تتعدّد الدراسات الأكاديمية الرصينة التني تتناول أسباب اللجوء الفلسطيني وتحوّلاته في البلدان التي استقّر فيها والأشكال المكانية الجديدة للتفاعل وتاثيراتها على الهوية، إلى جانب الإصدارات التي حاولت أن توثّق حكايات اللاجئين خلال أكثر من سبعين سنة مضت.
يجمع الباحث شفيق ناظم الغبرا في كتابه "النكبة ونشوء الشتات الفلسطيني في الكويت" الصادر حديثاً ضمن سلسلة "ذاكرة فلسطين" عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" بين أدوات البحث العلمي ومنهجيته في التعامل مع الوقائع التي تعامل معها وبين كتابة سردية بلغة وأسلوب يقتربان من السيرة.
يقيم "المركز العربي للأبحاث ودراسات التنمية" في عمّان ندوة نقاشية عند السادسة من مساء الثلاثاء المقبل، السادس والعشرين من الشهر الجاري، يتحدّث خلالها أستاذ القانون الدولي أنيس القاسم والأكاديمي أحمد سعيد نوفل والكاتب نفسه، بينما يدير الندوة الباحث عبد الله البيّاري.
يؤرخ ويحلل الغبرا مراحل الشتات الفلسطيني في الكويت، باعتباره عينة مماثلة لتغيرات الشتات الذي أنتجته نكبة 1948، باعتبارها حدثاً مؤسساً، ليس فقط في التاريخ الفلسطيني إنما على مستوى الهوية والوعي، فيشير إلى أن العائلة الفلسطينية ستتطوّر في قلب هذا الشتات بصفتها منظومة عابرة للأوطان، حيث أدّت الحوادث الفريدة التي عصفت بالفلسطينيين إلى تشتّتهم وأثّرت في العائلة، فاستقرّت في مجموعات في بلدان الشتات المختلفة.
ويرى أن "تحوّل العائلة الموسَّعة كياناً عابراً للأوطان، مشتَّتاً في أنحاء الشرق الأوسط المختلفة وفي أفريقيا وآسيا والعالم الغربي، جعل الحفاظ على تضامنها تحدياً كبيراً، ففي العائلة الفلسطينية منذ عام 1948 سوف يتطوّر وضع جديد. كل عضو في هذه العائلة سيحمل أوراقاً ثبوتية مختلفة، ما يعني جنسيّة مختلفة بعد مدة من الزمن. في العائلة العربية يصعب بشكل خاص على الأهل الانفصال عن أبنائهم وبناتهم البالغين، لكن في الحالة الفلسطينية أصبح الابتعاد والسفر والبحث عن الفرص والتشتت في بلدان العالم هو الأساس".
كما يتناول الغبرا الديناميات الاجتماعية وأشكال البقاء، من خلال شبكات العائلة الفلسطينية بعد عام 1948، ويحاول أن يشرح الوظائف والأنماط السلوكية التي تظهر لدى الشبكات العائلية الفلسطينية في الكويت وفي العالم العربي، وأن يحلّل العلاقة بين هذه الشبكات والقرى والمدن التي انبثقت منها في ظلّ امتداداتها في بلدان أخرى وفي الأراضي المحتلة. فقد أصبحت العائلة الفلسطينية بعد عام 1948 عالماً معقَّداً من العلاقات والشبكات المتفاعل بعضها مع بعض ومع البيئات التي وفدت إليها، واتّبعت كل عائلة استراتيجيات وظّفت العلاقات الممكنة كلها لتعزيز قدرتها على الصمود في وجه اللجوء، وعبر القيام بذلك، أدّت العائلة الفلسطينية دوراً مركزياً في بقاء الفلسطينيين كمجموعة.