"تبيّن".. الذات وتزاحم الهويات وأسئلة أخرى

15 ابريل 2018
ميريام غنبريان/ إيران
+ الخط -
دراسات في حقول متعدّدة الاهتمامات تدور في أفق الفلسفة والعلوم الاجتماعية والإنسانية، ضمّها جديد مجلة "تبيّن" للدراسات الفكرية والثقافية التي يُصدرها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات".

انطلق العدد من دراسة تحت عنوان "في الميتا-بيوإيتيقا: نحو تأويل أنطولوجي وإيتيقي للوجود الجسدي للإنسان" لمولاي أحمد ولد مولاي عبد الكريم. يتعلّق البحث بتأويل فلسفي لعلاقة الإنسان بالتطور البيوتقني، ومسألة الماهية الجسدية للإنسان، والمنزلة الأنطولوجية والإيتيقية لهذه المسألة، والإشكاليات المرتبطة بها، والتي يطرحها أو يحيل عليها ضمناً النقاش الفلسفي الراهن.

وفي بحث "الذات الكيرككَوردية في مواجهة الذات الهيغلية" لشابحة بوعراب، تذهب الباحثة إلى أن تأسيس الفيلسوف الدنماركي نظريته عن الذات لم يكن سوى ثورة على الفلسفة الهيغلية، محاولاً بذلك إنقاذها من النسق. لهذا تستحقّ هذه الذات وقفات يتأمّل فيها المرء حقيقتها ومراحل تطوّرها في الوجود، بدءاً من المرحلة الجمالية مروراً بالمرحلة الأخلاقية، وصولاً إلى المرحلة الدينية؛ إذ يتم التحقق الأصيل للذات الحقّة.

من جهته، يناقش الباحث خليل قويعة "الأرسومات الزجاجية العربية وتعالق الصورة والكتابة"، مستنداً إلى المدونة التونسية، حيث تتعرّض هذه الدراسة لمباحثة طبيعة العلاقة بين الصورة والنص المكتوب في المدونة التراثية لفن الرسم على الزجاج بالعالم العربي انطلاقًا من حالته في تونس، قبل مجيء المعمّرين الغربيين. وبناء عليه، كان لا بد من التعرّض إلى منزلة الكتابة داخل فن المَصوَرَة التقليدية لرصد وظائف الرسالة المكتوبة المرافقة للصورة السردية. يلامس الموضوع مختلف رهانات تجربة الفن الحديث بالعالم العربي، وخاصة بُعَيد تأسيس الدولة الوطنية؛ إذ كان لمفاهيم الهُوية والأصالة والتراث المحلي حضور مؤثر في صياغة إشكاليات الحداثة الجمالية وظهور الأساليب الفنية.

أما دراسة "أمّة النخلتين :الهوية العربية ظاهرة سياقية" ففيها يتطلّع الباحث محمد المختار الشنقيطي إلى تقديم نظري لقضية الهُوية العربية من منظور مرِن، وذلك من خلال توضيحه مفهومَ الهُوية بظلاله المختلفة، وتراكم الهُويات وتزاحمها، والتفاوض الاجتماعي حول الهُوية، والصراع بين السرديَّة المُهيمنة والسرديّات المُعاكسة، وأثر الذاكرة الجمعيّة في بناء الهُوية، ونظرية (الجماعات المُتخيَّلة)، وغيرها من المفاهيم التي تقع في قلب الجدل المعرفي في الموضوع اليوم.

و"في البحث عن مشترك أخلاقي كوني بتنام وهابرماس وطه عبد الرحمن" لعبد القادر ملوك، يسلّط الضوء على ثلاث نظريات أخلاقية تنتمي إلى بيئات ثقافية مختلفة، وتَحْكمها منظومات فكرية متباينة. يتعلق الأمر بنظريات هيلاري بتنام ويورغن هابرماس وطه عبد الرحمن، وهي نماذج أو مقاربات تعترف جميعها بحاجة المجتمع المعاصر الملحّة إلى (تهذيب أخلاقي) جديد، وإلى أخلاق مشتركة، تُقيم توازناً متعقلاً بين مطلب الكونية والاعتراف بالحدود السياقية التي تؤثر فيه.

وبعنوان "ما تعليل هامشية الاشتغال بالإنسانيات والاجتماعيات والفنون في الوطن العربي؟" يرى الباحث أحمد زهاء الدين عبيدات، أن تدنّي المكانة والعوض المادي لدى المشتغلين العرب بالإنسانيات والاجتماعيات والفنون حالةً إشكالية. ولتفسير هذه الحالة، تُوضَّحُ الأسباب التي وزَّعت المهن في الهرم الاجتماعي في تاريخ التحضر، فيُستنبَط منها قانون لقيمة المهن بحسب الحاجات التي تُشبِعها. ويُعلّل تهميش الدور الإنتاجي لتلك الفئة باحتكار الشؤون الإدارية سلطويّاً والشؤون القيمية دينيًّا وحزبيًّا.

كما اشتمل العدد على مراجعتين؛ الأولى للباحث يوسف بن عدي لكتاب: "الذات في الفكر العربي الإسلامي"، والثانية مراجعة أحمد مفلح لكتاب "الدوريات الفلسطينية الصادرة في لبنان 1948-2014: دراسة بيبليوغرافية"، لأحمد طالب.

المساهمون