التحالف الذي لم ينفك في فكرة تشكيله عما دأبت عليه الأحزاب والقوى السياسية منذ عام 2003 ولغاية الآن في اعتماد البعد الطائفي أو المناطقي، يراه مراقبون بأنه محاولة لوقف مشروع سياسي آخر بزعامة الحلبوسي الذي يعمل على توسعة شعبيته في محافظات ومدن شمال وغرب البلاد وبغداد، لأهداف يراها خصومه أنها مرتبطة بالانتخابات المقبلة ومساعي احتكار تمثيل المكون السني بتحالف أو كتلة واحدة.
وقالت مصادر سياسية مقربة من التحالف الجديد الذي اصطلح على تسميته بشكل مبدئي بتحالف "المناطق المحررة"، في إشارة لمدن العراق الشمالية والغربية التي احتلها تنظيم "داعش" بين عامي 2014 و2017، إن النواب والسياسيين الذين وافقوا على الانضمام فيه عقدوا 3 اجتماعات خلال الأيام الماضية، موضحة لـ"العربي الجديد"، أنه سيضم قيادات سياسية بارزة ووزراء سابقين ونوابا في البرلمان عن دورات سابقة، فضلا عن نواب حاليين.
وتلفت المصادر إلى أن التحالف سيطرح نفسه كممثل أو فاعل في "المناطق السنية"، ويتبنى مطالب السكان هناك، من إعادة النازحين وملف المختطفين على يد المليشيات، وتعويض ضحايا الإرهاب والأخطاء العسكرية، وما يتعلق بإعادة الإعمار وتأهيل المناطق المدمرة بفعل الحرب.
ويقول عضو البرلمان عن تحالف "القوى العراقية"، يحيى المحمدي، لـ"العربي الجديد"، معلقا على الموضوع، إن "تشكيل تحالف جديد في المناطق المحررة للبحث عن الزعامة أمر غير منتج"، معتبرا أنه "لا يوجد بالوقت الحالي بزعامة المكون (السني) غير رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وهو يقوم بأداء كبير جدا"، بحسب قوله.
ويشير إلى أن "عملية تشكيل تحالفات وكتل وأحزاب أمر طبيعي يخص الأشخاص الذين يشكلونها"، مستدركا: "لكن كمكون سني، فإن الأكثرية كماً ونوعاً هي ضمن تحالف القوى العراقية"، مضيفا "قبل أيام كان هناك تحالف وطن، أين تحالف وطن الآن؟ انتهى بعد أن أخفق في الحصول على مكاسب في حكومة محمد توفيق علاوي التي لم تتم الموافقة عليها".
ويرى المحمدي أن تشكيل "تحالف المناطق المحررة" يهدف للحصول على استحقاقات داخل كابينة مصطفى الكاظمي، معتبرًا أن "الجميع يبحث عن السلطة، الجميع يبحث عن النفوذ، الجميع يبحث عن الاستحقاقات".
وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلن النائب مثنى السامرائي عن خروجه من "تحالف القوى العراقية"، وتشكيل تحالف جديد أطلق عليه تسمية "الوطن أولا"، مؤكدا أن هذا التحالف ضم نوابا وسياسيين".
من جانبه، يرى عضو البرلمان السابق عن محافظة نينوى محمد نوري العبد ربه، أن تشكيل تحالف جديد للمناطق المحررة "يعد أمرا طبيعيا لأن العملية السياسية مبنية على أساس وجود عدة تحالفات، ومن الطبيعي أن ينشأ تحالف هنا وآخر هناك، أو كتل جديدة في الوسط السياسي العراقي"، مؤكدا لـ "العربي الجديد"، أن "ذلك يعد خطوة على الاتجاه الصحيح، على اعتبار وجود كتلة سياسية تسمى (تحالف القوى العراقية)، وفي المقابل يجب أن تكون هناك كتلة أو أكثر تمثل قسما من الطيف السني لنتمكن من القول إن هناك تنافسا سياسيا، أو تنافسا انتخابيا، خلال هذه المرحلة أو المرحلة المقبلة".
ويستبعد المتحدث ذاته أن تشكيل تحالف جديد بالمناطق المحررة يمكن أن يندرج ضمن الصراع على الزعامة، مشيرا إلى وجود زعامات سياسية خارج إطار التحالفات، مضيفا "بل يتعلق تشكيل التحالف الجديد بترتيب مستقبلي مرتبط بمحاولة الحصول على تمثيل في الحكومة المقبلة".
وعبّر عن أمله في "ظهور محور ينظر إلى مصلحة البلاد، لا مصالح الأشخاص، لأن مصالح الأحزاب والأشخاص منذ عام 2003 وإلى غاية اليوم أثبتت فشلها الذريع، وأوقعت البلاد في الهاوية"، معتبرًا أن الصراعات السياسية الحالية هي عبارة عن صراعات مكاسب ومواقع.
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد أحمد القيسي أن ظهور تشكيل سياسي جديد في هذا الوقت يعود لوجود رغبة في المشاركة بحكومة الكاظمي، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن "تحالف الحلبوسي تمكن خلال الفترة الماضية من تصدير نفسه على أنه الممثل الأبرز للعرب السنة، وأنه لن يقبل بسهولة بظهور منافسين له في هذه المرحلة الحرجة".
واستبعد القيسي قدرة التحالف الجديد على قلب موازين القوى بين ليلة وضحاها، كما استبعد حصوله على مواقع في حكومة الكاظمي، مستدركا "إلا أن التحالف الجديد يمكن أن يجد لنفسه موطئ قدم في الانتخابات المبكرة المنتظر إجراؤها العام المقبل، إذا أجاد الاستفادة من أخطاء تحالف الحلبوسي وتوظيفها لصالحه".