباراك أوباما، فإن السنوات الثماني الماضية أثبتت أن فريق عمله كان هو الحاسم في تحديد التوجهات العامة على الأقل وصنع السياسات في الداخل والخارج، فكيف الأمر بإنسان أمي سياسياً وثقافياً، يكاد لا يعرف الفارق بين كمبوديا وحلب، وأديس أبابا والموصل؟
خلاف مبكر
انفجر الخلاف مبكراً داخل فريق ترامب فور إعلان فوزه بالرئاسة والمباشرة بعملية تأليف فريق الموظفين والمستشارين الذي سيشرف على تسلم مقاليد السلطة في البيت الأبيض من إدارة باراك اوباما في العشرين من يناير/كانون الثاني المقبل. وأياً كانت الوجهة العامة لهوية أعضاء فريق عمل ترامب، ومهما تغيّرت الأسماء في بورصة التحليلات والتخمينات والتقديرات، فمن شبه المؤكد أن عائلة ترامب، من أبناء وبنات وأشقاء وأصهار وأصدقاء منذ أيام الشباب، سيؤدون أدواراً مركزية في مجموعة العمل الأكثر التصاقاً بالرئيس الـ 45 للولايات المتحدة. وهو نسق عام لعقلية ترامب وسلوكه وتعاطيه مع أمور الدنيا، اعتماداً على ثقة بفئة محدودة من أصحاب روابط الدم والصداقات القديمة، وهو ما تجلى كاريكاتورياً لحظة إلقائه خطاب النصر، فأصرّ على صعود عشرات الأبناء والأقارب على منصّة الخطاب ليشكرهم ويحييهم فرداً فرداً مع تركيزه على ذكر علاقة القربى التي تجمعه مع كل من هؤلاء.
وظهرت على السطح معالم صراع على النفوذ بين حاكم ولاية نيوجرسي، كريس كريستي، وبين صهر الرئيس المنتخب، اليهودي المتزوج من ابنته إيفانكا، جيرد كوشنير. ومثلما لم يتردد ترامب في تغيير مدراء حملته الانتخابية على امتداد عام ونصف العام مراراً، فقد سارع إلى تسليم رئاسة اللجنة المكلفة بتسمية الفريق الحكومي لنائبه، مايك بينس، بدل كريستي. كما عيّن مساعدين له من بينهم ثلاثة من أبنائه، ونواباً لرئيس اللجنة، هم كريستي نفسه، ورئيس مجلس النواب السابق المرشح لتسلم حقيبة الخارجية، نيوت غينغريتش، وسيناتور ألاباما، جيف سيشنز، وهو من أوائل الجمهوريين الذين دعموا ترشيح ترامب، ورئيس بلدية نيويورك السابق المرشح لتولي منصب وزير العدل، رودي جولياني، والجنرال المتقاعد، مايكل فلين، المرشح لمنصب وزير الدفاع أو مستشار الأمن القومي، وهو المنصب فائق الأهمية في بلد حربي مثل الولايات المتحدة.
وشبّه موقع "بوليتيكو" ما يجري داخل فريق ترامب من صراع على المناصب، بحال الحزب الجمهوري العام الماضي خلال الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشح الرئاسي، عندما أعلن 17 جمهورياً ترشحهم للمنافسة على نيل ترشيح الحزب ومنهم دونالد ترامب الآتي من خارج المؤسسة الحزبية ومن خارج السياسة بمفهومها الأميركي التقليدي. فالرئيس المنتخب يريد إرضاء مروحة واسعة من القوى، غير المتجانسة، ساهمت بشكل أو بآخر بتحقيق انتصاره الانتخابي غير المتوقع بمعزل عن حجم وأهمية هذه المساهمة. لكن اعتبارات وأهداف نائب الرئيس، بينس، الجمهوري المحافظ، ابن المؤسسة الحزبية (الإستبلشمنت)، هي غير اعتبارات رودي جولياني الجمهوري البعيد عن المؤسسة الحزبية. كما أن مصالح وحسابات حاكم نيوجرسي يبدو أنها تضاربت مع مصالح الصهر اليهودي الذي كان والده قد مَثُل قبل سنوات للمحاكمة في دعوى قضائية عندما كان كريس كريستي مدعياً عاماً. ونقل "بوليتيكو" عن مقربين من حاكم نيوجرسي قولهم إن جيرد كوشنير زوج إيفانكا أدى دوراً كبيراً في إبعاد كريستي وتحجيم دوره في الإدارة الترامبية المنتظرة. ويشير هؤلاء إلى أن كوشنير كان أيضاً وراء إبعاد كوري لوندوسكي المدير السابق للحملة الانتخابية لترامب في شهر يونيو/حزيران الماضي بعد خلافات نشبت بينه وبين إيفانكا ترامب.
