وكان التجمّع، وهو واحد من مكونات تحالف "الحرية والتغيير" الذي أطاح نظام الرئيس المعزول عمر البشير، قد دعا إلى مؤتمر صحافي، غداً الأحد، لإعلان الأسماء في خطة أحادية لم تتفق عليها بقية المكوّنات الثلاثة: "نداء السودان"، وقوى "الإجماع الوطني" و"التجمع الاتحادي"، ما أشاع تكهنات بوجود خلافات وسط تحالف المعارضة السودانية.
وقالت مصادر "العربي الجديد" إنّه تجاوزاً للخلافات داخل تحالف "الحرية والتغيير" رضخ تجمع "المهنيين السودانيين" لرأي بقية مكونات التحالف، وأجّل موضوع إعلان أسماء مجلس السيادة ومجلس الوزراء والبرلمان، بعدما أعدّ قوائم غير متفق عليها.
وأوضحت المصادر أنّ تحالف "الحرية والتغيير" وصف خطوة التجمّع بـ"المتعجلة"، "ولا سيما أنّه حتى الآن لم يحدد عدد أعضاء المجلس السيادي، ولا الوزارات وماهيتها، بالتالي من المستحيل إعلان شاغريها"، وفق المصادر.
إلى ذلك، قال عمر الدقير، رئيس وفد الاتصال من جانب تحالف "الحرية والتغيير"، لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، إنّ التحالف "ينتظر ردّ المجلس العسكري حول المقترحات التي تقدّمنا بها الأربعاء الماضي، بشأن هياكل الحكم خلال الفترة الانتقالية".
ونفى الدقير "وجود أي اتصالات حالياً مع المجلس العسكري"، نافياً أيضاً في الوقت عينه "وجود أي خلافات داخل صفوف تحالف الحرية والتغيير، التي تعمل في انسجام كامل في ما بينها"، كما قال.
وحول قرارات الإعفاء والتعيين من قبل المجلس العسكري الانتقالي في اليومين الماضيين، قال الدقير، الذي يرأس حزب "المؤتمر السوداني"، إنّ "بعض تلك القرارات تصبّ في الاتجاه الصحيح، لكن كان من الأنسب أن تترك للحكومة المدنية المقترحة، أو أن يتم التشاور حولها مع تحالف الحرية والتغيير".
وأضاف أنّ "هناك مطلباً أساسياً لم يتحقق بعد، هو الإعلان رسمياً عن أسماء رموز نظام الرئيس المعزول عمر البشير الذين جرى اعتقالهم"، مبيّناً أنّ "كل ما يرد في هذا الخصوص حول الاعتقالات هو اجتهاد من وسائل الإعلام".
وفي وقت لاحق، اليوم السبت، قال القيادي في "تحالف الحرية والتغيير" صديق يوسف، لـ"فرانس برس"، إنّ "المجلس العسكري سيعقد مباحثات مع التحالف، اليوم، عند الساعة الثامنة مساء (18:00 بتوقيت غرينتش)".
وصرّح أحمد الربيع لوكالة "فرانس برس" بأنه "سيتوجه خمسة من ممثلي التحالف اليوم إلى المجلس العسكري ليناقشوا معه نقل السلطة إلى الحكم المدني". وقال إنّه إذا رفض المجلس تسليم السلطة، فسيواصل قادة الاحتجاجات خطتهم بإعلان "مجلس مدني سيادي"، غداً الأحد.
وأضاف "إذا كانوا مستعدين للتفاوض، فهناك فرصة لتأجيل إعلان الغد". ثم مضى قائلا: "ما نريده منهم هو جدول زمني لتسليم السلطة حتى لا تطول الأمور". وقال إنّه منذ إطاحة البشير، أجرى المجلس العسكري جولتين من المحادثات مع قادة الاحتجاجات، مضيفاً "خلال هذه المحادثات شعرنا بأنّ المجلس العسكري ليست لديه رغبة في تسليم السلطة".
في غضون ذلك، يواصل آلاف السودانيين، اليوم السبت، اعتصامهم في محيط القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم، للضغط على المجلس العسكري الانتقالي من أجل تنفيذ جملة من الشروط لإكمال مطالب الثورة السودانية، وعلى رأسها تسليم الحكم لسلطة مدنية.
ودخل الاعتصام حول محيط قيادة الجيش، اليوم السبت، أسبوعه الثالث، بعد بدايته في 6 إبريل/ نيسان الجاري، ونجاحه في الضغط لإطاحة نظام البشير في 11 من الشهر ذاته، كما أجبر رئيس المجلس العسكري عوض بن عوف على الاستقالة، بعد يوم واحد من تنصيب نفسه رئيساً للمجلس، ليحلّ بدلاً منه الفريق الأول عبد الفتاح البرهان.
