يجلس سائقو سيارت الأجرة الأردنية العاملة على خط سورية، والذين يُعرفون بالتسمية المحلية "البَحّارة"، يندبون حظهم ويشكون الفقر، بعد أن كانوا ينعمون برزق وفير، قبل اندلاع الصراع في الجارة الشمالية منذ أكثر من أربعة أعوام.
الأوضاع الأمنية المتردية في سورية، وإغلاق الحدود بين البلدين، ألقت بظلالها السلبية على هؤلاء السائقين الذين كانوا يجنون ربحاً كبيراً، لقاء نقل الركاب والبضائع بين سورية والأردن ذهاباً وإياباً، فأصبحوا يبحثون عن أي عمل، لكسب قوت يومهم.
في مدينة الرمثا الحدودية مع محافظة درعا السورية، التي تعتبر معقل الـ"البحّارة"، الذين تقف مركباتهم دون حراك، أوضح السائق (ع.ز) الذي بدت عليه علامات اليأس والإحباط، أنه بعد إغلاق الحدود لم يعد بإمكانه العمل كما كان في السابق حيث كان ينقل الفواكه، واللحوم، والمواد الغذائية المعلبة إلى سورية.
أما زميله "البحّار" (م.ف)، فقال إنه تحول للعمل إلى خط الأردن- السعودية، فينقل حمولة واحدة كل 3 أيام، لكن ذلك لا يوفر له لقمة العيش التي تكفيه مع عائلته أو يعوضه عن الأرباح الكبيرة التي كان يجنيها من عمله سابقاً على خط الأردن-سورية.
ويعود سبب تسمية هؤلاء السائقين بـ"البحّارة"، لموقع "الرمثا" الجغرافي، إذ تعتبر الميناء الشمالي البري للأردن، وقد تغيرت أوضاعهم، بعد اندلاع الصراع في سورية.
أما محال الرمثا التي كان بيع البضائع السورية فيها يمثل تجارة رابحة، تشهد هي الأخرى ركوداً وتراجعاً اقتصادياً، حيث هجرها الزبائن إلى أسواق أخرى، الأمر الذي دفع بعدد من أصحابها إلى الإغلاق، وآخر إلى البحث عن بضاعة بديلة ترضي الزبائن.
في السوق التجاري المخصص للبضائع السورية، وسط الرمثا، قال التاجر (م.ش) الذي يبيع مستحضرات تجميل "منذ عام 1998 وأنا أعمل في بيع المواد الغذائية السورية، ومع إغلاق الحدود، لم تعد تصلنا بضائع البحّارة ذات الجودة العالية، والسعر المعقول، لذلك توجهت لبيع مواد التجميل الصينية والماليزية الصنع، على أمل تحقيق كسب يؤمن حياة كريمة لي ولعائلتي".
وعلى مقربة منه، جلس الحاج أبو القاسم، الذي يملك محلاً كبيراً لبيع المواد الغذائية، يتحدث عن أوضاع السوق، و"البحّارة"، قائلاً :"السوق لم يعد كما كان في السابق، الزبائن الذين كانوا يأتون من كل المدن لشراء حاجياتهم من المواد الغذائية، والملابس التي تأتي من سورية عن طريق البحّارة، بحثوا عن أسواق بديلة".
واستدرك بالقول: "سائقو سيارات الأجرة بين الأردن وسورية أو من يسمون بالبحّارة، البعض منهم دفعتهم الظروف المعيشية الصعبة نحو المجهول، فثمة من تترتب عليه أقساط شهرية لبيت أو سيارة كان اشتراها سابقاً في مرحلة الرخاء، وهناك من أخرج أبناءه من الجامعات عندما عجز عن دفع أقساط الدراسة، ومنهم من بات مهدداً بالسجن لأنه لم يعد بمقدوره دفع ديون مترتبة عليه".
بدورها، قالت عبلة وشاح، مديرة الإعلام والاتصال في هيئة قطاع النقل البري الأردنية (حكومية): "لقد عقد مطلع الشهر الماضي، اجتماع عام مع المشغلين وسائقي سيارات خط الأردن-دمشق-بيروت، لحل مشاكلهم بشكل جذري، وإعطائهم تصاريح تاكسي داخل المحافظات".
وبيّنت وشاح أنه "تقدم للهيئة 409 طلبات من أصل 700 سيارة (تتسع لـ4 ركاب) تعمل على خط سورية، وتم تشكيل لجنة من الهيئة، وأمانة عمان، ومديرية الأمن العام، بكافة إداراتها المعنية، وتم فرز الطلبات المقدمة بحسب الرغبة، ضمن القرعة، وتم التوزيع بشكل عادل وشفاف".
وأظهرت نتائج القرعة، بحسب وشاح، حصول 120 سيارة لخط عمان (وسط)، و100 لخط محافظة الزرقاء (شمال شرق)، و100 لخط محافظة إربد (شمال)، فيما البقية سيتم تشغيلها ضمن خطوط أخرى.
وأشارت المسؤولة نفسها إلى أنه سيتم فتح باب التسجيل أمام السائقين الذين لم يتقدموا بطلبات، وذلك بعد الانتهاء من استكمال إجراءات السيارات التي تم تحويلها.
ويرتبط الأردن وسورية بمعبرين رئيسيين هما (درعا-الرمثا)، و(نصيب-جابر)، الذي يبعد عن الأول نحو 2 كلم فقط، وسيطر مقاتلو المعارضة السورية منذ أكثر من عام ونصف العام على الأول، قبل أن يقوموا بالسيطرة على الثاني، في وقت سابق من هذا العام، ليغلق المعبران بعدها بشكل رسمي.
اقرأ أيضاً: سائقو أجرة في صنعاء يفكرون ببيع سياراتهم