منذ عام 2004، ارتأت المنظمة الإسلامية "الحبيبيّة" في نيجيريا إطلاق مشروع يحمل اسم "بنك الطعام في رمضان"، ويعنى بتوفير وجبات الإفطار للفقراء والمحتاجين، وينظم موائد إفطار تمتدّ مساء كلّ يوم على مدى الشهر الفضيل، في مقرّ المنظمة بالعاصمة النيجيرية "أبوجا"، استعدادا لاستقبال وفود الصائمين، ممّن كبّلهم الفقر وحرمهم الإفطار بعد يوم صيام طويل.
الطابع الإنساني لهذه المنظمة التي تأسست عام 2003، حوّل بوصلة اهتمامات مسؤوليها، وصبغة برامجها، نحو الفئات المعوزة، والتي تزداد معاناتها على وجه الخصوص خلال شهر رمضان. فهذه الشريحة المستهدفة والمنتشرة في الأحياء الشعبية المحيطة بالعاصمة، تجد في مبادرة المنظمة الإسلامية ملجأ يقيها الجوع والحاجة.
حبيبة أحمد، التي تشرف على مطبخ رمضان في مقرّ المنظمة الإسلامية "الحبيبية"، أبدت سعادتها بتزايد الإقبال، كلّ ليلة، على موائد الإفطار، وذلك منذ حلول الشهر الكريم، قائلة "غالبا ما ننطلق خلال الأيام الأولى من رمضان بنحو 450 إلى 500 شخص في الليلة، ثم يتزايد العدد تدريجيا. إلاّ أنّ السنة الحالية كانت بمثابة المفاجأة بالنسبة إلينا، فمنذ اليوم الثاني من رمضان، وبدلا من قدوم 600 إلى 700 شخص، فوجئنا بإقبال 923 شخصا على موائد الإفطار، وهذا ما دفعنا إلى رفع التحدي منذ ذلك اليوم، وها نحن نعدّ وجبات الإفطار لألف ومئتي شخص يوميا".
ويتمّ تدريب أعضاء "الحبيبيّة" على المساهمة في الجهود الإنسانية للمنظمة الإسلامية، وذلك من خلال التبرّع بما أمكنهم من الغذاء والأموال، لإثراء خزينة "البنك الغذائي". توجّه سرعان ما لقي صداه خارج المنظمة، عقب النجاح الذي لقيه المشروع، وهو ما شجّع السكان والمنظمات الإسلامية الأخرى على اقتراح مساعدات لتوسيع نطاق المساعدات، على أمل أن تشمل أكبر عدد ممكن من الفقراء والمحتاجين في البلاد.
واستعرض رئيس مشروع "بنك الطعام" بمنظمة "الحبيبيّة" الإسلامية "فاروق سليمان"، بفخر، مخزون الطعام والمعدّات المتوفّر لديه بعنوان مساهمات من المتبرّعين. "كلّ يقدّم ما في وسعه، سواء كان القليل من المال، أو أكياس الأغذية أو أيّ شيء آخر. كلّ ما يمكن لأي شخص تقديمه سيكون مثار سرور بالنسبة إلينا، ونضعه ضمن مخزوننا".
وأضاف، مشيرا بإصبعه إلى كميات الغذاء والمعدّات الموضوعة في إحدى مخازن المنظمة "بإمكانكم رؤية ما بحوزتنا حاليا في مستودعنا الخاص، ففي هذه الحاوية، نقوم بتخزين جميع التبرّعات المادية، وفي بعض الأحيان، نحتاج إلى القيام ببعض المشتريات، فنقوم باستثمار الأموال التي تمّ التبرّع بها للمنظمة".
دور المنظمة الإسلامية لا يقتصر على توفير وجبات الإفطار للفقراء الصائمين فحسب، وإنما يتعدّاه إلى مستويات أكبر من ذلك بكثير. فأهداف برامج "الحبيبية" تتعدّى حدود إشباع الحاجة الجسدية لأولئك المحتاجين، حيث تطمح، بالتوازي مع ذلك، إلى إشباع الجانب الروحي لديهم، وذلك من خلال تشجيعهم على تقوية إيمانهم، عبر التأمّل في منافع الصيام والانقطاع عن الطعام طيلة شهر رمضان.
إمام بالمنظمة الإسلامية يدعى "فؤاد الدايمي" قال "حين تصومون رمضان، فكونوا على يقين بأنّ الله معكم. الله وعد بالاستجابة للدعاء، فمهما كان عمق مشاكلكم التي تثير ألمكم وقلقكم، فإن استطعتم رفعها لله بكل وعي، خلال شهر رمضان، فتأكّدوا أنّ الله سيجازيكم بأجر عظيم في الجنّة".
وعلاوة على الدور الروحي الذي تضطلع به، تهدف المنظمة الإسلامية إلى أن تتحوّل إلى "محضنة فكرية إسلامية". وتجسيدا لهذا الهدف، ارتأت المنظمة تقديم نفسها بهذه الطريقة على موقعها الرسمي على الإنترنت. توجّه من شأنه أن يفتح أمامها سبل التنويع في أنشطتها، وإثراء قاعدة بياناتها بمعطيات جديدة وضافية، تجسيدا للبعد الأكاديمي الذي تتجه نحوه.
وتقول المنظمة الإسلامية على موقعها على الإنترنت بأنّ "الأكاديمية ستفتتح، في المستقبل القريب، روضة للأطفال بجودة عالية، من المنتظر أن تقدّم تعليما ابتدائيا وثانويا، إضافة إلى دروس في اللغة العربية للكبار وللشباب، فيما ستقدّم دروس في التكنولوجيات الحديثة والاتصالات بصفة اختيارية".
وأضافت "طموح المنظمة لا يهدف فقط لخلق قيادة حقيقية للأمة في الأنشطة المذكورة، وإنّما تسعى لتطوير إدراكها بشأن التحدّيات التي يطرحها عالم اليوم".