"اليوم العالمي للمسرح": "خوف" و"دراما" على الخشبة

24 مارس 2018
(مشهد من العرض الألماني "بير جينت")
+ الخط -

تنطلق اليوم عروض "أسبوع اليوم العالمي للمسرح" في العاصمة التونسية وتتواصل حتى نهاية الشهر الجاري، بالتزامن مع عروض الدورة السابعة عشرة من "مسرح دون انقطاع" في مدينة الكاف، التظاهرة التي انطلقت أمس وتتواصل حتى 28 من الشهر الجاري.

الافتتاح اليوم سيكون مع العرض الألماني "بير جينت" للمخرجين روبرتو تشولي وماريا نيومن، وهو من إنتاج مسرح An der Ruhr، يلعب المخرجان دور شخصية "بير" بالتناوب خلال العرض، وهو شخصية من الحكايات التراثية الاسكندنافية؛ إنسان حالم يكذب ليس لأنه كاذب بل لأنه يرى العالم ويفهمه من خلال الحكايات الخرافية، فيترك مخيلته تنجرف من دون أن يفرق بين الواقع والكذب، حيث لعب في خياله العديد من الأدوار الوهمية، لكنه في نهاية الأمر يدرك حقيقة أن لا أهمية له، وأن كل شيء واجهة لطبقات كثيرة وأشكال مختلفة من الوجود مبنية على أشكال أخرى، فتهزه هذه الحقيقة وتجعله يكتشف هويته المتشعبة والتي فيها من الوهم بقدر ما فيها من الحقيقة وربما أكثر.

بالنسبة لعرض الغد، فهو مسرحية "قزح" للمسرحي التونسي أيمن الماجري، ويدور حول مجموعة من الناس يقرّرون الانضمام إلى آخر الرّجال الأحرار. فتتكوّن خلايا تحمل اسم "قزح" يحمل أفرادها أرقاماً، دون أن يعرف أحد من هي الجهة التي تقف خلف هذه الخلية، ومن أفرادها، وإلى ماذا ومن ينتمون.

يقول المخرج في حديث لـ"العربي الجديد" إن المسرحية تتحرّك بين عالمي الأطفال والكبار، وأن فيها "شخصيات من عالم الطفل الذي لا يريد أن يكبر في كلّ إنسان فينا. الطفل الذي يريد كسر كل القيود والحدود التي رسمها الكبار، وأن يكسر كل الممنوعات والمحرّمات التي تأتي ضد الحريات الشخصية".

ثمة علاقة غير مباشرة بين موضوع المسرحية وبين واقع تونس بعد الثورة، يوضح الماجري، متابعاً "الشخصيات هم مجموعة من الشباب يريدون ثورة فكرية، ثورة حريات، ثورة وعي أكثر منها ثورة سياسية. ثورة على تسلّط الحاكم وعقلية المحكوم. ثورة على المجتمع. لكن كل هذا لا يقال بطريقة مباشرة لكنه متضمّن في المسرحية".

أما العمل الذي يعرض مساء الثلاثاء المقبل، فهو "دراما"، العرض السوري من "مختبر دمشق المسرحي" للمخرج أسامة غنم، وهو الجزء الأخير من ثلاثية أنجزها عن العائلة السورية التي تعيش في دمشق خلال السنوات العشر الأخيرة.

وفي حين أن "دراما" مقتبس عن نص "الغرب الحقيقي" لـ سام شيبارد، فقد كانت المسرحية الأولى "العودة إلى البيت" (2013) مأخوذة عن نص هارولد بنتر الذي يحمل العنوان نفسه، وفي عام 2015 قدّم "زجاج" عن نص "مجموعة الحيوانات الزجاجية" لتينيسي ويليامز.

أخذ غنم ثلاثة أعمال كبرى في تاريخ المسرح العالمي، تناولت العائلة، فإن كان نص بنتر يتحدث عن عائلة ليس فيها أم، ونص ويليامز عن عائلة بلا أب، فإن "دراما" هي نص مسرحي عن عائلة يغيب عنها الأم والأب في آن، والتي حين تعود الأم في آخرها إلى البيت تجد ابنيها يقتتلان فتتركهما وتغادر من جديد.

يقول غنم عن اقتباس مسرحية شيبارد وإسقاطها على الواقع السوري اليوم: "نسختنا التي تجري في دمشق هذه الأيام ستختم قصة تلاشي العائلة والإطار الذي يحتويها والإطار الزمني بشكل مختلف: المدينة باقية رغم أن المعركة مستمرة. حكاية تمزق حكايةً وتولد رغم ذلك من أشلائها حكايةً جديدة عن حلم حداثةِ تخلفٍ تواجه لحظة منتصف ليلها الطويل بكل شياطينها وأجراسها".

من الأعمال التي تتيح التظاهرة مشاهدتها من جديد، "خوف" لجليلة بكار وفاضل الجعايبي، وتتناول مجموعة أشخاص في مخيم كشافة تائهون بعد أن هبت عاصفة رملية وطمرت الطرق؛ تحاول الشخصيات أن تجد ملجأ في بناء مهجور فتكتشف أن اثنين من المجموعة قد اختفيا. ومع نفاذ الماء والطعام، وزيادة الخوف تبدأ الخلافات وتظهر الشخصيات أسوأ ما عندها في سبيل الصراع على البقاء والحماية.

أما مسرح العرائس الموجّه للكبار، فيحضر من خلال عرض "في العاصفة" للمخرج حسن المؤذن، وهو عمل مقتبس عن نص "الملك لير" لشكسبير، ويتواصل لمدة ثلاث ساعات، حيث مزج المؤذن الكوميديا بأحد أشهر النصوص التراجيدية في تاريخ المسرح وحوّله إلى نص ناقد لواقع السلطة في المجتمع التونسي اليوم.

من العروض المشاركة أيضاً الإيطالي "التياترو كوميكو" للمخرج روبرتو لاتيني، وهو عمل عن المسرح نفسه وما مرّ به من منتصف القرن الثامن عشر حتى العشرين، مستعرضاً تجارب بيراندلّو وآرتو وبيكيت وبنتر ويونسكو ومولر.

يذكر أن برنامج العروض يتضمّن عرض كوريغرافيا إيطالي بعنوان "ستيل و كودوكو" لدانيالي نينارلو.

المساهمون