إنه الملك "أبو جمال"، بائع التمر الهندي، المشروب الدمشقي الشعبي، يجول في الشوارع، يروي بكوبه مئات السوريين يومياً، ويسمع قصصهم المليئة بالمعاناة والأوجاع. تجسدت هذه الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الثورة السورية، فغدا لملك التمر الهندي صفحة فيسبوكية، تضم الفيديوهات الكوميدية الساخرة.
تضم صفحة "تمر هندي Tamer Hindi" مجموعة كبيرة من الفيديوهات الكرتونية، التي يتم عرضها بشكل متتال لتجسيد يوميات الشعب السوري مع النظام الأسدي، حيث يطلّ "أبو جمال" في كل فيديو وهو يقابل العديد من الشخصيات الأخرى في الحارة. يتبادلون الأحاديث التي تسلط الضوء على صوت الشارع السوري بطريقة كوميدية ساخرة، والتي تعد مقبولة الى حدّ ما من كل شرائح المجتمع السوري.
"أتت فكرة هذه الصفحة، بعد أن حاول حكم البعث بشتى الوسائل، تفريق الناس وإبعادهم عمّا كان يجمعهم على مدى قرون"، يقول مخرج العمل ديلاور سليمان، في حديث مع "العربي الجديد"، ويضيف:"خلال فترة الثورة تحولت هذه المشاكل إلى واقع، فتخندق كل طرف أو مجموعة في المكان الذي يشعره بالأمان، الأمر الذي أدى إلى نسيان الهوية السورية الحقيقية المتنوعة والطبيعة الطيبة للناس".
أما عن أهداف الصفحة، فيشرح سليمان:"هدف العمل إعادة تعريف الناس بالهوية السورية، ومحاولة جمعهم مرة أخرى رغم اختلافاتهم الكثيرة، والتي عززها النظام إلى أن أصبحت خلافات بدل أن تكون حافزاً آخر للتميز. هذا هو جوهر العمل، المناقشة بالاختلافات ووجهات النظر دون الوصول إلى الاختلاف والقطيعة، التي هي عنوان الحالة الاجتماعية السورية الآن".
وعن القضايا، التي تتناولها الصفحة، وتمويلها يؤكد:"حاليا لدينا تمويل بسيط ضمن الحد الأدنى من تكلفة الإنتاج، ونبحث عن مصادر تمويل أخرى للمساهمة في تثبيت وتطوير العمل بشكل مستقر، ويضمن استمرارنا في المشروع لفترة أطول".
أما بالنسبة للقضايا المتناولة، فيوضح سليمان:"هي ببساطة قضايا الشارع السوري بمختلف اتجاهاته وتوجهاته ومشاكله الحياتية واليومية، والتي ازدادت وتفاقمت نتيجة ممارسات النظام والجهات المتطرفة على الأراضي السورية".
Facebook Post |
وعن اختيار طريق الكوميديا الساخرة وفريق العمل، يشرح:"واجبنا أن نركّز على التركيبة الأصيلة للمجتمع السوري الغائبة عن المشهد العام، من خلال لوحات فنية بصريّة قصيرة واقعية ناقدة ساخرة، أما بالنسبة لفريق العمل فهو موجود في أكثر من مكان، ولا مكان يجمعنا فعليا سوى تمر هندي وهذه الصفحة للأسف. نتمنى أن يأتي يوم ونستطيع العمل في مكان واحد داخل سورية".
ومن الواضح أن الفيديوهات تنال إعجاب الكثير من المتابعين، الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم. وعن نسبة الإقبال يؤكد ديلاور:"تزايدت نسبة المشاهدات تدريجيا لكل فيديو ننشره في الصفحة". وعن الفيديوهات الأكثر رواجا، يضيف: "حلقة علم الثورة، والتدخل الخارجي، واللتان تتحدثان عن الأطراف المتصارعة في سورية والداعمة للنظام السوري بشكل عام، هما الأكثر رواجا ومتابعة تقريبا".
Facebook Post |
وعن التهديدات، التي تواجهها الصفحة من قبل النظام السوري، يختم بالقول:"لا توجد تهديدات لأننا نوصل الفكرة بالابتسامة، التي نعتبرها الحل لسد الفجوة والشرخ الحاصل لدى السوريين بشكل عام، إلى جانب نوعية القضايا التي نتناولها والتي يعاني منها كل مواطن سوري، حيث نحاول أن نصل إلى جذر المشكلة وطرحها للمشاهد، الذي يقوم بدوره بالمقارنة والمحاكمة الصحيحة للمشكلة، ويحاول معنا إيجاد الحل أو البديل المناسب، ونتيجة لهذا الأسلوب لدينا متابعون من كل الأطراف والانتماءات".
اقرأ أيضاً: بحثا عن الخبز..لوحات هاشم علي الفريدة على رصيف بتعز