اقــرأ أيضاً
مؤشر آخر على مدى نفوذ إيفانكا وزوجها على تشكيلة الإدارة الترامبية، هو رجحان كفة مرشحهما لمنصب مدير موظفي البيت الأبيض، رينس ديباس، الرئيس الحالي للجنة الوطنية للحزب الجمهوري، على ستيفان بانون مدير الحملة الانتخابية لترامب وأحد رموز اليمين الأميركي المتطرف عنصرياً. ويحظى ديباس، القريب من المؤسسة الحزبية الجمهورية ومن رئيس مجلس النواب، بول رايان، بدعم نائب الرئيس بينس لتولي منصب كبير موظف البيت الأبيض، فيما يرفض بانون أية تسوية مع المؤسسة الحزبية الجمهورية.
تسويات مع الحلفاء والخصوم
لكن الواضح حتى الآن أن ترامب ذاهب لا محالة باتجاه التسويات مع الحلفاء والخصوم على حد سواء. ويبدو واضحاً كذلك، أن عدداً من الأسماء المتداولة المرشحة لتولي مناصب مفصلية في إدارة ترامب، ستكون آتية من ولايتي إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن التي تعرضت لانتقادات قاسية من ترامب خصوصاً في ما يخص حرب العراق.
فرئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش المرشح لتولي منصب كبير في الادارة، ربما وزارة الخارجية، كان من أشد المؤيدين لحرب العراق وهو من صقور الحزب الجمهوري. أمر ينطبق أيضاً على السفير الأميركي السابق لدى الأمم، جون بولتون، الصقر الجمهوري الآخر المرشح لتولي منصب وزير الخارجية، ومن زعماء ما يسمى "المحافظون الجدد".
ومن شخصيات العهد "البوشي"، ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي في عهد بوش الابن، وهو اليوم مرشح لتولي حقيبة الدفاع أو مستشار الرئيس للأمن القومي.
ويُعتبر وليد فارس، مستشار ترامب في السياسة الخارجية الأميركية، وجهاً آخر من الوجوه التي تُذكّر بعهد بوش والحرب على العراق والمحافظين الجدد. ففي تلك الفترة، برز اسم فارس، لبناني الأصل، كخبير في شؤون الإرهاب والسياسات الأميركية في الشرق الأوسط. وكان وليد فارس، أحد رموز حزب "القوات اللبنانية"، قد غادر لبنان إلى الولايات المتحدة بعد دخول القوات السورية إلى ما كان يعرف بـ"المناطق المسيحية" في نهاية الحرب الأهلية اللبنانية. وخلال الحملة الانتخابية، ساعد فارس في تجييش جزء من أصوات الأميركيين من أصول لبنانية، وخصوصاً المسيحيين منهم، لصالح ترامب، وكان لذلك أثر في فوز المرشح الجمهوري بولاية ميشيغن التي تستضيف أكبر جالية عربية من حيث الكثافة السكانية. وقد أظهرت نتائج ميشيغن أن ثلثي الأصوات العربية ذهبت لكلينتون، مقابل الثلث لترامب.
وفي مواجهة المرشحين لاحتلال مناصب في إدارة ترامب من "عسكر بوش"، يبرز اسم الجنرال مايكل فلين الذي استقال من منصبه في الاستخبارات العسكرية عام 2014. وينتقد فلين استراتيجية الحرب على العراق التي شنّتها إدارة بوش، ويعتبر أن الخطط العسكرية التي اعتمدتها جلبت الهزيمة للولايات المتحدة. وهو يعتبر من أقرب العسكريين إلى الرئيس المنتخب وكان من أوائل المؤيدين له وقد دعم حملته الانتخابية للرئاسة من خلال عريضة تأييد لترامب، جمعت تواقيع عشرات الجنرالات والعسكريين الأميركيين السابقين.
