"تلفزيون الحارة": عندما يتحوّل المسرح إلى ملجأ لنازحي سراقب

09 مارس 2019
يتوجّه "تلفزيون الحارة" إلى الأطفال بشكل أساسي (العربي الجديد)
+ الخط -
في مدينة سراقب السورية التي تتعرض لقصف دوري من قبل قوات نظام الأسد وحلفائه، يجد الفن فسحة، من خلال جهود الفنانين الذين فضلوا البقاء بالمناطق المحررة داخل سورية بعد كل هذه السنوات؛ ومنهم وليد أبو راشد، صاحب مشروع "تلفزيون الحارة" النشط في سراقب.

وفي لقاء خاص مع "العربي الجديد"، تحدث أبو راشد عن نشأة "تلفزيون الحارة"، فقال: "في البداية، قدمت عروض المسرح التفاعلي، ومسرح العرائس للأطفال في ريف اللاذقية وريف سراقب. وفيما بعد، أسَّستُ مع مجموعة من الأصدقاء فرقة اسمها "تجمع شباب سراقب"، عملنا فيها على تقديم مسرحيات خاصة بالأطفال، ومسرحيات خاصة بالكبار. وكنا نقدم العديد من العروض في المدارس. وفي عام 2018، تركتُ الفرقة لأسباب شخصيّة، وحينها عملت على بناء مشروعي ومسرحي الخاص. في البداية، فضلت خشبة مسرح متنقلة، يسهل تحريكها ونقلها، كي أستطيع من خلالها تقديم عروض الدمى والعرائس للأطفال، وبدأت بنقل المسرح إلى حارتي والحارات المجاورة، وتقديم العروض من خلاله للأطفال بالتزامن مع قصف النظام للمنطقة؛ فكنت أمدُّ الأرض بالحصائر، وأهيّئها ليجلس الأطفال عليها، ويتابعوا العرض، وكان الأطفال يتعاملون مع مسرحي كتلفزيون، وهم من أطلقوا عليه اسم "تلفزيون الحارة"، وأنا أحببت هذه التسمية وتبنيّتُها".

ويضيف أبو راشد: "في ما بعد، بدأت بالتدرب على مسرح خيال الظل، وقدمت حينها عروض خيال ظلّ للأطفال. كما قدمت العديد من المسرحيات التعليمية عن طريق مسرح خيال الظل، وحاولت إعطاء الدروس للأطفال من خلال المسرح، وذلك لإيصال فكرة مفادها، أنه وعلى الرغم من القصف والدمار والحصار، لدينا رغبة بالتعلم وممارسة الفن. وأصبحت مؤخراً أقدم العروض بالاشتراك مع الأطفال، إذْ أصبح الأطفال جزءاً من فريقي، ولهم دور في إنجاز العمل وتصميم الشخصيات وتأليف النصوص، وذلك لزيادة ثقتهم بأنفسهم وترغيبهم بالمسرح بشكل أكبر".



وعن الصعوبات التي واجهته، يقول أبو راشد: "الصعوبات تتعلق بالوضع الأمني والتنقل، ففي البداية كنت أقوم بتقديم المسرحيات ضمن نطاق حارتي، لعدم وجود وسيلة نقل أستطيع من خلالها التنقل إلى الحارات المجاورة. وبعد أن ازدادت شعبية "تلفزيون الحارة"، أصبح أهالي الحارات المجاورة يطالبون بعرض مسرحياتي في حاراتهم لأطفالهم، وقدموا لي المساعدة لنقل المسرح إلى حاراتهم. وأصبحت أنسق مع أهالي الأحياء المجاورة، إذْ كانوا يجهزون لي قبواً أو ملجأً لأعرض مسرحياتي فيه، خوفاً من قصف النظام". وعن العروض التي كانت تقدم أثناء القصف، يقول أبو راشد: "في يوم من الأيام، كانت منطقتنا تتعرض للقصف، وكان الأولاد وأهاليهم في الملجأ تحت الأرض يشعرون بالخوف الشديد، فحملت مسرحي إلى الملجأ وبدأت بعرض المسرحيات للأطفال. وبدأ الأطفال يندمجون بالعرض، وينسون القصف، وخفّ توترهم. وعلى الرغم من احتمالية موتنا في أي لحظة، كان الضحك يسود الملجأ. وكان الأهالي يخافون من إرسال أولادهم لحضور العروض المسرحية أثناء القصف، ولكن اليوم أصبحوا يقصدون المسرح مع أطفالهم خلال القصف، لتخفيف التوتر، فتحول المسرح إلى مكان نزوح أثناء القصف".

وعن الأدوات التي يستخدمها أبو راشد، يقول: "اعتمدُ بمسرح العرائس على الدمى التي أعثر عليها في محلات "البالة" (الثياب الأوروبية المستعملة). أما المسرح، فقمت بتفصيله لدى النجار. في مسرح خيال الظل، استعين بصديق رسام أصف له الشخصيات، ويقوم هو بتصميمها، وأقوم فيما بعد بتفصيلها وتفريغها لدى النجار، ومن ثمّ أقوم بتلوينها". واختتم أبو راشد حديثه: "تتصدر وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات وصور عن التشدد الذي تمارسه الجماعات المتطرفة في إدلب، وهناك تعتيم إعلامي على ما يقدمه الشباب في إدلب من فن ونشاطات في محاولة للحياة وسط القصف والحصار، وأرغب بتوجيه رسالة: نرغب بنشر الفرح. كما أننا رغم الموت، قادرون على العطاء ونشر الفن".
دلالات
المساهمون