"بدك حرية ولاه؟"

19 مارس 2015
الحرية... (حسين بيضون)
+ الخط -
من يُمكنه أن ينسى ذلك الجندي الذي يقفز على ظهر شاب سوري، ويصرخ قائلاً: "بدك حرية ولاه؟". يُمكن الجزم بأنّ الصورة التي قفزت إلى الذاكرة، هي صورة جندي آخر، يجلد شابين بسلك كهربائي، ويصرخ أيضاً: "بدكن حرية ولاه؟".
لا يكاد يخلو فيديو "مسرّب" لممارسات رجال أمن النظام السوري في السنة الأولى من الثورة من هذه العبارة. تحوّلت مع الوقت إلى "نكتة" تداولها كثيرون ممن تابعوا الثورة السورية.
كان تسريب هذه الفيديوهات عملاً ممنهجاً، أراد النظام من خلالها أن يقول لشعبه: "أنتم ملك لي، وأنا أقرر ما الذي تحصلون عليه".

[إقرأ أيضاً: الناشطون الإعلاميون: الحرية غصباً عن داعش والأسد]

تعاطى النظام مع "الحرية" على أنها "المؤامرة"... المطالبة بها خطيئة كبرى. يسأل الجنود وهم يمارسون أبشع أنواع التعذيب سؤالهم هذا، من دون انتظار الجواب. هم يعرفون الجواب مسبقاً. الحريّة أمرٌ خطر على النظام. فالحريّة هي الخطوة الأولى نحو المطالبة بالحقوق، من خارج إطار حزب البعث والمنظومة الأمنيّة التي تشكّلت حول آل الأسد.
الحريّة هي الخطوة الأولى للخروج من الإطار الذي رسمه حافظ الأسد للمجتمع السوري. إطار يبدأ بالزي العسكري في المدارس، وطلائع البعث وصولاً إلى انعدام الثقة في المحيط. الحريّة هي استعادة الاقتصاد من "الزمرة" التي سيطرت عليه ونهبت مقدراته. والحريّة هي إعلام حرّ وممارسة للسياسة، واستعادة المجتمع الأهلي لحيويّته، واستعادة الفنون لهويتها السورية.
تختصر هذه العبارة النظام السوري بكلّ ممارساته. مثلما يكاد أن يكون الردّ الأبرز عليها، ما قاله المواطن السوري محمد والدمعة في عينه، والغصة في كلماته: "داس على رقبتي... أنا إنسان ماني حيوان".

[إقرأ أيضاً: الثورة السورية: هكذا بدأنا...]