"النمر" فالكاو و "سيرك" ريال مدريد

01 سبتمبر 2014
الكولومبي فالكو في الدوري الإنجليزي (Getty)
+ الخط -

صُدمت جماهير ريال مدريد مجدداً بعدم التعاقد مع الكولومبي، راداميل فالكاو، لاعب موناكو الفرنسي مع انتهاء سوق الانتقالات الصيفية، خاصة في ظل علاقة "الحب والكره" التي تربط مشجعي "الـميرينجي" بالفرنسي كريم بنزيمة مهاجم الفريق، ورغبة "النمر" المعروفة، ولكن غير المعلنة صراحة، باللعب في صفوف "الملكي".

ولم تتوقف وسائل الإعلام منذ ثلاثة مواسم عن ربط فالكاو بريال مدريد، خلال فترات الانتقالات الصيفية والشتوية، في ظل عدم قناعتهم التامة بمن شغلوا أو لا يزالون يشغلون هذا المركز في الفريق، سواء أكان الأرجنتيني جونزالو هيجواين أو بنزيمة أو ألفارو موراتا، ولكن الصفقة دائماً لا تبرم، حتى بعدما رحل اللاعب عن صفوف أتلتيكو نحو موناكو، في صفقة اعتبرها البعض أنها كانت ستكون بمثابة "البوابة الخلفية" نحو دخول "النمر" الكولومبي إلى "سيرك الريال".

سيناريو الـقط والكلب
توجد عدة أسباب ربما تقف خلف تأزم الصفقة التي توقّعها عشاق "الملكي" في كل موسم دون أن تتحقق، وأولها ما يعرف باسم "سيناريو القط والكلب"، الذي حدث إبّان حقبة المدير الفني السابق للريال ومدرب تشيلسي الإنجليزي الحالي، البرتغالي جوزيه مورينيو، عندما كان النادي "الملكي" يضمُ رأسي حربة يعتبران من الفئة الأولى في هذا المركز، هما بنزيمة وهيجواين.

لم يكن مورينيو في البداية راضياً عن بنزيمة، ولديه قناعة أكبر بهيجواين، إذ وصف الأخير، في مؤتمر صحافي شهير، بأنه "شرس مثل كلب الصيد" في انتهازه للفرص، واللاعب الفرنسي بأنه مثل "القطة"، وأحتدم التنافس بين الاثنين في ظل وجود كثير من الجدل الإعلامي حول أيهما أصلح، ولماذا لا يلعب "الريال" برأسي حربة معاً، ولكن الأمر انتهى برحيل النجم الأرجنتيني وبقاء الفرنسي.

في وقت يتعلق فيه الأمر، في أحد جوانبه، بكون "الريال" لا يرغب في تكرار هذه التجربة، ويدور في عقل رئيس النادي، فلورنتينو بيريز، أنه لا حاجة الآن إلى رأس حربة من الطراز الأول، فأرقام بنزيمة مع الفريق، على الرغم من هفواته وإهداره الفرص، مقبولة نسبياً، فهو منذ انضمامه إلى الريال في موسم 2009-2010 سجل 112 هدفاً في 240 مباراة.

كريستيانو رونالدو ولعبة الاحتمالات
سواء تعلق الأمر بمورينيو أو أنشيلوتي، فإن خطة كل منهما دائماً ما ترتبط بالبرتغالي كريستيانو رونالدو، نجم ريال مدريد الذي لطالما كان مؤهلاً للعب، وغالباً ما يكون "صاروخ ماديرا" هو المحطة الأخيرة في مواجهة المرمى، وبنزيمة، على الرغم من إهداره كثيراً من الفرص، إلا أن تحركاته التي يقوم بها داخل المنطقة وخارجها تساهم في تسهيل هذا الدور بالنسبة للـ"دون".

في المقابل ليس من الغريب أن يدافع مورينيو عن بنزيمة بعد أن تحول في وجهة نظره من "قط" إلى "أسد"، بعد السيناريو الشهير مع هيجواين، وأن يكرر أنشيلوتي في الموسم الماضي الأمر نفسه حينما تعرض لهجوم من الصحافة الإسبانية، في ظل مطالبتها بأن يكون موراتا، لاعب يوفنتوس الإيطالي حالياً، هو مهاجم الفريق الأول، حيث رد "دور بنزيمة لا يتعلق فقط بتسجيل الأهداف، إنه يلتزم بالتعليمات التي أطلبها منه، على أكمل وجه، هجومياً، وأيضاً في النواحي الدفاعية".

