"باب المندب" تحت حصار الحوثيين

05 أكتوبر 2014
تخوفات من سيطرة الحوثيين على باب المندب (أرشيف/getty)
+ الخط -
تحاصر جماعة أنصار الله "الحوثيين" مضيق باب المندب من جميع الجوانب، الأمر الذي يؤشر إلى عزمهم السيطرة عليه بشكل كامل.
ويتعرض العمل في موانئ المنطقة للضرر بشكل كبير، في ظل الانفلات الأمني وضعف الدولة اليمنية، حيث سيؤثر ذلك على زيادة التكلفة ورفع معدلات التأمين على السفن.
وأكدت مصادر يمنية لـ"العربي الجديد"، انتشار مسلحي الحوثيين في مدينة المخاء بالقرب من ميناء المخاء (50 كيلومترا شرق المندب) منذ أسبوع بحجة محاربة التهريب.
وانتشر مئات من الحوثيين في مدينة الحديدة الساحلية (26 كيلومتراً جنوب غرب صنعاء)، بالتزامن مع افتتاح مكتب رئيسي لجماعة الحوثي في المدينة.
وأكدت المصادر أن هدف الجماعة هو السيطرة على ميناء الحديدة.
كما سيطر المسلحون على ميناء الصليف، واتجهوا شمالاً للسيطرة على ميناء "ميدي" المحاذي للحدود اليمنية/السعودية.
وقال محللون إن انتشار الحوثيين على الشريط الساحلي للبحر الأحمر يزيد المخاوف من احتمال توسعهم باتجاه أقصى جنوب غرب اليمن، للسيطرة على مديرية "ذباب" ومضيق باب المندب، الذي يشحن منه يوميا نحو ثلاثة ملايين برميل من النفط متجهة إلى أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.

لكن مستشار الرئيس اليمني للشؤون الاستراتيجية، الدكتور فارس السقاف، قال لـ"العربي الجديد": "كان من ضمن مطالب الحوثيين الحصول على منفذ بحري على البحر الأحمر، في ميناء ميدي تحديداً شمال غرب البلاد، لكن أستبعد سعيهم للسيطرة على باب المندب".
وأشار إلى أن المجتمع الدولي لن يسمح بسيطرة جماعة مسلحة على المضيق.
وتزيد أهمية باب المندب، الذي تمر عبره ناقلات النفط، بسبب ارتباطه بقناة السويس وممر هرمز.
وأدت أخبار سيطرة الحوثيين على المضيق البالغ طوله 22 كيلومتراً إلى مخاوف في قطاع الملاحة اليمنية.
وقال مدير عام شركة الحلال للملاحة، أحمد الحسني لـ"العربي الجديد": "هذه الأخبار تربك أعمالنا، وتجعلنا نعيش في قلق مستمر، وتعيد إلى الأذهان أعمال القرصنة التي حدثت قبل سنوات".
ورجح الحسني أن هدف الحوثيين ربما يكون تحصيل إيرادات المضيق وليس السيطرة عليه وعرقلة الملاحة الدولية، لكنه توقع تدخلا عسكريا دوليا في حال سيطرتهم على المضيق".
وقال مصدر في ميناء عدن لـ"العربي الجديد" إن العمل في موانئ المنطقة سيتضرر بشدة، في حال سيطرة جماعة مسلحة على الميناء، بسبب رفع معدلات التأمين والتكاليف الأمنية الإضافية، وزيادة أجور طواقم السفن.
من جانبه استبعد مصدر في مركز مكافحة القرصنة، مقره صنعاء، وصول الحوثيين إلى باب المندب الذي يتميز بتضاريس طبيعية تمثل حماية أمنية له، كما يتميز بوجود مكثف للقوات اليمنية.
وقال المصدر لـ"العربي الجديد": "وجود قاعدة لحرس الحدود اليمني لدعم التدخلات البحرية، وقدرة القوات اليمنية على السيطرة على أي مرتفعات تطل على المضيق، تعطيني ثقة كبيرة في أن تنفيذ التهديدات التي نسمعها سيكون صعباً للغاية".
وكان خبراء دوليون تحدثوا عن صراع بريطاني إيراني للسيطرة على باب المندب، فيما بدأت فرنسا، عام 2010، بناء قاعدة عسكرية لمكافحة القرصنة، بالتنسيق والشراكة مع الحكومة اليمنية.
ونفى القيادي بالحوثيين ضيف الله الشامي، أية نوايا لدى الجماعة للسيطرة على المضيق، وقال لـ"العربي الجديد": "إن هذه الأخبار كيدية، هدفها بث الخوف من الجماعة لدى المجتمع الدولي".
ويعد مضيق باب المندب من أهم الممرات في العالم، حيث يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن الذي تمر منه كل عام 25 ألف سفينة تمثل 7% من الملاحة في العالم.
من جانب آخر، وفي إطار سعي الحوثيين إلى السيطرة على كامل الدولة اليمنية، أكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" انتشار آلاف المسلحين الحوثيين أمس الأربعاء، في مدينة مأرب، في ظل أنباء تتحدث عن سيطرتهم على منابع النفط في المحافظة التي تنتج 80 ألف برميل يومياً.
وسيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء يوم 21 سبتمبر/أيلول، في مشهد دراماتيكي، حيث احتل مسلحوها جميع المنشآت والمؤسسات العسكرية والمدنية، وحلت الجماعة بديلاً للدولة الهشة التي انهارت سريعاً.

وظلت أهمية باب المندب محدودة حتى افتتاح قناة السويس عام 1869 وربط البحر الأحمر وما يليه بالبحر المتوسط، فتحول إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر على الطرق البحرية بين بلدان أوروبا والبحر المتوسط، والمحيط الهندي وشرق أفريقيا.
وقد ازدادت أهميته بوصفه واحداً من أهم الممرات البحرية في العالم، مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي.
ولليمن أفضلية استراتيجية في السيطرة على الممر؛ لامتلاكه جزيرة بريم، إلا أن القوى الكبرى وحليفاتها عملت على إقامة قواعد عسكرية قربه وحوله، وذلك لأهميته العالمية في التجارة والنقل.
كما سعت الأمم المتحدة عام 1982 لتنظيم موضوع الممرات المائية الدولية، ومنها باب المندب، وأقرت اتفاقية جامايكا التي دخلت حيز التنفيذ في شهر يناير/كانون الثاني من عام 1994.
المساهمون