على كرسي متحرك، وبمفرده، يتنقل المصور الفلسطيني أسامة السلوادي، بين ساحات متحف محمود درويش وقاعاته، في مدينة رام الله، ووراءه يركض الصحافيون، لإجراء مقابلات حول كتابه السابع الذي أطلقه اليوم بعنوان "بوح الحجارة" ضمن مشروعه الشخصي الكبير الذي يوثق فيه بالصورة، الموروث الثقافي والتراثي للشعب الفلسطيني.
"حاولت من خلال الكتاب، جعل الحجارة تبوح بالأشياء التي كانت هنا، حضارات كثيرة لشعوب متعددة استوطنت أرض فلسطين عبر الزمن، تتابعت الحضارات والثقافات والقوميات، جميعها تركت حجارتها وانصرفت، وظل أصحاب الأرض الأصليين، وفي النهاية لا يبقى في الوادي سوى حجارته التي لا تتغير، والتي تحكي تاريخاً لا يمكن تزويره".
يقع كتاب السلوادي في 210 صفحات، ويضم 250 صورة، واستطاع رغم ظروفه الخاصة، إنجازه في غضون سنتين، وهدفه الأساسي من الكتاب الجديد، وكتابه السابق، أن يحافظ بالصور على التاريخ الفلسطيني الذي يتهدده الاحتلال الإسرائيلي بالتزوير والسرقة، تماماً كما فعل في كتابه السابق "ملكات الحرير" الذي وثق فيه الأزياء الفلسطينية التقليدية خوفاً من اندثارها في صفحات التاريخ المزور.
"دخلت حرباً حقيقية لحماية موروثنا الفلسطيني الذي يحاول الاحتلال التلاعب فيه، تشويها وسرقة، انظر مثلاً إلى أسوار القدس، تجد الاحتلال يخلع حجراً فلسطينياً ظل في مكانه لقرون، ليزرع مكانه حجراً توراتياً، محاولاً تعزيز روايته المزورة بحق الوجود اليهودي في فلسطين، إنهم في القدس يبنون قبوراً مزورة، يسرقون حجارتنا وينسبونها إلى أنفسهم"، يقول السلوادي. يمول أسامة عمله، وإنتاج كتبه من ماله الخاص، يرفض الحصول على أموال من مؤسسات أجنبية أو محلية لا يعرف مصادر تمويلها، سبق أن طرق باب وزارة الثقافة الفلسطينية بحثاً عن دعمها له في مشروع توثيق موروث الفلسطينيين الثقافي المهدد بالضياع، ولم يلق جواباً. يقول "أنجزت سبعة كتب، بعد كل كتاب أعيش عاماً كاملاً في حالة تقشف، لسداد تكاليف إنتاجه، كل المؤسسات الحكومية ذات العلاقة لا تتدخل أو تعرض حتى خدماتها، وزارة الثقافة لم تشتر نسخة واحدة من كتبي المصورة التي أحافظ من خلالها على ثقافتنا، لا أدري إن كانوا غير معنيين أو أن وعيهم بأهمية الصورة ضعيف، المزعج أنك تتحدث عن وزارة ثقافة في بلد تحت احتلال، ومن المفترض في هذه الحال أن تبذل جهودا مضاعفة لحماية تراث وتاريخ البلد". ويضيف "التقيت قبل شهرين بالرئيس أبو مازن، وأبدى اهتماما شخصيا بالأمر، كان متحمسا للموضوع، وطلب شراء جزء من كتبي لتتولى مؤسسة الرئاسة توزيعها حول العالم عبر السفارات الفلسطينية، فنشر ثقافة البلد واجب الجميع".