تخلٍّ عن الداعمين؟
ومن مفارقات الإدارة الترامبية المقبلة، إذا صح ما يتم تسريبه من أسماء إلى الإعلام الأميركي، أن منصب وزارة المالية سيكون من نصيب جيم دايمون، مدير الإمبراطورية المالية "بي جي مورغان شايس"، أو ستيفن منوشين المدير السابق لـ"غولدن ساكس"، وكلاهما يُعتبران من رموز "وول ستريت"، التي اتهمها ترامب بشراء ذمم السياسيين الأميركيين، ومنهم منافسته الديمقراطية، هيلاري كلينتون، خلال الانتخابات. خيار يثني كثير من الاقتصاديين عليه، من باب طمأنة "وول ستريت" والحفاظ على استقرار الأسهم والأسواق والاقتصاد، وتجنّب انهيارات اقتصادية تطيح بما تبقى من تماسك سياسي.
لقد أدرك ترامب أن وصوله إلى البيت الأبيض سينزله من أبراجه وشعبويته واستعراضاته التي لا تنتهي، وأن الإستبلشمنت التي وصفها بالمستنقع تكاد تغرقه هو أيضاً. وكأنّ الصفقة التي عقدها في واشنطن جاءت أولاً على حساب أنصاره من المجموعات العنصرية المتطرفة، الذين دعاهم إلى الثورة على النظام الفاسد وتجفيف المياه الآسنة في الكونغرس والبيت الأبيض. وقد يكون أبرز مؤشر على هذا التوجه استبعاد مدير موقع Breitbart News ستيفان بانون عن منصب مسؤول موظفي البيت الأبيض لصالح مرشح الإستبلشمنت. وكذلك الموقف الملفت لبيان من ترامب أعلن فيه التبرؤ الكامل من مجموعة ku Klux Klan العنصرية المتطرفة، وإدانته دعوتها إلى تنظيم مهرجان في ولاية نورث كارولينا للاحتفال بالفوز.
اقــرأ أيضاً
خلاف مبكر
انفجر الخلاف مبكراً داخل فريق ترامب فور إعلان فوزه بالرئاسة والمباشرة بعملية تأليف فريق الموظفين والمستشارين الذي سيشرف على تسلم مقاليد السلطة في البيت الأبيض من إدارة باراك اوباما في العشرين من يناير/كانون الثاني المقبل. وأياً كانت الوجهة العامة لهوية أعضاء فريق عمل ترامب، ومهما تغيّرت الأسماء في بورصة التحليلات والتخمينات والتقديرات، فمن شبه المؤكد أن عائلة ترامب، من أبناء وبنات وأشقاء وأصهار وأصدقاء منذ أيام الشباب، سيؤدون أدواراً مركزية في مجموعة العمل الأكثر التصاقاً بالرئيس الـ 45 للولايات المتحدة. وهو نسق عام لعقلية ترامب وسلوكه وتعاطيه مع أمور الدنيا، اعتماداً على ثقة بفئة محدودة من أصحاب روابط الدم والصداقات القديمة، وهو ما تجلى كاريكاتورياً لحظة إلقائه خطاب النصر، فأصرّ على صعود عشرات الأبناء والأقارب على منصّة الخطاب ليشكرهم ويحييهم فرداً فرداً مع تركيزه على ذكر علاقة القربى التي تجمعه مع كل من هؤلاء.
وظهرت على السطح معالم صراع على النفوذ بين حاكم ولاية نيوجرسي، كريس كريستي، وبين صهر الرئيس المنتخب، اليهودي المتزوج من ابنته إيفانكا، جيرد كوشنير. ومثلما لم يتردد ترامب في تغيير مدراء حملته الانتخابية على امتداد عام ونصف العام مراراً، فقد سارع إلى تسليم رئاسة اللجنة المكلفة بتسمية الفريق الحكومي لنائبه، مايك بينس، بدل كريستي. كما عيّن مساعدين له من بينهم ثلاثة من أبنائه، ونواباً لرئيس اللجنة، هم كريستي نفسه، ورئيس مجلس النواب السابق المرشح لتسلم حقيبة الخارجية، نيوت غينغريتش، وسيناتور ألاباما، جيف سيشنز، وهو من أوائل الجمهوريين الذين دعموا ترشيح ترامب، ورئيس بلدية نيويورك السابق المرشح لتولي منصب وزير العدل، رودي جولياني، والجنرال المتقاعد، مايكل فلين، المرشح لمنصب وزير الدفاع أو مستشار الأمن القومي، وهو المنصب فائق الأهمية في بلد حربي مثل الولايات المتحدة.
