تقتنص دراما "بانتظار الياسمين" للمخرج سمير حسين والسيناريست أسامة كوكش الوجع السوري من وسط لهيب النار، على نحو تبدو حكاية العمل جزءاً من خلاصة المرارة والمأساة السورية.
يتراجع الجدل السياسي بين مؤيد ومعارض، كما أصوات الاقتتال ودخان القصف إلى الجانب الخلفي من حكاية العمل لصالح مسار درامي حزين لضحايا الحرب اليومية في سورية، أولئك الذين يتقاسمون الوجع والبرد والفقد والموت بوصفه الخبز السوري اليومي الذي يتناوب عليه مؤيدو النظام والمعارضة في سورية ومعهم أولئك الذين يقفون على الحياد في المعركة... تلك هي فاتورة يدفعها جميع السوريين اليوم، ولعلها الشيء الوحيد الذي لم يزل يجمعهم.
تتضخّم جرعة الميلودراما في مسلسل "بانتظار الياسمين"، فيما تبدو جميع شخصيات حكاياتها أقرب إلى الموت منه إلى الحياة يتأرجحون بين الألم والأمل، في وقت تستنزف القذائف أجسادهم بانتظار خلاص لا يأتي.
لم يختر أي من أبطال "بانتظار الياسمين" قدره الذي أودى به للسكن في حديقة عامة مع آخرين، وفي الحديقة ستسقط أسماء الأماكن التي جاؤوا منها، ويذوب طرفا الصراع في الوجع الواحد دون أن يجمعهما.. وحدها الصورة تعلن انتماءها إلى الجميع.
ورغم أن الحكاية تبدي أحياناً انحيازها لطرف دون آخر في الحرب السورية اليوم، إلا أنها بالنهاية لا تعلي إلا من شأن الوجع، تاركة تحديد ملامح مسببه النهائية ليرسمها مشاهدو المسلسل كلٌ حسب اصطفافه السياسي.. على نحو يوحي بأن حكاية "بانتظار الياسمين" تراهن على أن ينجح إحساس الجميع بالوجع الواحد بتحقيق ما عجزت عنه طاولات الحوار وميادين المعارك.
اقرأ أيضاً: الدراما السورية: قصة موت معلن... ولا عزاء لسنتياغو
إنه رهان على الوجع السوري اليومي لا متاجرة استهلاكية به، ولا قولبته ضمن طرف واحد دون سواه من طرفي الصراع، ولنتذكر كم تتشابه صرخات الأمهات على كامل الخارطة السورية، مع صرخة لمى (سلاف فواخرجي) المفجوعة بذبح زوجها على يد "داعش": "ليش ذبحوه.. كرمال ربطة خبز يا الله.. خبز يا الله.. خبز"... ألم تتردد صدى تلك الصرخة في أكثر من مكان سوري اختلط فيه رغيف الخبز بالدم... ولهذا السبب لا يملك متابع حكاية "بانتظار الياسمين" إلا أن يتعطاف مع أبطالها، فهم صورة لواقع حال عاشه أو شاهده أو سمع عنه. وجميع أحداث وشخصيات المسلسل هي ليست من وحي خيال المؤلف وأي تشابه بينها وبين الواقع هو من ليس من قبيل الصدفة، ويمت للواقع بكل الصلة.
حميمية هذا التعاطف الإنساني كانت أكثر الأمور المدروسة في كاميرا المخرج سمير حسين، وقد قدم هذا الأخير رؤية بصرية تلتزم بروح النص وتضفي عليها، وفي هذا العمل يتخلى المخرج حسين عن تقنية "الكاميرا المتلصصة" في التصوير التي لطالما اعتمدها في أعماله ولاسيما في مسلسله "وراء الشمس"، وذلك ليدخل والمشاهد في عمق المشهد، وكأنه بذلك يريد أن يقول للمشاهد أنت جزء من هذا المشهد، ولست مجرد متفرج عليه.
القراءة الإخراجية رغم حجم المرارة والفاجعة في حكاية العمل، لا تخلو من ميل لإبراز بعض من الجماليات الفنية، ولاسيما في نهاية العمل، حيث يستغل المخرج حسين تساقط الثلج لصالح تصوير مشهد طويل على إيقاع أغنية "يا طير سلملي عسورية" للفنان معن الدندشي، يختزن طاقة وجدانية بإحساس عال، ويتجاوز النص المكتوب نحو نص مواز عن سورية الحضارة الإنسان ، تختصره كلمات الأغنية، وذلك نص تكاملت مقولته مع المشاهد الخاصة بشخصيتي "سها" و"حسام" اللتين جمعتهما في أكثر من مكان أثري في دمشق، وطبيعة حواراتهما، ولاسيما حوارهما عن ثلاثية "العقل والإيمان والحب التي من شأنها أن تزيح أي قلق وخوف".
في "بانتظار الياسمين" ثمة جهد تمثيلي كبير للفنانة سلاف فواخرجي، وأداء عميق للفنان غسان مسعود(أبو سليم) وشكران مرتجى(أم عزيز) وأيمن رضا(أبو الشوق)، وملامح شراكة وثنائية من طراز خاص للفنانين محمد حداقي (نزار) وأحمد الأحمد(بريمو)...
