"اليمن السعيد" تعيس و"أرض الجنتين" تأكل مما لا تنتج

05 اغسطس 2015
الدمار والفقر والبطالة مؤشرات حزينة في اليمن اليوم (Getty)
+ الخط -
يحكي التاريخ أن الرومان من أطلقوا على اليمن مسمى "العربية السعيدة"، ويُقال إن هذا الوصف لم توصف به أية أرض أخرى، ويعود سبب هذه التسمية وفقاً لكتب التاريخ لوجود السدود ووفرة المياه في اليمن وأراضيها الزراعية الخصبة.

الباحث محمد سيف الحميري يقول لـ "العربي الجديد" إن اليمن كانت ولا تزال بلداً غنياً بالموارد، كما أن شهرتها الحضارية ووفرة المياه والمساحات الخضراء والطبيعة الخلابة والأراضي الخصبة، كل ذلك جعلها آنذاك أرض العرب الأولى وسُميت "اليمن السعيد"، ويتابع الحميري: "عُرفت اليمن أيضاً بأرض اليُمن والبركة جراء إنتاجها لمختلف المنتجات الزراعية المختلفة، إضافة إلى إنتاج مواد كانت تستخدم في الطقوس الدينية منها البخور واللبان وغيرها من المنتجات".

اقرأ أيضا: 2650 مرفقاً يمنياً مدمراً... والاقتصاد في شلل عام

اليوم لم تعد اليمن أرضاً "سعيدة"، حيث يتزايد عدد الفقراء، وتتسع رقعة البطالة، ويقول الباحث محمد الحميري: "هذا البلد الذي يعاني ما يقارب 60% من أبنائه الفقر المدقع فقد السعادة وأصبح الشقاء عنواناً له، خاصة في ظل الحرب الأهلية التي تدور حالياً، والتي تسببت في إيقاف شبه كامل لأنشطة القطاع الخاص ليتولد عن ذلك تسريح ما يزيد عن 3 ملايين عامل. ويتصاعد معدل البطالة التي من المتوقع أن يصل خلال العام الحالي إلى 65% من القوى العاملة، ويتطلب هذا الأمر قيام دولة قادرة على فرض النظام والقانون ومحاربة الفساد وإعادة ضبط بوصلة التنمية في الاتجاه الصحيح".

"أرض الجنتين" هي اليمن، كما وصفها القرآن الكريم، باتت اليوم لا تأكل مما تنتج، حيث تستورد ما نسبته 86% من احتياجات البلد من القمح، وتتضاءل كمية الإنتاج المحلي من الحبوب إلى ما نسبته 14% وهي كمية لا تغطي احتياجات الاستهلاك المحلي لمدة شهرين فقط، كما تتراجع مساهمة القطاع الزراعي من الناتج القومي إلى 10.5%، وهو ما أثار المخاوف الدولية من تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن خاصة في ظل استمرار الصراع والحروب التي تسببت في عزل اليمن عن العالم لتدخل اليوم في أزمة غذاء حادة.

اقرأ أيضا: المستقبل المجهول: انهيار اقتصادي غير مسبوق في اليمن

من جانبه، الخبير الاقتصادي محمد سعيد ظافر يؤكد لـ "العربي الجديد" أن "اليمن السعيد" ليست وهماً اقتصادياً إذا ما توفرت السبل لتحقيق هذه السعادة، ويصبح ذلك وهماً اقتصادياً إذا ما بقيت الأمور على ما هي عليه الآن. ويشير ظافر إلى أن ما تحتاج إليه اليمن الآن هو وقوف المجتمع الإقليمي والدولي بجانبها لتضع أقدامها على طريق التنمية، ويضيف: "اليمن تمتلك العديد من الثروات التي ستحقق لها السعادة لتصبح اليمن السعيدة، وهذه الموارد إلى الآن لم تستغل بطريقة مُثلى، وما تحتاج إليه هو الإدارة السليمة لهذه الموارد، إضافة إلى الاهتمام بالجانب الاقتصادي في أجندة الدولة".

ويتطرق الخبير الاقتصادي محمد ظافر إلى أهمية تحقيق الأمن من أجل التنمية، ويتابع: "بدون توفير الأمن والاستقرار فإن وضع البلد سيظل كما هو عليه بل إن الأوضاع ستزداد سوءاً، ولا يمكن لرؤوس الأموال أن تستثمر في اليمن، كما أن المنظمات والدول المانحة لا يمكن أن تقدم شيئاً للبلد، وسيصبح مصطلح "اليمن السعيد" مجرد وهم اقتصادي ونوع من التفاؤل الذي لا يقدم شيئاً.

اقرأ أيضا: حرب اليمن تولّد أزمة إغاثية جديدة

ما تعيشه اليمن في وقتها الراهن من أزمات اقتصادية يجعل خبراء الاقتصاد يطالبون بضرورة الاهتمام بالقضية الاقتصادية ودعم الخطط والدراسات الكفيلة بحلحلة الواقع نحو الأفضل، خاصة أن البلد يمتلك مقومات النهوض الاقتصادي من موارد في الجانب الزراعي والسمكي والحيواني والصناعي والاستثماري والسياحي وغيره. وتواجه اليمن حالياً تدهوراً كبيراً في مختلف القطاعات جراء الفساد المستشري منذ عقودٍ طويلة، حيث تعاني مختلف الموارد، التي من أبرزها المياه والنفط، الاستغلال الجائر من قبل الحُكام، الأمر الذي جعل هذه الموارد وغيرها غير قادرة على المساهمة في بناء الاقتصاد.
دلالات
المساهمون