بعد أن نشرت ترجمتها الفرنسية عن دار "آكت سود"، صدرت حديثاً عن دار "بانيبال بوكس" الترجمة الإنكليزية لرواية "جبل العنز" للروائي التونسي الحبيب السالمي (1951) وقد أنجزتها الأكاديمية كاريس أولسزوك، أستاذة الأدب العربي الحديث في جامعة كامبريدج.
صدرت "جبل العنز" أول مرة عام 1988 عن "المؤسسة العربية للدراسات" وقدّم لها الناقد توفيق بكّار، وكان الروائي الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا قد كتب عنها آنذاك ومنه كتابته هذه تقتطف النسخة الإنكليزية تقديمها على الغلاف الأول.
يقول جبرا: "قرأت جبل العنز بعد أن أعطيتنيها بثلاثة أيام أو أربعة. واستمتعت بها، بجهامتها، وغرابتها، وخروجها عن المألوف، وقد أعجبني توفيقك في الممازجة (الموحية باستمرار) بين تفاصيل القرية الواقعية وبين ما يتحقق من عواطف وأحاسيس تتخطى هذه التفاصيل".
وأضاف صاحب "السفينة" إن الرواية "كانت تبدو وكأنها تسير على خطين متصلين منفصلين، أحدهما ظاهر والآخر باطن. وكانت النهاية هي التقاء الخطين، أو تقاطعهما، حيث يجب أن يلتقيا ويتقاطعا، ويكون لتقل إسماعيل تبرير مراسيمي تتطهر به تجربة الرواية، كما تتطهر به القرية نفسها، في الرواية سواد يكاد لا ينجلي ولو للحظة واحدة، وحتى "الحفلة الكبيرة" تعجزة عن إثارة أي فرح في أحد كأنها جنازة مسبقة لأهل القرية وإسماعيلها، حيث تبرز فخذا الراقصة الصفراء الشعر أشبه "بفخذي كلبة هزيلة..." رهيب ومأتمي ومتميز".
الرواية تبدأ بمغادرة الشخصية الرئيسية لمسقط رأسه بهدف التدريس في منطقة يطلق عليها "جبل العنز"، وهي قرية معزولة عن الحضارة ويصعب الوصول إليها وكل ما يربطها بالعالم هو طريق وعر لا يخلو من المشاق، وأن أهل هذه القرية يعيشون على زراعة البطاطا وتربية الماعز.
يلتقي البطل بإسماعيل وهو حفيد رجل ثوري وفي البداية تنشأ بينهما علاقة ودية، لكن هذا لا يدوم فيدخل المدرس الغريب وإسماعيل الذي أصبح رجل سلطة في صراع يتفاقم ويمتدّ بينهما، ويبدو أنه تجسيد للصراع بين العلم والتنوير والسلطة المنغلقة والديكتاتورية.