سارع البنك المركزي السوري إلى خفض سعر صرف الليرة في المعاملات الرسمية بنحو 79% بعد أن تهاوت بشكل حاد أمام الدولار في السوق الموازية (السوداء)، فور إعلان الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، عن عقوبات قاسية بحق النظام السوري في إطار "قانون قيصر"، بغية حرمانه من مصادر التمويل.
وتعدى سعر الدولار في السوق السوداء 3000 ليرة، ليعلن "المركزي" في وقت لاحق في بيان نشره على صفحته في فيسبوك عن تعديل سعر العملة السورية، لتصبح 1265 ليرة للدولار لأغراض تمويل الواردات، و1250 ليرة للدولار للحوالات الواردة من الخارج، بينما كان السعر الرسمي المعتمد منذ مارس/آذار الماضي مثبتاً عند 700 ليرة.
وبرر "المركزي السوري" تعديل سعر الصرف بهدف "ردم الفجوة مع سعر السوق الموازية في الظروف الحالية"، مشيرا إلى أن التعديل جاء بعد دراسة المؤشرات الاقتصادية والمعطيات السائدة "بغرض الوصول إلى سعر توازني".
ويقول المحلل الاقتصادي السوري، علي الشامي، إن خطوة البنك المركزي "ناقصة ومتأخرة جداً" إذ كان على السلطات النقدية توحيد سعر الحوالات مع السوق الموازية منذ زمن.
ويضيف الشامي لـ"العربي الجديد" أن " فارق السعر لايزال هائلاً، فمن سيحول عبر القنوات النقدية الرسمية سيخسر ما يقارب ألفي ليرة بكل دولار، ما يعني أن ثلثي الحوالات ستسرقها الحكومة".
وحول إمكانية التحويل من خارج الشركات والمصارف، يشير المحلل الاقتصادي السوري إلى أن في ذلك مجازفة كبيرة وقد امتنعت الشركات عن التعامل في السوق الموازية كما كان سابقاً، لأن عقوبة من يتعامل بغير الليرة، هي السجن لسبع سنوات وغرامة ثلاثة أضعاف المبلغ، وفق مرسوم بشار الأسد "ما يعني خسائر العملة الصعبة وحرمان الأهالي من تحويلات ذويهم".
وبواقع المخاوف والإغلاقات التي تشهدها العاصمة السورية، تتصاعد أسعار السلع المختلفة، ليصل سعر كيلو البندورة (الطماطم) إلى نحو 900 ليرة (0.72 دولار) والبطاطا 800 ليرة، وكيلو الأرز المصري والإسباني إلى نحو 1700 ليرة والسكر أكثر من ألف ليرة وكيلو السمن الحيواني 3500 ليرة.
وتزداد المخاوف من أن يستثمر بشار الأسد العقوبات في إطالة أمد بقائه في السلطة، وفق الخبير الاقتصادي محمود حسين، الذي يرى أن "النظام سيتاجر بجوع السوريين وسيحاول حرف البوصلة وتسويق أن مشاكل السوريين إنما جاءت جراء العقوبات الأميركية".
وكانت الأمم المتحدة قد عبرت أخيراً عن قلقها من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في كافة أنحاء سورية إلى نسب تجاوزت الضعف عن العام الماضي.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك: إن "أكثر من 11 مليون سوري بحاجة حالياً إلى مساعدة إنسانية عاجلة".
لكن أسامة قاضي، رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية، قال في تصريحات لـ"العربي الجديد"، نشرت الثلاثاء الماضي، إن "قانون قيصر لن يمس أي قطاعات لها علاقة بالسوريين، لا أغذية ولا أدوية، بل سيستهدف كل ما يدعم نظام الأسد مالياً أو يساهم في استمرار آلته العسكرية وقتل وتهجير السوريين".
وأضاف قاضي لـ"العربي الجديد" أن " نسبة الفقر في سورية تصل إلى 90 في المائة، إذ لا تعادل الأجور نحو 20 دولاراً شهرياً، في حين كانت قبل الحرب أكثر من 300 دولار، كما أن نسبة البطالة تزيد عن 80 في المائة، لذا هل قانون قيصر الذي لم يطبق بعد هو السبب في تردي تلك النسب؟ أم أن نظام الأسد هو سبب تهديم الاقتصاد السوري وتفقير الشعب"؟