الاتحاد الأفريقي يدعو إلى "التوافق"
وسط هذه الأجواء، اجتمع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، الذي وصل إلى الخرطوم اليوم السبت، مع رئيس اللجنة السياسية بالمجلس العسكري الانتقالي عمر زين العابدين، كما اجتمع بقيادات "تجمع المهنيين السودانيين".
وخلال اللقاء مع زين العابدين، والذي عُقد بالقصر الجمهوري في العاصمة الخرطوم، قال فكي إنّ "السودان دولة محورية في أفريقيا، والاتحاد الأفريقي يتفهم الثورة الشعبية والدور الأساسي الذي لعبته القوات المسلحة فيها"، حسب بيان صادر عن المجلس.
وأضاف: "من المهم بذل الجهود لتقريب وجهات النظر"، مشدداً على أنّ "التوافق بين الأطراف السياسية السودانية على مرحلة انتقالية يعد أمراً أساسياً".
كذلك تطرق اللقاء "لدور الاتحاد الأفريقي في مساعدة السودان لتمكينه من عبور هذه المرحلة المهمة من تاريخه السياسي"، وفق البيان. من جانبه، قال زين العابدين إنّ مهمة المجلس العسكري الانتقالي تتمثل في "تهيئة المناخ لتولي القوى السياسية الحكم بالبلاد بطريقة سلمية وديمقراطية".
بدوره، أكد محمد يوسف أحمد المصطفى، القيادي في "تجمّع المهنيين السودانيين"، التزام التجمّع "بتنفيذ مطالب الجماهير التي رفعتها في تظاهرات واعتصامات لمدة 120 يوماً والمتمثلة في تغيير النظام البائد جذرياً".
وقال، حسبما أوردت وكالة السودان للأنباء، إنّ "التجمع طرح على رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ضرورة انتقال السلطة للقوى المدنية التي قادت عملية التغيير، والتي تتكون من الشباب والنساء والقوى السياسية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني، وذلك لضمان تنفيذ البرنامج المعلن وتحويل شعارات الجماهير إلى واقع".
وأوضح المصطفى أنّ "فكي أعرب عن قلقه بشأن الوضع في السودان، وصعوبة التوافق بين القوى السياسية لحل الأزمة، ولكنه أكد في الوقت عينه أنّ السودانيين حققوا بالحراك الشعبي أقصى درجة ممكنة من التوافق، باعتبار أنّ الحراك يضم كافة شرائح المجتمع السوداني من كل الجهات بمختلف ألوانهم وتكويناتهم ومعتقداتهم وتوجهاتهم".
وقال المصطفى إنّ "المدة التي اقترحها التجمّع بشأن الفترة الانتقالية ليست طويلة، باعتبار أنّ هناك العديد من القضايا المعقدة تتطلب المعالجة؛ وهي تتمثل في قضايا الحرب والسلام، والتي ستفضي إلى معالجة قضايا أخرى مثل الاقتصاد والعلاقات الخارجية والحريات".
وأكد أنّ "الفترة الانتقالية لا بد أن تحكمها كفاءات لا تستند إلى ولاءات حزبية"، مضيفاً أنّ "تجمع المهنيين ليس طالب سلطة ولا يريد الحكم، وإنّما يرغب في وضع يمكّن كل المهنيين من خدمة المجتمع السوداني بالطريقة المثلى".
وأوضح أنّ "التجمع أكد لفكي أنّه لا يؤمن بإقصاء الآخر، لأنّه تيار يؤمن بالحرية والديمقراطية؛ ولكنه اشترط على قادة حزب المؤتمر الوطني (حزب البشير) إن أرادوا المشاركة في المستقبل تبرئتهم من أي تهم أو جرائم أمام القضاء".
وفي وقت سابق السبت، وصل فكي إلى الخرطوم، في زيارة رسمية تستغرق يومين، يجري خلالها عدة لقاءات مع أعضاء المجلس العسكري السوداني، والقوى السياسية بالبلاد.
وكان الاتحاد الأفريقي قد أمهل في 15 إبريل/ نيسان الجاري المجلس العسكري الانتقالي 15 يوماً لتسليم الحكم إلى سلطة مدنية، محذراً من تعليق عضوية السودان في الاتحاد إذا لم يتحقق ذلك.