"تماسيح" و"عفاريت" في سجال "الدولة العميقة" بالمغرب

12 مايو 2014
بنكيران لم يحدّد هوية "التماسيح" و"العفاريت" (فاضل سنا/فرانس برس/GETTY)
+ الخط -

أرخى مفهوم "الدولة العميقة" ظلاله في الآونة الأخيرة على المشهد السياسي المغربي، بعد اتهامات كالها رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، لجهات سياسية نافذة بكونها "تتآمر وتشوش" على حكومته، وتسعى إلى إطاحتها، لكن من دون أن يحدد اسماء هذه "الأطراف المتآمرة".

ووجه حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي يقود الحكومة المغربية الحالية، اتهامات لـ"جهات سياسية ذات قوة ونفوذ في الدولة تعمل على التحكم والهيمنة على الحياة السياسية بالبلاد"، فيما ردت عليه المعارضة بمطالبته بالكشف عن حقيقة الدولة العميقة.

وعُينت حكومة بنكيران، وهي أول حكومة يقودها إسلاميون منذ استقلال المغرب عام 1956، من قبل الملك محمد السادس في الثالث من يناير/كانون الثاني 2012، وهي حكومة ائتلافية تضم أربعة أحزاب: العدالة والتنمية الإسلامي، و"الحركة الشعبية" (اليمينية)، و"التقدم والاشتراكية" اليساري، و"التجمع الوطني للأحرار" الليبرالي.

سياسة التحكم

وألقى رئيس الحكومة المغربية، قبل أيام قليلة، حجراً ثقيلا في بركة السياسة الراكدة في البلاد، عندما جدد انتقاداته الشديدة لما سماها "التماسيح" و"العفاريت"، والتي يرمز بها إلى مفهوم "الدولة العميقة" التي لا تفوّت فرصة للنيل من الحكومة، ووضع العصا في عجلة سيرها.

وأفاد بنكيران بأن "التماسيح" هي تلك التي تحول دون استفادة المواطن المغربي من ثمار جهود الحكومة، من قبيل مليارات الدراهم التي تخصصها الدولة للسكن الاجتماعي، ولا تصل إلى الفئات الاجتماعية الفقيرة بالوجه المطلوب.

وإذا كان رئيس الحكومة قد اختار الحديث عن الدولة العميقة بلغة الترميز إلى أسماء حيوانات، فإن قياديين من حزبه اتهموا جهات سياسية خارج الحكومة، من دون تحديدها بالاسم، بعرقلة برامج الحكومة ومشاريعها، خصوصاً تلك التي تهم الفقراء.

وقال القيادي في حزب العدالة والتنمية الحاكم، عبد العزيز أفتاتي، لـ"العربي الجديد"، إن الدولة العميقة والموازية "تعمل ليلاً ونهاراً على التحكم في خيوط اللعبة السياسية للبلاد، في ما يشبه دمية الماريونيت" التي تتحرك من دون أن يظهر من يحركها حقيقة خلف الستار.

وتابع القيادي الإسلامي أن "الدولة العميقة تحاول إرباك عمل الحكومة وإشغالها بمعارك جانبية، بدل الانكباب على قضايا الشعب من تنمية وتشغيل وصحة". وأشار أفتاتي إلى أن هذا التحكم تجلى "مثلاً في انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة لإحداث أزمة سياسية في البلاد".

وكان وزراء حزب الاستقلال، الذي كان يشارك في النسخة الأولى من الحكومة، قد انسحبوا من الائتلاف الحكومي في يوليو/تموز 2013، لتستمر الحكومة أسابيع عدة من دون أغلبية، قبل أن يلتحق بها حزب "التجمع الوطني للأحرار" معوضاً الحزب المنسحب.

ذريعة للفشل

أما المعارضة، خصوصاً حزب "الأصالة والمعاصرة"، فقد اتهمت بدورها حزب "العدالة والتنمية" باحتكار السلطة، على غرار حزب "الحرية والعدالة" في مصر، الجناح السياسي لـ"الاخوان المسلمين"، ما جعل البعض يحذر من محاولة الحزب الحاكم "مصرنة" المغرب، في إشارة إلى العلاقة بين الحزبين المغربي والمصري.

وطالب حزب الأصالة والمعاصرة، الذي أسّسه فؤاد عالي الهمة، قبل أن يصبح مستشاراً خاصاً للعاهل المغربي، رئيس الحكومة، بالكشف عن أسماء "التماسيح" والعفاريت" التي يقصدها.

وفي السياق، انتقد القيادي البارز في الحزب المعارض نفسه، حكيم بنشماش، لجوء بنكيران إلى "مسوغات شتى، من قبيل تدخل الدولة العميقة للتورية عن عجزه في تحقيق وعود حزبه الانتخابية"، موضحاً أن "الاختباء وراء وجود جهات تعرقل عمل الحكومة، أمر لن ينخدع به الشعب".

وطالب بنمشاش رئيس الحكومة بأن يكون أكثر وضوحاً وجرأة، وأن يشرح للمغاربة مَن هي هذه الدولة العميقة تحديداً، أشخاصاً ومؤسسات، معتبراً أن "هذا الخطاب السياسي يوحي بوجود مؤسسات هلامية موازية للمؤسسات والهيئات الدستورية للدولة المغربية".

وغالباً ما يستخدم رئيس الحكومة مصطلحات "التماسيح" و"العفاريت"، في خطاباته، للدلالة على جهات تعرقل عمل حكومته. وقد أثارت جدلاً وسجالاً بين من تعاطف مع بنكيران في مواجهة "الدولة العميقة"، وبين من اعتبرها "وسيلة ذكية منه للتهرب من الفشل".

المساهمون