في وقت قد يختلف فيه الوضع مع فالكاو، حيثُ لا يمكن القول بأن إضافة النمر الكولومبي إلى هجوم "الريال" ستكون سيئة، لكن ذلك سيتطلب تغييراً تكتيكياً، والتغيير التكتيكي يتطلب الوقت، وهذا الأمر قد لا يروق لكريستيانو رونالدو وأيضاً لأنشيلوتي الذي سبق ورد على أسئلة الصحافيين بخصوص عدم إشراكه لكريستيانو في مركز رأس الحربة الصريح باستمرار، بقوله "سأكون مجنوناً لو غيرت مركز لاعب يسجل لفريقه 50 هدفاً في الموسم".

وفالكاو أيضاً ليس معتاداً على أن يكون محطة للتحضير، أو مكلفاً بكثير من المهام الدفاعية، إذ دائماً ما يكون المحطة الأخيرة، ووصوله للريال ربما يعني تغير الوضع، والتغيير يحتمل عواقب سيئة وجيدة.

إنها لعبة الاحتمالات، الخطوة التي ربما لا يرى أنشيلوتي، أو فلورنتينو بيريز، داعياً لها في الوقت الحالي، خاصة بعد خروج تشابي ألونسو نحو بايرن ميونخ، والأرجنتيني أنخل دي ماريا نحو مانشستر يونايتد الإنجليزي، وعدم وجود مردود مقنع من جيمس رودريجز في الملعب حتى الآن، يُضاف إلى ذلك أن تغييراً بهذا الثقل ربما يربك الأمور لفترة، ويضيف المزيد من المشاكل بالنسبة لـ"كارليتو" 

ركبة النمر ودكة البدلاء
من ضمن العوامل الأخرى التي ربما تكون أهدرت حلم جماهير الريال بانضمام فالكاو إلى النادي "الملكي"، الإصابة التي تعرض لها اللاعب، في الموسم الماضي، في الركبة، وأجبرته على الخضوع لجراحة، مما تسبب في عدم مشاركته مع منتخب بلاده في كأس العالم 2014 في البرازيل.

والسبب الرئيسي وراء سعي الريال إلى التعاقد مع رأس حربة ثان ليس العقم التهديفي للفريق، فالأهداف تأتي وبغزارة، حتى ولو لم تكن عن طريق بنزيمة نفسه، بل الحاجة إلى وجود مهاجم من الفئة الثانية يقبل الجلوس على الدكة، ليكون عامل ضغط على اللاعب الفرنسي لإخراج أفضل ما لديه، وليس الإطاحة به من التشكيل الأساسي، أو حل أي أزمات ممكنة إذا ما تعرض بنزيمة للإصابة، أو كانت هنالك حاجة للعب برأسي حربة في أحد المبارايات.

ولا يحتاج الوضع الآن، بالنسبة لفلورنتينو، إلى فالكاو، بل رأس حربة من طراز المكسيكي تشيتشاريتو، مهاجم جيد وسيقبل الجلوس على الدكة، ولن يكلف خزينة النادي كثيراً من الأموال خاصة بعض ما أنفق بالفعل في صفقات الألماني توني كروس، ورودريجز، والكوستاريكي كيلور نافاس.

في وقت ربما يكون عقل فلورنتينو أجبره على عدم التعاقد مع فالكاو، المهاجم العالمي الفريد من نوعه، خشية من تجدد الإصابة أو انخفاض مستواه، خاصة وأن المبلغ الذي سيدفعه الريال من أجل الحصول على خدمات اللاعب لن يكون قليلاً.

وربما يكون رهان الريال انتظار ما سيقدمه اللاعب هذا الموسم مع مانشستر يونايتد، وهل سيستمر في التألق؟ وهل، من الناحية الأخرى، سيستمر بنزيمة في أداء مهامه؟ أم هل سيفشل ليصبح لاعباً لا يقدر على تنفيذ مهامه الرئيسية والفرعية فتصبح الحاجة للنمر الكولومبي ملحة أكثر؟

ربما يندم الريال كثيراً إذا ما نجح فالكاو بشكل كبير وتألق معه، حينها ستكون فرصة إتمام الصفقة المرجوة باتت معدومة، وسيكون "سيرك الريال" فقد إلى الأبد "مفترساً" يصعب الحصول على مثله في السوق الكروي.

المساهمون