"جزيرة الرجال المقدسة"

27 اغسطس 2017
يُسمح لـ 200 رجل بزيارة الضريح مرة سنوياً (Getty)
+ الخط -
"المرأة نجسة ودم حيضها يدنس الأرض ويحظر دخولها الأماكن المقدسة"؛ هذه الفقرة ليست فتوى داعشية ولا قراراً لجماعة متشددة، بل هي مرسوم بناءً على اعتقاد موجود في بعض الأماكن بإحدى أكثر بلدان العالم تحضراً، حيث ضرائح الشنتو على الجزيرة المقدسة محظورة على النساء، وحتى من يريد زيارتها من الرجال، فإنه يجب عليه الحجز مسبقاً والتطهر بالماء، بعد التجرد تماماً من الملابس التي جاءوا بها.

وضعت اليونسكو على قائمة التراث الإنساني لعام 2017 "جزيرة أوكينوشيما" بمدينة موناكاتا بمحافظة فوكوكا اليابانية، وهي موطن لضريح أوكيتسو المشيد في القرن السابع عشر الميلادي. كان الضريح قبلة للصلاة من أجل السلامة في البحر. وتغطي الجزيرة مساحة 240 فداناً، وأقصى ارتفاع بها يصل إلى 244 متراً فوق سطح البحر. وكانت قبل ذلك عاملاً في تسهيل التبادلات على طريق التجارة بين كوريا والصين منذ القرن الرابع حتى القرن التاسع.

تعد أرض الجزيرة بالكامل من ممتلكات الشنتو، وتسمى شنتو كامي، وهي أرض مقدسة لطائفة موناكاتا تايشا المحلية واسعة الانتشار. ولا يسكن بالجزيرة سوى موظف واحد فقط يختص بخدمة الضريح. ويقع ضريح أوكيتسو في الجزء الجنوبي الغربي من الجزيرة. وقبل إنشاء الضريح كانت الجزيرة موقعاً مقدساً طبيعياً مخصصاً لعبادة الإله كامي. وقد جرى الحفاظ على الضريح طوال فترات الحكم المختلفة والمتعاقبة للأسر اليابانية والحكومات، كما خضع لإصلاحات وأعيد بناؤه عدة مرات.

ورغم أن الجزيرة ظلت على قائمة الترشيح لليونسكو كأثر عالمي، منذ عام 2009 حتى نالت ذلك الاستحقاق عام 2017؛ فإن السكان المحليين في المنطقة المحيطة بالجزيرة، خاصة من أتباع عقيدة الشنتو أعربوا عن قلقهم واستيائهم من الأمر. فإدراج المكان سوف يؤدي إلى زيادة وفود السياح للمنطقة وهو أمر من شأنه أن يهدد بتدنيس المكان والتأثير على قدسيته.
وتعقيباً على إعلان قائمة اليونسكو؛ قال تاكايوكي اشيزو، رئيس الكهنة في موناكاتا تايشا، إنه بغض النظر عما إذا كانت أوكينوشيما قد أضيفت إلى قائمة التراث الثقافي لليونسكو أم لا، فإننا لن نفتحها للجمهور لأن "الناس لا يجب أن يزوروها لمجرد الفضول".

تحوي الجزيرة كنزًا مكوناً من آثار وهدايا مقدمة للآلهة يبلغ عددها 80 ألف قطعة من المشغولات الخرزية والتحف والسيوف، وقطع من الزجاج الفارسي والخواتم الذهبية، وكثير منها كانت قرابين من بحارة وسفن مارة بالجزيرة، للتبرك وطلب السلامة البحرية. واليوم يُسمح فقط للكهنة الذكور من موناكاتا تايشا، وهم مجموعة من المريدين وعباد أضرحة الشنتو، بالسفر للعبادة في ضريح الجزيرة. وبالإضافة إلى ذلك، يسمح لعدد لا يزيد عن 200 رجل بزيارة مرة واحدة في السنة في 27 مايو/أيار في رحلة حج سنوية.

وتحظر الزيارة على النساء، ولا تؤكل الحيوانات التي تسير على أربع، ويمنع دخول أي شخص أو خروجه من الجزيرة بدون إذن كهنوتي. ولا يستطيع سوى العدد المصرح له سنوياً بالدخول بعد القيام بشعائر التطهر في المياه المحيطة بالجزيرة عراة تماماً، من أجل التخلص من الذنوب قبل القدوم إلى الضريح. ولا يمكنك أن تتكلم كلمة حول ما تراه أو تسمعه في أوكينوشيما، أو تنقله إلى العالم الخارجي. ولا يمكن أن تحمل أيَّ شيء أثناء العودة. وحتى الآن يمتنع الصيادون في المنطقة عن أخذ أي شيء، حتى لو كان فرع صنوبر يطفو في المياه حول الجزيرة لأنهم يخافون من غضب الآلهة إذا فعلوا ذلك.


المساهمون