ويغطي كتاب "بوح الحجارة" كل مناطق فلسطين التاريخية، ولأن مصور الكتاب لا يسمح له بدخول قطاع غزة، ولا القدس والداخل الفلسطيني، استعان السلوادي بمادة من أرشيفه تغطي هذه المناطق التي يمنعه الاحتلال من الوصول إليها، علما أن 95 في المائة من الصور تعود لأماكن في الضفة الغربية وكلها حديثة. ويعتبر الكتاب الجزء الثاني من سلسلة كتب مصورة تضم ستة أجزاء، ولا يزال العمل مستمراً على الأجزاء الأربعة المتبقية التي يحكي أحدها قصص الحلي التقليدية الفلسطينية، وثان يتعلق بالزهور والطبيعة، وثالث يتطرق للمأكولات الشعبية والمطبخ الفلسطيني، أما الجزء الأخير الذي يخطط المصور لإنجازه فيتعلق بالحرف اليدوية الفلسطينية. "العمل ليس سهلا، أصعد الجبال على الكرسي المتحرك لألتقط صورة، إنه تحد لكل الصعوبات، أنا لا أُصور فقط، أنا أحارب، وأهمية الصورة تكمن في أنها وثيقة تاريخية أصعب تزويراً من الوثائق المكتوبة، وأكثر ديمومة في ذهن من يشاهدها، الصورة الفوتوغرافية أقوى حتى من الفيديو". ورغم تنقله لالتقاط صوره من مدن الضفة الغربية كافة، يبدي السلوادي حسرته على نابلس: "يا خسارة يا نابلس"، في إشارة إلى ضرورة وضع نابلس القديمة بما فيها من جمال تاريخي وعراقة معمارية على قائمة التراث العالمي. "نابلس القديمة بين أكثر المدن التي تحتاج لاهتمام وترميم، إنها جميلة، وفيها الكثير من التراث". يواجه السلوادي صعوبات كبيرة في العيش والعمل في الضفة الغربية، فالمدن الفلسطينية غير مؤهلة لذوي الاحتياجات الخاصة، ما يحرمه من الوصول إلى بعض الأماكن في الأراضي المحتلة، وهذا ما اعتبره "كارثة حقيقية بحقه، وحق أقرانه"، ورغم ذلك يتحدى كل شيء، ويصوّر. يذكر أن أسامة السلوادي عمل مع وكالات أنباء دولية، بينها رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية، ووكالة جاما الفرنسية. في 2006، وبينما كان يطل من شباك مكتبه على تظاهرة في شوارع رام الله، كان المتظاهرون يطلقون النار نحو الأعلى، فأصيب. منذ إصابته يعيش أسامة بإعاقة جسدية دائمة، يسعى إلى تحديها واستكمال مشواره التوثيقي والإبداعي.
"حاولت من خلال الكتاب، جعل الحجارة تبوح بالأشياء التي كانت هنا، حضارات كثيرة لشعوب متعددة استوطنت أرض فلسطين عبر الزمن، تتابعت الحضارات والثقافات والقوميات، جميعها تركت حجارتها وانصرفت، وظل أصحاب الأرض الأصليين، وفي النهاية لا يبقى في الوادي سوى حجارته التي لا تتغير، والتي تحكي تاريخاً لا يمكن تزويره".
يقع كتاب السلوادي في 210 صفحات، ويضم 250 صورة، واستطاع رغم ظروفه الخاصة، إنجازه في غضون سنتين، وهدفه الأساسي من الكتاب الجديد، وكتابه السابق، أن يحافظ بالصور على التاريخ الفلسطيني الذي يتهدده الاحتلال الإسرائيلي بالتزوير والسرقة، تماماً كما فعل في كتابه السابق "ملكات الحرير" الذي وثق فيه الأزياء الفلسطينية التقليدية خوفاً من اندثارها في صفحات التاريخ المزور.
