يجلس محمد يومياً في ركن صغير اختاره في المدينة القديمة في تونس العاصمة. في هذا المكان الذي يعج بالناس منذ ساعات الصباح الأولى، يضع أمامه طبقاً من الحلْفاء، ويملأه بأزهار الياسمين والفلّ التي تتسلّل إلى أنوف المارة. كعادته، يرتّب عيدان الحلْفاء بيديه ويصنع حزمة صغيرة. ويضع على كل عود زهرة فلّ، فيحصل في النهاية على شكل دائري، لتكون النتيجة باقات من "المشاميم".
قبلَ 12 عاماً، تعلّم محمد هذه الحرفة. يقول إنه "اختار حرفة الأجداد التي ارتبطت كثيراً بالمدينة العتيقة. كما أن مشاميم الفل والياسمين ترافق جلسات الموسيقى والسهرات الليلية". يضيف "لا يمكن الحديث عن تراث تونس بعيداً عن هذه الحرفة التي تميّزنا". تشتق تسمية "المشموم" من فعل شمّ، وتعدّ صناعة "المشاميم" إحدى أعرق الحرف التقليدية التونسية. هي عبارة عن باقة صغيرة تتكوّن من أزهار الفل أو الياسمين. يهوى غالبية التونسيين رائحتها وبياضها الناصع. وليست صناعة "مشاميم" الفلّ مجرّد حرفة قد يمتهنها كل من يبحث عن مورد رزق. فنظرة خاطفة على أشكالها وأحجامها تظهر أن هذه الحرفة هي فن لا يمكن لأي شخص العمل بها.
رشيد كريم هو أيضاً أحد الحرفيين الذين ورثوا صناعة المشموم عن أجدادهم. يقول "في الصباح، أجمع حبات الفل من المزارع القريبة من محافظة منوبة قرب العاصمة، أو من حدائق البيوت، قبل أن تتفتّح. إذ يصعب حينها صنع مشاميم جميلة". يضيف "في البداية، يتم رش تلك الحبات ببعض الماء حتى لا تذبل. وعادة ما توضع في أطباق صنعت أيضاً من الحلفاء، كي تحافظ حبات الفلّ والياسمين على رونقها طيلة اليوم، ليشعر الشاري وكأنّه قطفها للتو. هي ناعمة الملمس وذات رائحة عطرة".
وعلى مدى قرون، حافظت صناعة "المشاميم" في تونس على التقنيات اليدوية نفسها التي اعتمدها الأجداد، مع إضافة بعض التعديلات في الشكل. ويعشق التونسيون أزهار الفلّ والياسمين، بخاصة في أعراسهم. وكان التجار وأصحاب النفوذ يضعون مشموم الفل فوق الأذن، إذ يرمز إلى العزة والنفوذ. وقد تغنى العديد من الفنانين التونسيين بمشموم الفل والياسمين.
ويقول كريم، وهو يرتب حبّات الفل والياسمين، إنّه "ليس من السهل إتقان هذا العمل الذي يتطلّب الصبر"، مشيراً إلى أن "السائح يقبل على الياسمين والفل بشكل كبير، بخاصة أننا نقدمها في أشكال جميلة وجذابة للغاية".
رفيق السهرات
يتفنن الحرفيون بتزيين "المشاميم". غالباً ما يختارون الألوان الزاهية. يضع البعض في قلب المشموم أزهاراً حمراء أو صفراء أو بنفسجية، أو زهرة القرنفل. وعند حلول الليل، يصبح السير أو السهر في شوارع تونس في غاية الجمال. روائح الفل والياسمين المنتشرة في البيوت والمقاهي وغيرها تعبق في أنوف المارة. يتجول الباعة في كل مكان داخل المدن التونسية، ولا سيما المناطق السياحية لينشروا عطرها أينما حلوا.
في المقابل، لا تكتمل زينة الأعراس التونسية والاحتفالات من دون مشموم الفل. تتزين به العروس، ويتم اختيار حباته بعناية. ويعدّ الفلّ الأغلى ثمناً، ويتجاوز سعر الكيلوغرام أحياناً 25 ديناراً (نحو 17 دولاراً)، فيما لا يتعدى سعر كيلوغرام الياسمين 15 ديناراً (10 دولارات). ويصل سعر المشموم العادي إلى دينار واحد في المناطق غير السياحية، ودينارين في المناطق السياحية. من جهة أخرى، قد يجني بائع المشموم 100 دينار (نحو 75 دولاراً) في اليوم. ويختار بائعو "المشاميم" ارتداء الملابس التقليدية التونسية التي تتلاءم وطبيعة المشموم العريقة.
مهرجان الياسمين
يتنافس العديد من القرى والمدن التونسية التي اشتهرت بـ"المشموم"، مثل رادس وغيرها من المدن الساحلية، لإعداد أجمل باقات الفل والياسمين. ودأبت البلاد منذ أكثر من 20 عاماً على تنظيم مهرجان الياسمين في مدينة رادس في محافظة بن عروس في شهر يوليو/تموز من كل عام.
كذلك، تنظّم محافظة صفاقس مهرجاناً للياسمين منذ 3 سنوات في شهر يونيو/حزيران من كل عام. وتشهدُ كلا المنطقتين خلال هذا المهرجان سهرات ليلية وعروضاً موسيقية ومسرحية. عام 2007، دخلت مدينة رادس التي تنتشر فيها زراعة الياسمين بشكل كبير موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لصنعها أكبر "مشموم" ياسمين في العالم من خلال استخدام أكثر من 23 ألف زهرة ياسمين، و10 كيلوغرامات من نبتة الحلْفاء.