يتراجع الجدل السياسي بين مؤيد ومعارض، كما أصوات الاقتتال ودخان القصف إلى الجانب الخلفي من حكاية العمل لصالح مسار درامي حزين لضحايا الحرب اليومية في سورية، أولئك الذين يتقاسمون الوجع والبرد والفقد والموت بوصفه الخبز السوري اليومي الذي يتناوب عليه مؤيدو النظام والمعارضة في سورية ومعهم أولئك الذين يقفون على الحياد في المعركة... تلك هي فاتورة يدفعها جميع السوريين اليوم، ولعلها الشيء الوحيد الذي لم يزل يجمعهم.
تتضخّم جرعة الميلودراما في مسلسل "بانتظار الياسمين"، فيما تبدو جميع شخصيات حكاياتها أقرب إلى الموت منه إلى الحياة يتأرجحون بين الألم والأمل، في وقت تستنزف القذائف أجسادهم بانتظار خلاص لا يأتي.
لم يختر أي من أبطال "بانتظار الياسمين" قدره الذي أودى به للسكن في حديقة عامة مع آخرين، وفي الحديقة ستسقط أسماء الأماكن التي جاؤوا منها، ويذوب طرفا الصراع في الوجع الواحد دون أن يجمعهما.. وحدها الصورة تعلن انتماءها إلى الجميع.
ورغم أن الحكاية تبدي أحياناً انحيازها لطرف دون آخر في الحرب السورية اليوم، إلا أنها بالنهاية لا تعلي إلا من شأن الوجع، تاركة تحديد ملامح مسببه النهائية ليرسمها مشاهدو المسلسل كلٌ حسب اصطفافه السياسي.. على نحو يوحي بأن حكاية "بانتظار الياسمين" تراهن على أن ينجح إحساس الجميع بالوجع الواحد بتحقيق ما عجزت عنه طاولات الحوار وميادين المعارك.
اقرأ أيضاً: الدراما السورية: قصة موت معلن... ولا عزاء لسنتياغو
إنه رهان على الوجع السوري اليومي لا متاجرة استهلاكية به، ولا قولبته ضمن طرف واحد دون سواه من طرفي الصراع، ولنتذكر كم تتشابه صرخات الأمهات على كامل الخارطة السورية، مع صرخة لمى (سلاف فواخرجي) المفجوعة بذبح زوجها على يد "داعش": "ليش ذبحوه.. كرمال ربطة خبز يا الله.. خبز يا الله.. خبز"... ألم تتردد صدى تلك الصرخة في أكثر من مكان سوري اختلط فيه رغيف الخبز بالدم... ولهذا السبب لا يملك متابع حكاية "بانتظار الياسمين" إلا أن يتعطاف مع أبطالها، فهم صورة لواقع حال عاشه أو شاهده أو سمع عنه. وجميع أحداث وشخصيات المسلسل هي ليست من وحي خيال المؤلف وأي تشابه بينها وبين الواقع هو من ليس من قبيل الصدفة، ويمت للواقع بكل الصلة.
حميمية هذا التعاطف الإنساني كانت أكثر الأمور المدروسة في كاميرا المخرج سمير حسين، وقد قدم هذا الأخير رؤية بصرية تلتزم بروح النص وتضفي عليها، وفي هذا العمل يتخلى المخرج حسين عن تقنية "الكاميرا المتلصصة" في التصوير التي لطالما اعتمدها في أعماله ولاسيما في مسلسله "وراء الشمس"، وذلك ليدخل والمشاهد في عمق المشهد، وكأنه بذلك يريد أن يقول للمشاهد أنت جزء من هذا المشهد، ولست مجرد متفرج عليه.
القراءة الإخراجية رغم حجم المرارة والفاجعة في حكاية العمل، لا تخلو من ميل لإبراز بعض من الجماليات الفنية، ولاسيما في نهاية العمل، حيث يستغل المخرج حسين تساقط الثلج لصالح تصوير مشهد طويل على إيقاع أغنية "يا طير سلملي عسورية" للفنان معن الدندشي، يختزن طاقة وجدانية بإحساس عال، ويتجاوز النص المكتوب نحو نص مواز عن سورية الحضارة الإنسان ، تختصره كلمات الأغنية، وذلك نص تكاملت مقولته مع المشاهد الخاصة بشخصيتي "سها" و"حسام" اللتين جمعتهما في أكثر من مكان أثري في دمشق، وطبيعة حواراتهما، ولاسيما حوارهما عن ثلاثية "العقل والإيمان والحب التي من شأنها أن تزيح أي قلق وخوف".
في "بانتظار الياسمين" ثمة جهد تمثيلي كبير للفنانة سلاف فواخرجي، وأداء عميق للفنان غسان مسعود(أبو سليم) وشكران مرتجى(أم عزيز) وأيمن رضا(أبو الشوق)، وملامح شراكة وثنائية من طراز خاص للفنانين محمد حداقي (نزار) وأحمد الأحمد(بريمو)...