"دخلت حرباً حقيقية لحماية موروثنا الفلسطيني الذي يحاول الاحتلال التلاعب فيه، تشويها وسرقة، انظر مثلاً إلى أسوار القدس، تجد الاحتلال يخلع حجراً فلسطينياً ظل في مكانه لقرون، ليزرع مكانه حجراً توراتياً، محاولاً تعزيز روايته المزورة بحق الوجود اليهودي في فلسطين، إنهم في القدس يبنون قبوراً مزورة، يسرقون حجارتنا وينسبونها إلى أنفسهم"، يقول السلوادي. يمول أسامة عمله، وإنتاج كتبه من ماله الخاص، يرفض الحصول على أموال من مؤسسات أجنبية أو محلية لا يعرف مصادر تمويلها، سبق أن طرق باب وزارة الثقافة الفلسطينية بحثاً عن دعمها له في مشروع توثيق موروث الفلسطينيين الثقافي المهدد بالضياع، ولم يلق جواباً. يقول "أنجزت سبعة كتب، بعد كل كتاب أعيش عاماً كاملاً في حالة تقشف، لسداد تكاليف إنتاجه، كل المؤسسات الحكومية ذات العلاقة لا تتدخل أو تعرض حتى خدماتها، وزارة الثقافة لم تشتر نسخة واحدة من كتبي المصورة التي أحافظ من خلالها على ثقافتنا، لا أدري إن كانوا غير معنيين أو أن وعيهم بأهمية الصورة ضعيف، المزعج أنك تتحدث عن وزارة ثقافة في بلد تحت احتلال، ومن المفترض في هذه الحال أن تبذل جهودا مضاعفة لحماية تراث وتاريخ البلد". ويضيف "التقيت قبل شهرين بالرئيس أبو مازن، وأبدى اهتماما شخصيا بالأمر، كان متحمسا للموضوع، وطلب شراء جزء من كتبي لتتولى مؤسسة الرئاسة توزيعها حول العالم عبر السفارات الفلسطينية، فنشر ثقافة البلد واجب الجميع".
ويغطي كتاب "بوح الحجارة" كل مناطق فلسطين التاريخية، ولأن مصور الكتاب لا يسمح له بدخول قطاع غزة، ولا القدس والداخل الفلسطيني، استعان السلوادي بمادة من أرشيفه تغطي هذه المناطق التي يمنعه الاحتلال من الوصول إليها، علما أن 95 في المائة من الصور تعود لأماكن في الضفة الغربية وكلها حديثة. ويعتبر الكتاب الجزء الثاني من سلسلة كتب مصورة تضم ستة أجزاء، ولا يزال العمل مستمراً على الأجزاء الأربعة المتبقية التي يحكي أحدها قصص الحلي التقليدية الفلسطينية، وثان يتعلق بالزهور والطبيعة، وثالث يتطرق للمأكولات الشعبية والمطبخ الفلسطيني، أما الجزء الأخير الذي يخطط المصور لإنجازه فيتعلق بالحرف اليدوية الفلسطينية. "العمل ليس سهلا، أصعد الجبال على الكرسي المتحرك لألتقط صورة، إنه تحد لكل الصعوبات، أنا لا أُصور فقط، أنا أحارب، وأهمية الصورة تكمن في أنها وثيقة تاريخية أصعب تزويراً من الوثائق المكتوبة، وأكثر ديمومة في ذهن من يشاهدها، الصورة الفوتوغرافية أقوى حتى من الفيديو". ورغم تنقله لالتقاط صوره من مدن الضفة الغربية كافة، يبدي السلوادي حسرته على نابلس: "يا خسارة يا نابلس"، في إشارة إلى ضرورة وضع نابلس القديمة بما فيها من جمال تاريخي وعراقة معمارية على قائمة التراث العالمي. "نابلس القديمة بين أكثر المدن التي تحتاج لاهتمام وترميم، إنها جميلة، وفيها الكثير من التراث". يواجه السلوادي صعوبات كبيرة في العيش والعمل في الضفة الغربية، فالمدن الفلسطينية غير مؤهلة لذوي الاحتياجات الخاصة، ما يحرمه من الوصول إلى بعض الأماكن في الأراضي المحتلة، وهذا ما اعتبره "كارثة حقيقية بحقه، وحق أقرانه"، ورغم ذلك يتحدى كل شيء، ويصوّر. يذكر أن أسامة السلوادي عمل مع وكالات أنباء دولية، بينها رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية، ووكالة جاما الفرنسية. في 2006، وبينما كان يطل من شباك مكتبه على تظاهرة في شوارع رام الله، كان المتظاهرون يطلقون النار نحو الأعلى، فأصيب. منذ إصابته يعيش أسامة بإعاقة جسدية دائمة، يسعى إلى تحديها واستكمال مشواره التوثيقي والإبداعي.