تحت عنوان "الهيمنة على الحشائش" ينطلق المعرض الذي تنظمه "مؤسسة عبد المحسن القطّان" في رام الله في الأول من أيلول/ سبتمبر المقبل، وهو من فكرة وإشراف القيّم يزيد عناني، بمشاركة مجموعة من الفنانين جسّد كل منهم من خلال عمله الفني بذرة من بذور فلسطين التي قضى عليها الانتداب البريطاني بوصفها حشائش ضارة، رغم أنها لم تكن كذلك.
وبحسب بيان المعرض، فإن السياسات الزراعية التي طبقت في تلك الحقبة تسببت في التحوُّلِ الحاصلِ في فهمِ الغطاء النباتي الفلسطيني، ومواطنه البيئية عبر التاريخ، وعلاقته بحياة الفلسطينيين، وبخاصة مع ظهور الصناعات الزراعية المبكرة خلال الانتداب البريطاني، وبدء عمليات الزراعة المكثفة للمحاصيل.
وفقاً للقائمين على "الهيمنة على الحشائش" فإن التاريخ الطويل للمُمارسات الزراعية المستدامة في فلسطين مرّ بتحول كبير نتج عنه اهتمام بتلك النباتات التي لا تُعطي، بالضرورة، منفعةً اقتصاديّةً، أو زراعيةً متخصصة، بل كان هناك اهتمامٌ بالنباتات التي تُستخدم لأغراضٍ أخرى مثل الاستخدامات الطبية، والفلكلورية، ولأغراض الخرافات والشعوذة، والاستعمالات الأخرى في الحقل (كالتكاثر، وطرد الحشرات، والتغذية، وغيرها)، وتُعتبر هذه الاستعمالات غير متلائمة مع القيم الصناعية الجديدة، المبنية على المنفعة الاقتصادية.
قام علم تصنيف النباتات الغربي فجأة بتصنيف الكثير من هذه الأجناس المحلية كأعشاب ضارة، بحيث تمّ إدخال المبيدات والأساليب الجديدة الأخرى لمكافحتها، إضافة إلى الحملات والنشرات التوعوية. وكان لهذا المنعطف التاريخي تبعات ما زالت أصداؤها تتفاعل حتّى يومنا هذا. كما اقتصرت معرفة النباتات، كجزء من هوية شعب فلسطين جغرافيتها، على الجوانب المتعلقة بمنافعها.
يقوم المعرض على أعمال ثلاثة وثلاثين فناناً أخذ كل منهم بذرة من بذور هذه الحشائش التي صنفها الانتداب ضارّةً، وقام كل فنان بالاعتماد على رسوم توضيحية بإعادتها حية إلى الذاكرة من خلال العمل الفني، حيث حصل القائمون على المعرض على هذه الرسوم التوضيحية بالعودة إلى أرشيف المعرض الزراعي المتنقل الذي أقيم في العام 1940.
طُلب من كلِّ فنانٍ أن يتفحَّصَ العشبة بين يديه عبر تشريحها تشريحاً دقيقاً، ومن ثمَّ يُحوِّل البذرة إلى منحوتة. كما درس كلِّ فنان "عشبته الضارة" بهدف إنجاز هذه المنحونة التي من شأنها أن تُقوِّضَ القيمة التي أسبغتْها الصناعة البريطانية على البذرة إبان الاستعمار، وتُحوِّلَها إلى قيمةٍ أخرى أكثر شخصية، أو شاعرية.
يشارك في المعرض الفنانون ألكسندرا صوفيا حنظل، وإيناس حلبي، وبشار الحروب، وتيسير بركات، وجمانة وإميل عبود، وجمانة مناع، وجواد المالحي، وحنا قبطي، وخالد جرار، وديما حوراني، وديما سروجي، ورأفت أسعد، ورندا مداح، ورونين زين، وسليمان منصور، وشذى صفدي، وعاصم ناصر، وعامر شوملي، وعايد عرفة، وعبد الرحمن الجولاني، وعريب طوقان، وعلاء أبو أسعد، وعلا زيتون، وعيسى غريّب، وفيرا تماري، ومجد عبد الحميد، ومحمد أبوسل، ومنال محاميد، ومهدي براغيثي، وميرنا بامية، وناصر سومي، ونبيل عناني، وهيثم حداد.
يذكر أن المعرض يتضمن أيضاً كتاباً يحتوي على النصوص والترجمات، إضافة إلى المواد الواردة في الأبحاث التي أجراها الفنانون، والكتاب والباحثون.