"المناشير".. هكذا يلاحق الاحتلال نشطاء المقاومة الفلسطينية

11 يناير 2018
الاحتلال يحاول نسف التماسك الفلسطيني (عباس موماني/فرانس برس)
+ الخط -

"إلى سكان الحي، إن استمرار رشق أبنائكم الحجارة على الشارع الرئيسي، يعرضكم للمزيد من الإجراءات العقابية" رسالة باللغة العربية، تحمل طابعاً عسكرياً إسرائيلياً، يتركها معلقة جيش الاحتلال الإسرائيلي عندما ينفذ عمليات اقتحام للقرى والبلدات الفلسطينية، لا سيما تلك القريبة من نقاط التماس، وخطوط مرور مركبات المستوطنين.


آخر تلك المنشورات كانت فجر اليوم الخميس، عندما علق جنود الاحتلال في مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين، وبلدة بيت جالا شمالي مدينة بيت لحم في جنوب الضفة الغربية المحتلة، صورة لشابٍ فلسطيني يتذرع الاحتلال أنه نفذ عملية إطلاق نار باتجاه جنوده، مطلوبٍ لدى أجهزته العسكرية، ويحمل المنشور مكافأة مالية لمن يقدم معلومات عنه.

في المنشور ترك الاحتلال صورة غير ملونة لشاب فلسطيني غير معروف بالنسبة لسكان المخيم، وحتى بلدة بيت جالا، مع وسيلة اتصال عبر موقع التواصل الاجتماعي. وهي ليست المرة الأولى التي يشهد فيها المخيم تعليق جنود الاحتلال لمناشير تهديدٍ، لكنها الأولى التي تحمل صورة ومكافأة مالية.

و"المنشور" هو أمر عسكري، أو تحذير يستخدمه الضابط العسكري الإسرائيلي، أو أجهزة المخابرات، يحمل عبارات تهديد بجمل مقتضبة، ويوقعه قائد المنطقة ويحمل تهديداً ضد مطلوبين، أو راشقي الحجارة، أو نشطاء عادة يشاركون ضد سياسة الاحتلال.

إزاء ذلك، يتعامل النسيج الاجتماعي الفلسطيني في هذه الأيام بوعي أكبر لتفتيت المحاولات الإسرائيلية، بعدما قام شبان في مخيم عايدة بتمزيق تلك المناشير على الفور والتخلص منها، وسد الطرق على الاحتلال والتي يحاول من خلالها الحصول على معلومات من الشبان حول مقاومين مطلوبين لديه سواء بشكل مقصود أو غير مقصود.

ويقول الناشط ريبال الكردي من مخيم عايدة لـ"العربي الجديد" إن "انتماء الشبان في المخيم، يجعل من هذه المحاولة التي يلجأ لها الاحتلال فاشلة، وثمة حالة وعي عند الجميع، إضافة إلى أن الروح النضالية التي يتمتع بها أبناء المخيم، تجعلهم يتجاهلون تلك المناشير".

وبحسب الكردي، "الجميع يدرك أن محاولة الاحتلال الحصول على معلومات حول الشبان والنشطاء بتلك الطرق لا تنجح، ولا يمكن اختراق النسيج الاجتماعي بهذه الطريقة، كونه يتنافى مع المبادئ الوطنية التي نشأت عليها العائلات الفلسطينية، واختراق المخيمات والقرى بهذه الطريقة صعب المنال".


بدوره، رأى الكاتب المقدسي راسم عبيدات "أن الاحتلال الإسرائيلي، وبعد قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، اعتبار القدس الفلسطينية عاصمة للاحتلال، بدأ يستشعر الخطر في ضوء توقف العملية السلمية، لا سيما مع عودة ظاهرة العمليات المسلحة في الضفة الغربية المحتلة، آخرها عملية نابلس قبل يومين، والتي أدت إلى مقتل متطرف إسرائيلي ينشط في مجال توسيع الاستيطان".

وأوضح لـ"العربي الجديد" أن "الاحتلال الإسرائيلي يدرك تماماً أن حدوث مجموعة من العمليات شبيهة بعملية نابلس قد يؤدي إلى تفجر الأوضاع والانتقال من مرحلة الانتفاضة الشعبية إلى سقف أعلى وهذا يشكل خطاً أحمرَ عنده".

وأضاف أن "الاحتلال يلجأ إلى أسلوب التهديد عادة نتيجة لحالة الخوف والهلع من النشاط العسكري، والأمر لا يتوقف عند صورة المطلوب التي علقت في مخيم عايدة، ثمة تهديدات يلجأ إليها الاحتلال عبر المناشير لأهالي القرى الفلسطينية، وهذا الأمر غير مؤثرٍ وغير مجدٍ في الحالة الاجتماعية الفلسطينية الحالية".

تعليق المناشير في القرى والبلدات والمخيمات ليس جديداً على أجهزة المخابرات والحاكم العسكري الإسرائيلي، ويُستخدم بكثرة لتهديد الأهالي جماعياً جراء رشق الحجارة والزجاجات الحارقة، وهي محاولة لردع وتخويف الأهالي عندما يرشق أبناؤهم الحجارة.

ووفقاً للناشط في مجال مقاومة الجدار والاستيطان في بيت لحم، حسن بريجية، فإن مثل هذه المناشير التي تعتبر طريقة قديمة جداً، وفاشلة، يحاول الاحتلال من خلالها ضرب النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وتحويل المعركة إلى معركة داخلية من خلال ما يكتب في المنشور وطبيعة النص الذي يحمله.

وأشار إلى أنه "عادة ما يحاول الاحتلال أن يحدد جهة معينة في منشور التهديد، ومنهم شبانٌ متهمون برشق الحجارة، أو مطلوبون، أو حي معين، أو شارع معين، والغرض منه زرع الفتنة بين الأهالي، وكذلك الحصول على معلومات مجانية، وفرصة متاحة للقبض على المطلوب إن أمكن".

وأضاف "هذه الأساليب غير ناجحة، وتزيد من تماسك المجتمع الفلسطيني الذي يرفض فكرة التعاطي مع الاحتلال، الاحتلال يريد أن يحدث خرقاً داخلياً في المجتمع، لكن التركيبة التي تعيش فيها القرى والبلدات والمخيمات هي متماسكة أيدلوجياً ووطنياً ومجتمعياً، وترفض بكل الطرق التعاطي مع الاحتلال مهما كانت الوسيلة".


يُذكر أن سياسة التهديد والمناشير لم ينجح بها الحاكم العسكري، وضباط المخابرات الإسرائيلية، فعمليات رشق الحجارة في بلدة حزما شرقي مدينة القدس المحتلة واستهداف مركبات المستوطنين متواصلة، رغم تعليق وتوزيع عدة مناشير خلال السنوات الخمس الماضية، وكذلك الحال في بلدة أبوديس جنوب شرقي مدينة القدس المحتلة، وقرية المغير برام الله، ومخيمي الفوار والعروب بمدينة الخليل، وغيرها.

المساهمون