"الهرمينوطيقا": ضمن محاولات التأصيل العربية

30 أكتوبر 2019
جان بيار بنسمين/ فرنسا
+ الخط -

بعد أن كانت لقرون طويلة تمثّل فرعاً من العلوم الدينية الكنسية في تفسير الكتاب المقدّس، بدأت الهرمنوطيقا، أو التأويليات بحسب ترجمة بدأت تُتداول عربياً، منذ القرن التاسع عشر مع الفلاسفة الألمان في اجتراح طريق جديد لتصبح بعد عقود قليلة - من مطلع القرن العشرين وإلى اليوم - أحد أبرز الحقول المعرفية؛ حيث باتت تتطرّق للفن والنصوص الأدبية والعلوم والصحافة وغيرها من مجالات الحياة.

تأصيل الهيرمنوطيقا أصبح انشغالاً عربياً بارزاً في العقود الأخيرة، وهو انشغال افتتحه بالخصوص المفكر المصري الراحل نصر حامد أبوزيد واشتغل على تأصيله النظري المفكر حسن حنفي، ليجد امتداداته اليوم في أعمال باحثين عدة منهم: محمد محجوب في تونس، ومحمد شوقي الزين في الجزائر، ورسول ومحمد رسول في العراق.

ضمن محاولة التأصيل هذه يمكن إدراج أمسية تستضيفها مساء اليوم "مكتبة مصر الجديدة" في القاهرة وتنظمها جمعية "الرواق الفلسفي". الأمسية ستكون عبارة عن نقاش مفتوح بين الحاضرين، يديره الباحث المصري عماد العادلي، وسيكون منطلقه موضوع الهرمينوطيقا ضمن تاريخ الفلسفة الطويل.

يطرح واقع التأويليات في العالم العربي اليوم أكثر من سؤال، بداية بأدواته، فهل ينبغي النهل من الخطوات العملاقة التي حقّقها غرباً، أم ينبغي إعادة بنائه من خلال رؤية عربية معاصرة، واشتغال على مدوّنة تختلف تماماً عن تلك التي انهمك فيها الباحثون في الثقافات الأوروبية.

وهنا ربما تجدر الإشارة إلى أن مجال تطبيق التأويليات في العالم العربي يكاد ينحصر اليوم في النص التراثي، وهي مفارقة على خلفية أن الهرمينوطيقا الحديثة انبثقت من القطيعة التدريجية مع النصوص القديمة، دون أن يخفى بأنها تظل في النهاية وسيلة لإعادة فهم ما كان تراثياً أو حداثياً على حد السواء، وتسهيل التعامل الفكري معه، ثم الاستفادة منه لقراءة ما يحدث في الحاضر.


المساهمون