مؤشر آخر على مدى نفوذ إيفانكا وزوجها على تشكيلة الإدارة الترامبية، هو رجحان كفة مرشحهما لمنصب مدير موظفي البيت الأبيض، رينس ديباس، الرئيس الحالي للجنة الوطنية للحزب الجمهوري، على ستيفان بانون مدير الحملة الانتخابية لترامب وأحد رموز اليمين الأميركي المتطرف عنصرياً. ويحظى ديباس، القريب من المؤسسة الحزبية الجمهورية ومن رئيس مجلس النواب، بول رايان، بدعم نائب الرئيس بينس لتولي منصب كبير موظف البيت الأبيض، فيما يرفض بانون أية تسوية مع المؤسسة الحزبية الجمهورية.
تسويات مع الحلفاء والخصوم
لكن الواضح حتى الآن أن ترامب ذاهب لا محالة باتجاه التسويات مع الحلفاء والخصوم على حد سواء. ويبدو واضحاً كذلك، أن عدداً من الأسماء المتداولة المرشحة لتولي مناصب مفصلية في إدارة ترامب، ستكون آتية من ولايتي إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن التي تعرضت لانتقادات قاسية من ترامب خصوصاً في ما يخص حرب العراق.
فرئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش المرشح لتولي منصب كبير في الادارة، ربما وزارة الخارجية، كان من أشد المؤيدين لحرب العراق وهو من صقور الحزب الجمهوري. أمر ينطبق أيضاً على السفير الأميركي السابق لدى الأمم، جون بولتون، الصقر الجمهوري الآخر المرشح لتولي منصب وزير الخارجية، ومن زعماء ما يسمى "المحافظون الجدد".
ومن شخصيات العهد "البوشي"، ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي في عهد بوش الابن، وهو اليوم مرشح لتولي حقيبة الدفاع أو مستشار الرئيس للأمن القومي.
ويُعتبر وليد فارس، مستشار ترامب في السياسة الخارجية الأميركية، وجهاً آخر من الوجوه التي تُذكّر بعهد بوش والحرب على العراق والمحافظين الجدد. ففي تلك الفترة، برز اسم فارس، لبناني الأصل، كخبير في شؤون الإرهاب والسياسات الأميركية في الشرق الأوسط. وكان وليد فارس، أحد رموز حزب "القوات اللبنانية"، قد غادر لبنان إلى الولايات المتحدة بعد دخول القوات السورية إلى ما كان يعرف بـ"المناطق المسيحية" في نهاية الحرب الأهلية اللبنانية. وخلال الحملة الانتخابية، ساعد فارس في تجييش جزء من أصوات الأميركيين من أصول لبنانية، وخصوصاً المسيحيين منهم، لصالح ترامب، وكان لذلك أثر في فوز المرشح الجمهوري بولاية ميشيغن التي تستضيف أكبر جالية عربية من حيث الكثافة السكانية. وقد أظهرت نتائج ميشيغن أن ثلثي الأصوات العربية ذهبت لكلينتون، مقابل الثلث لترامب.
وفي مواجهة المرشحين لاحتلال مناصب في إدارة ترامب من "عسكر بوش"، يبرز اسم الجنرال مايكل فلين الذي استقال من منصبه في الاستخبارات العسكرية عام 2014. وينتقد فلين استراتيجية الحرب على العراق التي شنّتها إدارة بوش، ويعتبر أن الخطط العسكرية التي اعتمدتها جلبت الهزيمة للولايات المتحدة. وهو يعتبر من أقرب العسكريين إلى الرئيس المنتخب وكان من أوائل المؤيدين له وقد دعم حملته الانتخابية للرئاسة من خلال عريضة تأييد لترامب، جمعت تواقيع عشرات الجنرالات والعسكريين الأميركيين السابقين.
تخلٍّ عن الداعمين؟
ومن مفارقات الإدارة الترامبية المقبلة، إذا صح ما يتم تسريبه من أسماء إلى الإعلام الأميركي، أن منصب وزارة المالية سيكون من نصيب جيم دايمون، مدير الإمبراطورية المالية "بي جي مورغان شايس"، أو ستيفن منوشين المدير السابق لـ"غولدن ساكس"، وكلاهما يُعتبران من رموز "وول ستريت"، التي اتهمها ترامب بشراء ذمم السياسيين الأميركيين، ومنهم منافسته الديمقراطية، هيلاري كلينتون، خلال الانتخابات. خيار يثني كثير من الاقتصاديين عليه، من باب طمأنة "وول ستريت" والحفاظ على استقرار الأسهم والأسواق والاقتصاد، وتجنّب انهيارات اقتصادية تطيح بما تبقى من تماسك سياسي.