قبلَ 12 عاماً، تعلّم محمد هذه الحرفة. يقول إنه "اختار حرفة الأجداد التي ارتبطت كثيراً بالمدينة العتيقة. كما أن مشاميم الفل والياسمين ترافق جلسات الموسيقى والسهرات الليلية". يضيف "لا يمكن الحديث عن تراث تونس بعيداً عن هذه الحرفة التي تميّزنا". تشتق تسمية "المشموم" من فعل شمّ، وتعدّ صناعة "المشاميم" إحدى أعرق الحرف التقليدية التونسية. هي عبارة عن باقة صغيرة تتكوّن من أزهار الفل أو الياسمين. يهوى غالبية التونسيين رائحتها وبياضها الناصع. وليست صناعة "مشاميم" الفلّ مجرّد حرفة قد يمتهنها كل من يبحث عن مورد رزق. فنظرة خاطفة على أشكالها وأحجامها تظهر أن هذه الحرفة هي فن لا يمكن لأي شخص العمل بها.
رشيد كريم هو أيضاً أحد الحرفيين الذين ورثوا صناعة المشموم عن أجدادهم. يقول "في الصباح، أجمع حبات الفل من المزارع القريبة من محافظة منوبة قرب العاصمة، أو من حدائق البيوت، قبل أن تتفتّح. إذ يصعب حينها صنع مشاميم جميلة". يضيف "في البداية، يتم رش تلك الحبات ببعض الماء حتى لا تذبل. وعادة ما توضع في أطباق صنعت أيضاً من الحلفاء، كي تحافظ حبات الفلّ والياسمين على رونقها طيلة اليوم، ليشعر الشاري وكأنّه قطفها للتو. هي ناعمة الملمس وذات رائحة عطرة".
وعلى مدى قرون، حافظت صناعة "المشاميم" في تونس على التقنيات اليدوية نفسها التي اعتمدها الأجداد، مع إضافة بعض التعديلات في الشكل. ويعشق التونسيون أزهار الفلّ والياسمين، بخاصة في أعراسهم. وكان التجار وأصحاب النفوذ يضعون مشموم الفل فوق الأذن، إذ يرمز إلى العزة والنفوذ. وقد تغنى العديد من الفنانين التونسيين بمشموم الفل والياسمين.
ويقول كريم، وهو يرتب حبّات الفل والياسمين، إنّه "ليس من السهل إتقان هذا العمل الذي يتطلّب الصبر"، مشيراً إلى أن "السائح يقبل على الياسمين والفل بشكل كبير، بخاصة أننا نقدمها في أشكال جميلة وجذابة للغاية".
رفيق السهرات
يتفنن الحرفيون بتزيين "المشاميم". غالباً ما يختارون الألوان الزاهية. يضع البعض في قلب المشموم أزهاراً حمراء أو صفراء أو بنفسجية، أو زهرة القرنفل. وعند حلول الليل، يصبح السير أو السهر في شوارع تونس في غاية الجمال. روائح الفل والياسمين المنتشرة في البيوت والمقاهي وغيرها تعبق في أنوف المارة. يتجول الباعة في كل مكان داخل المدن التونسية، ولا سيما المناطق السياحية لينشروا عطرها أينما حلوا.
في المقابل، لا تكتمل زينة الأعراس التونسية والاحتفالات من دون مشموم الفل. تتزين به العروس، ويتم اختيار حباته بعناية. ويعدّ الفلّ الأغلى ثمناً، ويتجاوز سعر الكيلوغرام أحياناً 25 ديناراً (نحو 17 دولاراً)، فيما لا يتعدى سعر كيلوغرام الياسمين 15 ديناراً (10 دولارات). ويصل سعر المشموم العادي إلى دينار واحد في المناطق غير السياحية، ودينارين في المناطق السياحية. من جهة أخرى، قد يجني بائع المشموم 100 دينار (نحو 75 دولاراً) في اليوم. ويختار بائعو "المشاميم" ارتداء الملابس التقليدية التونسية التي تتلاءم وطبيعة المشموم العريقة.
مهرجان الياسمين
يتنافس العديد من القرى والمدن التونسية التي اشتهرت بـ"المشموم"، مثل رادس وغيرها من المدن الساحلية، لإعداد أجمل باقات الفل والياسمين. ودأبت البلاد منذ أكثر من 20 عاماً على تنظيم مهرجان الياسمين في مدينة رادس في محافظة بن عروس في شهر يوليو/تموز من كل عام.
كذلك، تنظّم محافظة صفاقس مهرجاناً للياسمين منذ 3 سنوات في شهر يونيو/حزيران من كل عام. وتشهدُ كلا المنطقتين خلال هذا المهرجان سهرات ليلية وعروضاً موسيقية ومسرحية. عام 2007، دخلت مدينة رادس التي تنتشر فيها زراعة الياسمين بشكل كبير موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لصنعها أكبر "مشموم" ياسمين في العالم من خلال استخدام أكثر من 23 ألف زهرة ياسمين، و10 كيلوغرامات من نبتة الحلْفاء.