"بيغ بن" النسخة اللبنانية: الثانية في الخليوي دقيقة

17 يونيو 2015
الفاتورة الأغلى للخدمة الأسوأ (رنا الموسوي/فرانس برس)
+ الخط -
تعتبر فاتورة الخليوي في لبنان، من العجائب الضريبية. فاتورة لا تحتكم إلى منطق، ولا إلى معادلة محاسبية مفهومة. إذ يضاف عدد من الرسوم والضرائب المعلنة وغير المعلنة، في مقابل خدمة سيئة للغاية، لتتحول الفاتورة بمجملها إلى ضريبة جائرة يدفعها كل لبناني، مهما كان دخله وبغض النظر عن وضعيته الاقتصادية، ومن دون أن يحصل على أي مقابل لقاء هذه الضريبة. في الإجمال، يمكن ملاحظة ثلاث عجائب تعتري فاتورة الخليوي، انطلاقاً من تصريحات كل من وزير الاتصالات السابق، شربل نحاس، ورئيس جمعية المستهلك زهير برو، وهي:


*العجيبة الضريبية الأولى: لنتخيل مواطنين لبنانيّين. الأول يعمل في شركة صغيرة، راتبه لا يتعدّى الحدّ الأدنى للأجور (حوالي 450 دولاراً). في حين أن المواطن الثاني هو رجل أعمال ويجني ملايين الدولارات. الاثنان يملكان هاتفاً خليوياً. وعلى الرغم من الفارق في راتبيهما، إلّا أنهما يدفعان النسبة نفسها من الضريبة غير المباشرة. فهل يعقل المساواة بين الفقير والغني في ضريبة تطال سلعة أصبحت أساسية؟ إنها، وفق تعبير الخبراء، ضريبة جائرة فعلاً، خصوصاً أن اللبناني يدفع بين 65% (وفق نحاس) و85% (وفق برو) من قيمة فاتورة الخليوي كضريبة غير مباشرة على الاستهلاك.

*العجيبة الضريبية الثانية: تتشابه كلفة الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط، حيث تبلغ كلفة دقيقة الاتصال الخليوي حوالي 5 سنتات في المتوسط، أمّا في لبنان، فتراوح الكلفة بين 15 و30 سنتاً للدقيقة. ما يعني أن المواطن اللبناني يدفع أضعاف الكلفة الفعلية للاتصال. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ إن دقيقة التخابر في لبنان، ليست دقيقة بالمعنى الحرفي. حيث إن فاتورة الخليوي تحتسب الثانية الواحدة كدقيقة، فبمجرد أن يبدأ الاتصال، مباشرة يتم احتساب الدقيقة، حتى لو لم تتعد مدة الاتصال الثانية الواحدة، لتصبح فاتورة الخليوي في لبنان من الأغلى في العالم كله!

*العجيبة الضريبية الثالثة: تجني الدولة اللبنانية من فواتير هاتف الخليوي إيرادات تتجاوز المليار دولار سنوياً. وعلى الرغم من هذا المبلغ الضخم، إلا أن خدمة الاتصال في لبنان تعتبر من بين الأسوأ عالمياً. حيث ينقطع الاتصال في كل محادثة تقريباً، لمرة وأحياناً ثلاث مرات. وفي دراسة أجرتها "العربي الجديد"، تبيّن أن الشركات المشغّلة لخدمة الخليوي في لبنان تربح عن انقطاع الاتصالات بين مليون و9 ملايين دولار يومياً، وفق عدد الانقطاعات.


يؤكد وزير الاتصالات السابق، شربل نحاس، أنه من عام التسعينيات حتى عام 2012، انخفضت الكلفة التقنية لخدمة الاتصالات في العالم بحوالي مرتين ونصف المرة، ولكن في لبنان بقيت الأسعار على حالها، ما يعني أن كلفة الاتصال ارتفعت على المواطن في مقارنة مع أكلاف الاتصالات العالمية، والفارق هنا يعتبر ضريبة غير منظورة.

فالدولة، يقول نحاس، تحتكر هذا القطاع وهي مَن تحدّد الأسعار، لذلك لم يحدث، يوماً، أن تفاوتت الأسعار بين الشركتين المشغلتين للخليوي "أم تي سي" و"ألفا". ويتابع: "منذ عام 2009، وصلنا إلى مرحلة أن الفاتورة الوسطية الإجمالية التي يدفعها المواطن لا تقل الضرائب فيها عن الثلثين. قسم منها معلن وقسم غير معلن".

من جهته، يرى رئيس جمعية المستهلك، زهير برو، أنّه و"نتيجة تهرّب الشركات الكبرى من الضرائب، تلجأ الدولة اللبنانية إلى تحصيل الضريبة غير المباشرة من فاتورة الخليوي لتأمين حاجات الخزينة. وقد اعترف جميع وزراء الاتصالات المتعاقبين بأن الكلفة التي يدفعها المستهلك مضاعفة. والقيمة هذه يدفعها المستهلك بسبب عدم وجود المنافسة". ويقول برو، إن الضرائب على الخليوي غير قانونية، وما زال استغلال المستهلك هو السمة السائدة. ويضيف: "ربما الخطوة الأولى في الإصلاح في قطاع الخليوي تبدأ من احتساب الثانية ثانية لا دقيقة".
المساهمون